ستشهد دورة بكين أكبر حملة لمكافحة المنشطات في تاريخ الاولمبياد، لكن التفاؤل حول "نظافة" الموعد الصيني من هذه الآفة لا يبدو كبيرا.. رغم ان الاختصاصيين قاموا بمجهودات جبارة من اجل تطوير وسائل تسمح بتقفي آثار المواد غير التقليدية، مثل تلك التي تنمي الهورمونات بشكل غير طبيعي، والتي لا تظهر في الفحوصات بالطرق المعتمدة حاليا... وبالعودة الى الدورات السابقة، يتبين جليا أن الكثير من الرياضيين اظهروا انهم على استعداد لفعل اي شيء من اجل الفوز بالميداليات، ولا يتوقع ان تتغير الصورة في بكين، حيث يمكن ان يقع البعض في المحظور. والمؤسف ان غيمة تعاطي المنشطات تلقي بظلالها على رياضات اولمبية بارزة، على غرارالعاب القوى، والدليل ان ثلاثة من اصل آخر خمسة عدائين فازوا بالميدالية الذهبية في سباق 100 متر تبين انهم تناولوا عقاقير ممنوعة. وكان الكندي بن جونسون اول من احدث اكبر فضيحة منشطات في تاريخ الالعاب الاولمبية، عندما اظهر الفحص الذي خضع له بأنه تناول مادة "الستيرويد" بعد فوزه بالذهب في اولمبياد سيول 1988، بينما سقط آخر الأبطال الأمريكي جاستين غاتلين في فخ المادة نفسها، بعد عامين على فوزه في اثينا 2004، وهو يخضع لعقوبة الإقصاء لمدة اربع سنوات.. غير انه ربما لا يوجد بطل اولمبي قام بفعل مناف للاخلاق الرياضية بقدر العداءة الامريكية ماريون جونز الفائزة بثلاث ذهبيات في سيدني 2000، وهي تخضع حاليا لعقوبة السجن لمدة ستة اشهر بسبب كذبها على المحققين حول تعاطيها المنشطات... وتأمل الولاياتالمتحدة ان تكون هذه الصفحة السوداء من تاريخها الرياضي قد اغلقت بعد اعتراف المدرب تريفور غراهام في ماي الماضي، بأنه قاد غاتلين وجونز الى الكذب على المحققين الفدراليين في قضية مختبرات "دالكو" التي فضحت واسقطت معها نجوم "أم الرياضات". كما لا يمكن نسيان تهرب البطلين المحليين كوستاس كينتيريس وكاتيرينا ثانو من فحص الكشف المنشطات عشية انطلاق اولمبياد اثينا، ولا تزال تفاعلات القضية جارية حتى الآن. وليست العاب القوى وحدها التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالمنشطات، اذ ان رياضة رفع الاثقال كانت لها علاقة وثيقة معها، واضطرت بلغاريا مؤخرا لسحب فريقها كله من اولمبياد بكين بعد ثبوت تناول 11 رباعا لمادة "الستيرويد". وفي خبر محرج للبلد المضيف، فشل احد افضل السباحين اويانغ كونبنغ الفائز بثلاث فضيات في الالعاب الآسيوية 2006، في فحص المنشطات، حيث اوقف مدى الحياة رغم ان التحقيقات ستبقى مستمرة لمعرفة اذا ما تعمد تناول "الستيرويد". وأعادت هذه الحادثة الى الذاكرة فضائح ابرز السباحين والعدائين الصينيين في التسعينيات، وتركت حولهم غيمة من الشكوك حتى يومنا هذا. ووعدت اللجنة الاولمبية الدولية الرياضيين الذين سيضبطون في فحوص الكشف عن المنشطات بأنهم سيواجهون اقسى العقوبات، اضافة الى حرمانهم من المشاركة في الاولمبياد المقبل الذي تستضيفه العاصمة الانكليزية لندن عام 2012.. لكن رغم ذلك لا يخفى ان السعي نحو ذهب الشهرة والثروة الناتجة عنه، سيكون اغراء حقيقيا يدفع بعض الطموحين الى المغامرة بسمعتهم ومسيرتهم واسم بلادهم.