لاعبون رفضوا مصافحة المدرب وآخر حاول رشقه بالحذاء لم يسبق وأن عاشت غرفة تغيير ملابس الخضر حالة من الغليان والتوتر كتلك التي عاشها المدرب الصربي ميلان راييفاتس بعد نهاية مباراة الكاميرون، حيث اختلط الحابل بالنابل وكاد يصل الأمر إلى الاعتداء الجسدي في مشهد غريب. مصدر موثوق من داخل الطاقم المنتخب يروي لنا أجزاء عن مشهد مؤسف سيبقى وصمة عار في جبين الفاف والخضر، ويكشف بالمرة قلة احترافية الكثير ممن نظنهم محترفين، وقلة احترام لاعبينا تجاه ضيف أجنبي، حتى ولو كان سببا في تعثرنا ضد منتخب الأسود. كل شيء بدأ عندما دخل المدرب السابق لمنتخب غانا غرف تغيير ملابس الأفناك بملعب تشاكر فوجد الأجواء مشحونة، لاسيما وأن اللاعبين وطوال الطريق المؤدي من الميدان إلى غرف الملابس كانوا يتبادلون التهم فيما بينهم ويسودهم كثير من الغضب والإحباط، لكنهم يجمعون بأن المدرب هو سبب النكسة كل حسب وجهة نظره. البداية برفض ثلاثة لاعبين مصافحة راييفاتس وفي الوقت الذي كان يستعد فيه راييفاتس للذهاب إلى قاعة الندوات بملعب تشاكر، أين عقد ندوته الصحفية بجانب مترجمه الصربو-سويسري سيفيتش والقائد كارل مجاني، حاول مدرب الخضر تلطيف الجو مع اللاعبين وقال لهم بالإنجليزية " جيد جيد أديتم ما عليكم"… غير أن لاعبينا لاسيما النشطين في إنجلترا ردّوا عليه بعنف :" ليس جيدا ليس جيدا لقد تسببت في تضييع نقطتين ثمينتين ولا تريدنا أن نتأهل إلى كأس العالم"…. و في تلك اللحظات بادر ميلوفان بمصافحة اللاعبين كي يشكرهم على المجهود المبذول فصافح مبولحي ولاعبين آخرين وعندما وصل إلى لاعب ينشط في الكالتشيو الإيطالي رفض هذا الأخير مصافحته، ليتبعه في نفس الخطة لاعب محترف آخر من مواليد ضواحي باريس، فلاعب ثالث يلعب بإنجلترا ثم رد عليه بنبرة الغاضب :" ارحل عنا، أنت الذي تسببت في تضييع نقطتين "…. المدرب الصربي كاد يتشاجر مع فيغولي ورفاقه قلة الاحترام التي أبداها بعض لاعبي المنتخب الوطني تجاه المدرب راييفاتس رفعت من حدة التوتر في غرف تغيير الملابس، إذ طلب ميلوفان من مترجمه شرح ما يقوله اللاعبون بالفرنسية، حيث ثارة ثائرته وردّ الصربي بعنف على هؤلاء وتوجه مباشرة إلى فيغولي الذي تكلم معه بعنف، لتتعالى الأصوات بشكل جعل غرف الملابس تتحوّل إلى "حمام" على حد قول عضو في الطاقم الإداري للمنتخب….. ولعل الصورة التي جعلت راييفاتس يندهش لموقف اللاعبين هي وقوف الكل بجانب فيغولي ضده، حيث فهم التقني الأجنبي رسالتهم، ليتدخل مسؤول المنتخب وليد صادي وعضو الطاقم اللوجيستيكي نبيل بوتنون، وأخرجا المدرب من غرف تغيير الملابس لتفادي ما لا يمكن تصحيحه. … ونجا من رشق لحذاء أحد المحترفين بإنجلترا وبحسب رواية مصدرنا الموثوق للغاية، فإن حادثة أليكس فيرغيسون مع النجم دافيد بيكام في غرف تغيير الملابس لنادي مانشستر يونايتد كادت تحدث في بيت الخضر، حيث رفع أحد اللاعبين حذاءه وحاول رشق المدرب الصربي عندما اشتد الجدال وارتفع الصراخ، وحاول ميلوفان الرد بقوة على تهم رفقاء براهيمي دون جدوى في جو سوقي لا يمت لمنتخب محترف بصلة. وعند خروج المدرب من غرف تغيير الملابس ذاهبا إلى قاعة الندوات الصحفية لملعب تشاكر، عُقد أول اجتماع بين اللاعبين لتنحية الصربي راييفاتس. اللاعبون توحدوا في كلمة واحدة لتنحية المدرب وفي الوقت الذي هتف فيه صادي إلى روراوة للنزول بسرعة من المنصة الشرفية ، أين كان مع ضيوفه الكاميرونيين، نحو غرف تغيير الملابس، قاد أحد المحترفين اجتماعا سريعا مع زملائه وتم إبعاد كل الأعضاء من الغرفة وحينها قرّر اللاعبون نقل صوتهم بشكل موحد إلى الرئيس محمد روراوة للمطالبة برحيل التقني الصربي، وبعد دقائق دخل عليه "الحاج" الذي طالبهم بالهدوء وعدم التسرّع في القيام بأي شيء ريثما يعودون إلى سيدي موسى ويتدارس معهم الأمر بروية. روراوة شكّ في وجود مخطّط مسبق بعد العشاء في سيدي موسى كان رئيس الفاف قد تلقى من صادي وبوتنون كل تفاصيل الحادثة بغرف تغيير الملابس فحضّر نفسه لكل السيناريوهات، حيث اجتمع بعد الواحدة ليلا بأغلب اللاعبين الذين كان عددهم يفوق العشرين في غياب المدرب ومساعديه، حيث استمع الرئيس لمطالبهم، والذين توحدوا بشكل ملفت للانتباه سواء الغاضبين على عدم المشاركة أو الذين شاركوا وكذا المغتربين أو المحليين، مما جعل الرئيس يشك في وجود مخطط مدبر مسبقا لاسيما وأن كلام بعض اللاعبين ينطبق على كلام أعضاء في الطاقم الفني. اللاعبون لروراوة: " تريد منا أن نخسر ضد نيجيريا؟ فدعه في منصبه" وحاول رئيس الفاف إيجاد مخرج للأزمة قبل مغادرة التعداد نحو أوروبا كي يلتحق كل لاعب بناديه، حيث دعا فيغولي ورفاقه إلى العمل مع راييفاتس حتى مقابلة نيجيريا لضيق الوقت، قائلا لهم :" لنلعب مباراة نيجيريا وبعدها نقرر في مصير المدرب، الوقت ضيق وسنحاول تصحيح الأخطاء سواء في الجانب الفني أو عندكم، فأنتم كذلك لم تكونوا في المستوى وليس المدرب وحده".غير أن رد اللاعبين كان حازما :" سيدي الرئيس لو نستمر مع هذا المدرب فلن نعود بنتيجة إيجابية من نيجيريا وسنقصى رسميا من المونديال، كنا مع منصوري ونغيز أحسن فلو تريد أن نقصى، أبقيه في منصبه وإذا أردت منا التأهل فالرجاء تنحيته". رسالة اللاعبين لروراوة واضحة وضوح الشمس "بقاء راييفاتس سينهي مغامرتنا للمونديال". حيث لم يترك هؤلاء اللاعبون أي مجال لروراوة كي يناور أو يصلح بينهم وبين المدرب. مساعدو راييفاتس "ذبحوه" جميعا بعد صلاة الفجر طلب روراوة مقابلة كل أعضاء الطاقم الفني واحدا بواحد قبل أن يجمعهم سويا وترك لقاءه براييفاتس هو الأخير، حيث أفرغ مساعدو راييفاتس ما في جعبتهم متحدثين عن عيوبه كتقني، بالمختصر "ذبح" المساعدون مدربهم الرئيسي كاشفين سوء تسييره للتربص وسوء برمجته وغيابه عن مقر إقامة اللاعبين ومكوثه في غرفته ب"الشاطو" والتواصل مع اللاعبين بالمترجم زاد من تعقيد الأمور إضافة إلى مخططاته التكتيكية وقلة العمل التكتيكي في التربصات القصيرة. كلام الأعضاء المساعدين لم يترك أي مجال للشك في قلب روراوة:" اللاعبون والمساعدون متفقون على كلام واحد وبنفس التهم الموجهة لراييفاتس". راييفاتس لروراوة:" أطردهم كلهم وسنفوز ضد نيجيريا بالمحليين" الجلسة التي خصصها روراوة لراييفاتس حملت الكثير من المفاجآت، أولها أن المدرب وبصريح العبارة قال لروراوة :" أطرد كل هؤلاء اللاعبين ولو ترخص لي سأجلب تشكيلة أخرى من البطولة المحلية نلعب بها مباراة نيجيريا وأعدك بالفوز هناك". لكن رئيس الفاف لم يتقبل فكرة الصربي وحاول أن يفهم منه سبب عدم تحكمه في المنتخب بعد تربصين فقط، حيث اكتشف روراوة مزاجية الصربي وغياب روح المسؤولية لديه، فالذي يريد التضحية بتعداد بذل الحاج جهده لسنوات لتركيب منتخب قوي به غير منطقي، ثم يقترح عليه العودة إلى الدوري المحلي الذي لا يؤمن به رئيس الفاف من أصله. ميلوفان للحاج :" افتح تحقيقا في مباراة الكاميرون فأنا أشك في مؤامرة" ثاني نقطة أثارت انتباه روراوة في حديث راييفاتس هو توجيه هذا الأخير تهمة مباشرة إلى اللاعبين برفع الأرجل ضد الكاميرون قائلا:" أطلب منك كرئيس للاتحادية أن تحقق في الأمر، اللاعبون فوق الميدان لم يؤدوا ما عليهم وأنا أعرف كرة القدم فلا تقول لي بأن هذا هو مردودهم، هناك أشياء غريبة حدثت تجعلني أطلب منك التحقيق، لأن الأمر فيه شك فتضييع الفرص غريب وتلقي هدف التعادل بهذا الشكل يثير التساؤل". راييفاتس يخضع للأمر الواقع ويعلن قبوله للرحيل ثالث خرجة لراييفاتس كانت بعدما لمس بأن الرئيس لن يتمسك به ضد اللاعبين، قائلا له :" أرى بأنك محرج ولن أزيد الضغط عليك إذا ٍرأيت بأن المشكل فيّ، فأنا موافق على الرحيل في أي وقت تطلبه".هنا ارتاح روراوة، لأن راييفاتس وافق على الاستقالة أو فسخ العقد بالتراضي، لكن الحاج بقي ينتظر بصيص الأمل للحفاظ على المدرب ولو لشهر إضافي حتى ينتهي من مباراة نيجيريا ويبحث عن خليفة راييقانس لكان الغابون.