لكل زمان رجال ودولة.. هذه المقولة تنطبق بشكل تام على المعشوقة كرة القدم في تاريخها وحاضرها ومستقبلها أيضا، وبالأمس ودعنا عام 2012 ونحن الآن في عام جديد لم يختلف الأمر بنا سوى أننا تقدمنا بالسنين وزاد رقم على تقويمنا السنوي. وفي زمان أي فريق، يوجد لاعب أو أكثر يسطر حروفا من ذهب في تاريخ الفريق الذي يلعب له وخصوصا إذا كانت العلاقة طويلة وأكثر من علاقة لاعب بنادي. وأنا أتحدث هنا بشكل خاص عن الأسطورة الإيطالية ديل بييرو مع يوفنتوس. قرأت اليوم أن غاتوزو لاعب ميلان السابق يتحدث عن ديل بييرو ويوفنتوس، وأن الفريق لم يجدد عقد اللاعب وتمت خيانته..! خيانة؟ أعتقد أنها كلمة كبيرة، لكن الفريق كان في مرحلة تحول كبيرة وموضوع استبدال الدماء في كل فريق أمر ضروري لأن السنين تتقدم والعمر كذلك في كل لاعب، لهذا فإن الأمر لا يبدو لي سوى قصة انتهاء مرحلة وبداية مرحلة جديدة. يوفنتوس عانى كثيرا في السنوات الماضية، فبعد قضية “كالشيوبولي" الشهيرة وهبوطه الدرجة الثانية مر بسنوات تخبط حتى عاد قويا وفي قمة الترتيب كعادته رغم أن هذا الأمر قد كلف الكثير من الأموال التعب والإرهاق الذي تكبده كل لاعب وكل موظف في النادي العريق. يوفنتوس عاد بروح أنتونيو كونتي ولاعبين لم نعرف عنهم شيئا قبل أن يلمعوا في العامين الآخرين، باستثناء أندريا بيرلو وجانلويجي بوفون. لاعبون مثل ماركيزيو وفيدال وبرازاليا ولستشتاينر لم يكونوا بهذه النجومية، لاعبون مثل بوغبا وجوفينكو وماروني سنتحدث عن نجوميتهم خلال الفترة القادمة، وكثيرين آخرين بنفس المنوال. والقصد أنها مرحلة تغيير ومرحلة نمو رائعة لا يمكن أن تقف بسبب لاعب مهما قدم من عطاء. لا يمكن بأي شكل من الأشكال تجاهل عطاء الرسام المبدع، كهداف تاريخي وكعدد مباريات وولاء لا يمكن أن يقارن بالدوري الإيطالي إلا مع باولو مالديني في ميلان وفرانشيسكو توتي في روما وخافيير زانيتي في الإنتر وغيرهم القليل. حتى أن ديل بييرو رفض كل العروض مفضلا البقاء مع اليوفي خلال الموسم الذي قضاها الفريق بالدرجة الثانية بسبب تلك القضية، هو وبوفون ونيدفيد وتريزيغيه وغيرهم، في وقت رحل فيه أول النجوم مثل زلاتان إبراهيموفيتش وفابيو كانافارو وكذلك باتريك فييرا. لكن كل هذا لا يعني شيئا أمام مسيرة الفريق واستمراريته. نعم نذكر كل لمسة فنية أبدع فيها ديل بييرو في الملاعب، وكل ابتسامة وفرحة فوز في مباراة أو لقب، وكل قطرة عرق صببتها من أجل البيانكونيري.. لم ننسى شيئا من ذلك. كان من الأجدر أن يعتزل ديل بييرو وهو نجم كبير مثلما فعل زميله بالفريق سابقا زين الدين زيدان حتى لا يشوه صورته أمام الجماهير التي ستقول: “كان ديل بييرو يفعلها في السابق"، وحتى زميله الآخر بافيل نيدفيد الذي قرر الاعتزال ولعب دور ريادي وإداري مع السيدة العجوز أفضل من أن يكون أي يلعب بالدوري الأسترالي أو حتى أي دوري آخر لمجرد إثبات أنه قادر على العطاء. ونقول لديل بييرو: ستبقى مخلدا في الذاكرة ولن تمحي كل محطات السنين القادمة ما قدمته ليوفنتوس أو للآتزوري ولنا كمشاهدين ومتابعين. شكرا لك ونتمنى لك كل التوفيق وعذرا فإنها ليست خيانة يا سيدي.. إنها انتهاء مرحلة أبدعت فيها وبداية مرحلة جديدة ننتظر فيها من يبدع... كلمة أخيرة للمقاتل المخضرم غاتوسو: تتحدث عن خيانة يوفنتوس لديل بييرو، ولم تتحدث عن خيانة ميلان لجيل كامل، فقد كنت أول من حمل حقائبه ورحل إلى دوري لا نعرف من متصدره.