نجاح دورات كأس العالم السابقة التي نظمت في دول أمريكا الجنوبية حفز دول أخرى من القارة على التقدم بنفس الخطوة واستضافة التظاهرة على أرضها،حيث تقدمت كولومبيا لأول مرة لاستضافة الحدث وتم تزكيتها في مؤتمر اللجنة التنفيذية للفيفا في ستوكهولم السويدية يوم 9 جوان 1974، ومع مرور السنين اتضح أن كولومبيا غير قادرة على احتضان حدث من هذا الحجم ومع تأزم الوضعية المالية للبلاد أعلنت السلطات الكولومبية رسميا أنها غير قادرة على الاستضافة وتم سحب التنظيم منها يوم 5 نوفمبر1982. المكسيك أنقذت الموقف وهذه هي أسباب وضع الثقة فيها بعد تراجع كولومبيا،تلقت الفيفا ثلاث طلبات استضافة من كندا والولايات المتحدة والمكسيك ،وفي زيوريخ السويسرية يوم 20 ماي 1986 تم التصويت بالإجماع على المكسيك فيما لم تتحصل كندا وأمريكا على أي صوت ،ويعود هذا لضيق الوقت حيث لم تبق سوى ثلاث سنوات على الحدث وخبرة المكسيك في التنظيم حيث سبق لها أن استضافت الحدث قبل 16سنة ونجحت في رهانها . وفرت 7 ملاعب جديدة مقارنة بدورة 70 بعد أن كانت المباريات في مونديال ميكسيكو 70 مقتصرة فقط على خمسة ملاعب في مدن مكسيكو وبويبلا وليون وغوادالاخارا وتولوكا، أضافت المكسيك سبعة ملاعب أخرى منها ملعب جديد في غوادالاخارا وملعبين في مونتيري، وهو ما يؤكد أن المكسيك كانت على أهبة الاستعداد قبل ثلاث سنوات فقط من انطلاق المونديال. تألق ثلاث منتخبات عربية وهولندا أقصيت في لقاء فاصل انطلقت التصفيات في 1984 بعد عام من الاستنجاد بالمكسيك، وانضمت منتخبات جديدة لأول مرة ليصل العدد إلى 121منتخب، ومن أبرز إحداث التصفيات تألق و تأهل لأول مرة ثلاث منتخبات عربية دفعة واحدة وهي الجزائر التي صعدت على حساب تونس و المغرب بصعوبة كبيرة على ليبيا،والجديد منتخب العراق الذي تألق في منطقة آسيا وتأهل بدوره على سوريا ،أما في منطقة أوروبا فلم تحمل جديد باستثناء الإقصاء غير المتوقع ليوغسلافيا في مجموعة بلغاريا و فرنسا،أما اللقاء البارز والمثير هو لقاء السد الفاصل بين الجارتين بلجيكاوهولندا وصعدت بلجيكا بصعوبة فيما فشلت هولندا للمرة الثانية على التوالي ،أما في أمريكا الشمالية فتأهلت كندا لأول مرة. تغيير جديد في نظام البطولة كعادتها واصلت اللجنة المنظمة للمونديال تغيراتها في نظام المنافسة من دورة إلى أخرى، وهذه المرة في دورة المكسيك وبعد تقسيم المنتخبات 24 المتأهلة على ست مجموعات يتأهل منها اثنين من كل مجموعة إلى الدور الثمن نهائي الذي استحدث لأول مرة في المونديال بالإضافة إلى أفضل أربع فرق احتلت المركز الثالث. سيراكوف حرم إيطاليا من الفوز انطلق المونديال في أواخر شهر ماي بلقاء الافتتاح بين إيطاليا حاملة اللقب وبلغاريا على ملعب الأزتيك أمام حوالي 95 ألف متفرج يوم31 ماي1986 وتوقع المتتبعون فوز سهل لإيطاليا المتقدمة في النتيجة بهدف ألتوبيلي قبل دقيقتين من نهاية الشوط الأول ،وقبل نهاية اللقاء بخمس دقائق نزلت الصاعقة على رؤوس أشبال بارزوت بعدما تمكن البلغار من تعديل النتيجة عن طريق القناص سيراكوف لينتهي اللقاء بالتعادل 1-1،كما افتتح أصحاب الأرض المكسيكيين البطولة بفوز على بلجيكا 2-1 بفضل نجم الريال هوغو سانشيز. الدانمارك والمغرب أبهرا الجميع لم يكن أحد يتوقع الأداء الراقي الذي قدمه منتخبا الدانمارك المشارك لأول مرة والمنتخب المغربي وتصدرهما مجموعتها ،فالمنتخب الأسكندينافي قهر بطل أمريكا اللاتينية آنذاك الأورغواي بنتيجة تاريخية 1-6 وعلى اسكتلندا بهدف نظيف و حققت المفاجأة الأكبر بالفوز على ألمانيا 2-0 ،والمنتخب المغربي بدوره تصدر مجموعة فيها أنجلترا وبولندا وتعادل معهما 0-0 وحقق فوزا كبيرا على البرتغال 1-3 وشرف الكرة العربية عكس المنتخب الجزائري الذي غادر البطولة في المركز الأخير في مجموعته بنقطة وحيدة شأنه شأن المنتخب العراقي الذي لم يصمد أمام جماهير الأزتيك القياسية وانهزم أمام المكسيكوبلجيكا والبارغواي. المنتخبات القوية كلها تأهلت للثمن نهائي بعد نهاية الدور الأول صعدت منتخبات الأرجنتين ،إيطاليا ،المكسيك ،البارغواي،البرازيل،إسبانيا، الاتحاد السوفياتي،فرنسا،الدانمارك ،ألمانيا،المغرب ،أنجلترا ،فيما تأهلت أربع فرق أخرى كأحسن ثالث مجموعة وهي بلجيكا وبولندا وبلغاريا و الأورغواي ،كما شهد الدور الأول غزارة في الأهداف وأثقل نتيجة كانت من نصيب الاتحاد السوفياتي الذي سحق المجر 0-6. مقابلة تاريخية بين بلجيكا والسوفيات وإسبانيا أرجعت الدانمارك إلى الأرض الدور الثمن نهائي شهد مقابلات مثيرة أبرزها لقاء بلجيكا والاتحاد السوفياتي وفازت فيه بلجيكا بعد الوقت الإضافي 4-3 في مقابلة لا تمحى من ذاكرة المونديال، أما المنتخب الدانماركي فبعد أن كبرت أحلامه وأصبح يطمح بالفوز بالكأس فقد اصطدم بمنتخب إسباني أعاده إلى الأرض وهزمه 1-5،ومن جهتهم لم يجد السحرة البرازيليين عناء في المرور للدور المقبل بعد فوزهم العريض على بولندا 0-4،كما خاب أمل المغاربة في تكرار تجربة الجزائر والفوز على ألمانيا لكن ماتيوس كان له كلام آخر بهدف قاتل في الدقائق الأخيرة أرسل به أسود الأطلس إلى الرباط،كما شهد الدور إقصاء الطليان وفشلهم في الحفاظ على اللقب بهد الهزيمة أمام رفقاء بلاتيني 0-2،كما تأهلت أنجلترا على حساب الباراغواي 0-3 والأرجنتين على الأورغواي 0-1. يد مارادونا صنعت الحدث ونهاية جيل سقراط غير المحظوظ لن ينسى عشاق الكرة إلى الأبد المقابلة التاريخية في الربع نهائي بين الأرجنتين و أنجلترا في الأزتيك وما فعله مارادونا يومها سواء بهدفه المسجل باليد أو مراوغته كل لاعبي أنجلترا وتسجيل الهدف في لقاء تأهلت فيه الأرجنتين 1-2، أما الجيل الذهبي للبرازيل والذي صنف كأفضل جيل مهاري في تاريخ السامبا فقد انتهى بخروجه بضربات الجزاء أمام فرنسا بعد التعادل في الوقت الأصلي 1-1 وبضربات الجزاء أيضا تأهلت ألمانيا على المكسيكوبلجيكا على إسبانيا. مارادونا دمر الحصون البلجيكية وفرنسا فشلت في الثأر في النصف نهائي تأهلت الأرجنتين على بلجيكا 0-2 بفضل هدفي أسطورتها مارادونا الذي كسر حصن الحارس بفاف المنيع طيلة الدورة ،وبنفس النتيجة تأهلت ألمانيا على فرنسا وفشل رفقاء بلاتيني في الثأر من الألمان ونصف نهائي الدورة السابقة. التانغو عطل الماكينات الألمانية وعاد بكأسه الثانية النهائي المرتقب بين ألمانياوالأرجنتين لعب يوم 29 جوان بملعب الأزتيك أمام جمهور قدر ب114 ألف، يومها مارادونا لم يسجل لكنه أرهق أشبال المدرب بيكنباور وبعد نهاية الوقت الأصلي بالتعادل تمكنت الأرجنتين من الفوز في الأخير بنتيجة 2-3 وسجل أهداف الأرجنتين براون وفالدانو وبروشاغا وهدفي ألمانيا سجلهما فولر ورومينيغي،وحمل مارادونا على الأكتاف وفي يده الكأس بنفس طريقة بيلي قبل 16 سنة ومن نفس الملعب ليبقى ملعب الأزتيك شاهد على أسطورتين خالدتين. مارادونا الفتى الذهبي لا يختلف اثنان أنه لولا وجود مارادونا لما فازت الأرجنتين بكأس العالم 86 ولما تخطت الدور الأول ،ما فعله مارادونا في دورة المكسيك لن تمحوه السنين فهو من اللاعبين القلائل الذين يقلبون نتيجة المقابلة لوحدهم ويرفعون من قيمة أي تشكيلة مهما كانت متواضعة وما فعله في نابولي خير دليل وحتى تشكيلة الأرجنتين في تلك الدورة لم تكن تملك لاعبين بارزين مثل السابق والفضل يعود له فيما وصلت إليه.