واصل الفرنسي زين الدين زيدان المدير الفني لنادي ريال مدريد تقديم نتائج جيدة، وذلك بعد نجاحه في الخروج بالفريق الملكي من فخ ملعب كامب نو، بعد التعادل أمام برشلونة بهدف لكل منهما، في كلاسيكو الجولة الرابعة عشر من الدوري الإسباني. وحافظ ريال مدريد على تفوقه بفارق ست نقاط عن برشلونة في صدارة الدوري، بعدما رفع رصيده إلى النقطة 34 في صدارة الليغا، فيما وصل برشلونة للنقطة 28 بعد التعادل الثالث على التوالي في الدوري. وبدء زيدان عمله في ريال مدريد كمستشار فني للإسباني فلورنتينو بيريز رئيس النادي الملكي في نوفمبر 2010، حيث أوصى بالتعاقد مع المدافع الفرنسي الشاب رافاييل فاران من نادي لنس الفرنسي في 2011، ليتحول إلى أحد أفضل المدافعين الشباب في العالم في الوقت الحالي. وانتقل بعدها زيزو للعمل في الإدارة الفنية، حيث أصبح المدرب المساعد للإيطالي كارلو أنشيلوتي في عام 2013، وحصد إلى جانبه لقب دوري أبطال أوروبا 2014. وواصل زيدان عمله في النادي الملكي، بعد أن استلم المدرب الفرنسي قيادة فريق كاستيا في ريال مدريد، خلال الموسم الماضي، قبل أن يتسلم مهمة تدريب الفريق الأول في الرابع من جانفي 2016، بعد فشل الإسباني رافاييل بينيتيز مع الفريق، حيث ابتعد الفريق عن المنافسة باحتلاله المركز الثالث برصيد 37 نقطة بفارق خمس نقاط عن برشلونة، لكنه أنهى الموسم في المركز الثاني بفارق نقطة وحيدة عن النادي الكتالوني. ونجح زيدان مع ريال مدريد في تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا 2016، كما حصد لقب بطولة السوبر الأوروبي، ونافس على الليجا حتى الجولة الأخيرة، وضغط بشدة على برشلونة في الأمتار الأخيرة من الدوري. وقررت الجماهير في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة رسم صورة نمطية عن المدرب الفرنسي، بأن الحظ هو حليفه الوحيد في النتائج التي يقدمها خلال أحد عشر شهرًا من بداية تدريبه للفريق، وأنه كما يطلقون "يمشي بنور الله"، دون عمل أي حساب لما يقوم به فنيًا وخططيًا سواء على أرض الملعب أو خلال تدريبات النادي الملكي ريال مدريد تحت قيادة زيدان خاض 49 مباراة في كافة البطولات، حقق الفوز في 38 مباراة وتعادل في تسع وخسر لقاءين فقط، مسجلًا 139 هدفًا بمعدل 2.83 هدف في كل مباراة واستقبلت شباكه 43هدفًا بمعدل 0.87 هدف في المباراة. الميرينجي تحت قيادة زيدان فشل في التسجيل خلال ثلاث مباريات فقط، واحدة انتهت بالتعادل السلبي أمام مانشستر سيتي في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2016، وخسر مباراتين الأولى أمام جاره اللدود أتليتكو مدريد خلال الجولة السادسة والعشرين من الموسم الماضي، وانتهت بفوز الروخي بلانكوس بهدف نظيف، والثانية أمام فولفسبورج الألماني في ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال 2016، وانتهت بهزيمة الملكي بهدفين دون رد. أما على المستوى الدفاعي، فتمكن الفريق من الخروج بشباك نظيفة في 16 مباراة فقط، بمعدل مباراة من أصل كل ثلاث مباريات، وهو معدل جيد للغاية، خاصة وأن معدل استقبال الفريق للأهداف تحت قيادة زيزو لا يصل إلى هدف في المباراة، وهو معدل مميز حتى الآن. ريال مدريد مع زيزو اقترب للغاية من تحقيق رقم تاريخي للنادي الملكي، حيث لم يخسر الميرينجي مع زيدان منذ 33 مباراة، وبالتحديد منذ الخسارة من فولسفبورج خلال ذهاب ربع نهائي من دوري أبطال أوروبا خلال الموسم الماضي، وبذلك أصبح ريال مدريد ومدربه الفرنسي على بعد مباراة واحدة فقط من معادلة الرقم التاريخي الذي حققه الميرينجي تحت قيادة المدرب الهولندي ليو بينهاكر موسم 1988-1989 بعدم التعرض لهزيمة على مدار 34 مباراة على التوالي. لن نتحدث هنا عن لغة الأرقام وحدها والتي تنصف زيدان بدون أي شك، حيث سننتقل إلى أداء الفريق، والذي أصبح أكثر توازنًا بين الدفاع والهجوم، ويبدو زيزو متأثرًا بشدة بطريقة مثله الأعلى تدريبيًا كارلو أنشيلوتي، حيث يعد الفريق هو النجم الأول. ريال مدريد أصبح مثل "القاتل المتسلسل" مع زيدان، حيث يدرس ضحاياه بأفضل صورة ممكنة، ويتابعهم بكثافة ودورية، ويعرف الطريقة الأمثل لمحاولة قتلهم والقضاء عليهم، وتوج ذلك بتحقيق العديد من النتائج المميزة مع الفريق. زيزو يمتلك مرونة تكتيكية بشكل كبير، حيث لا يعتمد على أسلوب لعب وطريقة واحدة ثابتة، حيث ينوع بين طريقتي 4-3-3 و 4-4-2 بتنويعاتهما المختلفة، فتارة يعتمد على رأس حربة وحيد ويجاوره جناحان، إلى جانب ثلاثي خط وسط يجمع بين القدرات الدفاعية والهجومية، وتارة أخرى يعتمد على مهاجمين، وكل ذلك حسب سير كل مباراة، وحسب ما يرغب في تحقيقه منها. زيدان مدرب لا زال يتحسس طريقه، لكن عينه الثاقبة وسيطرته المميزة على الكرة حين كان لاعبًا أصبحت من العوامل المساعدة له في مسيرته التدريبية، زيزو يعرف جيدًا من أين تؤكل الكتف، ويعرف كيفية السيطرة على نجوم الفريق الملكي، ويعرف كذلك الطريقة المثلى لخوض المباريات أمام المنافسين. كما يمتلك زيدان كاريزما الحديث أمام وسائل الإعلام، حيث يحظى باحترام كبير من متابعي الفريق، ويعرف متى يجب عليه الإشادة أو تقديم الدعم أحد اللاعبين، ويعرف كذلك أن أسلوبه وطريقته الهادئة في الحديث إلى وسائل الإعلام، واحترام المنافسين تعطيه المزيد من القوة والصلابة وتضيف له الكثير من الخبرات، هو في أمس الحاجة إليها في الوقت الحالي.