يبقى المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يئن تحت انتهاكات احتلال صهيوني، وضع نصب عينيه هدفا واحدا لتهويده ونزع الصفة الإسلامية عنه، ضمن مخطط لجعل القدس الشريف العاصمة الأبدية لما يسميها بالدولة "العبرية". ومع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية التي يقترفها يهود متطرفون بدعم من قوات الاحتلال ضد الحرم الشريف من اقتحام لباحاته وتدنيس لحرمته، يجد الفلسطينيون أنفسهم في كل مرة في مواجهة محتل صهيوني سلاحهم الوحيد الحجارة لحماية أولى القبلتين، في مشهد يتكرر مرارا في الآونة الأخيرة وأصبح ينذر بانفجار ممكن بالمدينة المقدسة. وعاش الأقصى المبارك، أمس، نفس المشاهد إثر اقتحام قوات الاحتلال ساحاته عبر باب المغاربة وإطلاقها القنابل الصوتية والرصاص المطاطي على الشبان الفلسطينيين المرابطين بداخله. وقال مدير المسجد الأقصى، عمر الكسواني، أن "عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف، موشيه فيجلن، اقتحم الأقصى رفقة 400 جندي من قوات الاحتلال وبحماية الوحدات الخاصة لتأمين اقتحامات المستوطنين" الذين اعتدوا على المرابطين بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية وهو ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين الطرفين أقدمت على إثرها قوات الاحتلال على اعتقال 16 فلسطينيا واعتدت عليهم بالضرب المبرح. كما منعت قوات الاحتلال المقدسيين كافة بمن فيهم طلبة المدارس الشرعية والنساء والشبان من الدخول إلى الأقصى واعتدت عليهم برشهم بمادة الفلفل وضربهم بالهراوات. وأمام هذا الوضع الخطير، أطلقت عدة جهات فلسطينية صرخة استغاثة قوية لنصرة الأقصى الشريف علها تجد آذانا صاغية في أوساط العالمين العربي والإسلامي المسؤولين عن حماية الحرم القدسي كونه ملك لكل المسلمين. وهو ما جعل وزارة الخارجية الفلسطينية تحذر، أمس، من خطورة التصعيد الإسرائيلي المخطط له ضد المسجد الأقصى، وأكثر من ذلك من خطورة تجاهل المجتمع الدولي لما يحدث ضد الأماكن الدينية المقدسة من عدوان إسرائيلي متواصل. وأدانت الخارجية الفلسطينية، في بيان لها، إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع المصلين المسيحيين والمسلمين من الوصول إلى أماكن عبادتهم في مخالفة لاتفاقيات جنيف ومبادئ حقوق الإنسان بما فيها الحق في العبادة. كما حملت المجتمع الدولي مسؤولية سكوته على هذه الفاشية والعنصرية الإسرائيلية خاصة وأن قوات الاحتلال تسمح لليهود بتنفيذ اقتحاماتهم وهم مدججون بمختلف أنواع الأسلحة في خرق صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني. ونفس نداء الاستغاثة أطلقته حركة التحرير الوطني الفلسطينية "فتح" باتجاه الأمة العربية والإسلامية التي دعتها إلى تحمل مسؤولياتها وحماية المسجد الأقصى المبارك من المخططات الإسرائيلية التي تهدف إلى فرض السيطرة الكاملة عليه. وقال أحمد عساف، المتحدث باسم الحركة، "إن الهجمة الممنهجة والمتصاعدة التي يتعرض لها المسجد الأقصى من رموز الاحتلال ومستوطنيه برعاية ومشاركة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتناياهو، تتطلب تحركا عربيا وإسلاميا فاعلا على كل المستويات، وذلك من خلال دعم أهالي القدس المرابطين في المسجد الأقصى المبارك أو التحرك مع كل الجهات الدولية للجم إسرائيل وإلزامها بوقف الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها الأقصى". وأضاف "إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تتحمل المسؤولية الكاملة عما يجري في المسجد الأقصى والقدس من انتهاك للمقدسات الإسلامية والمسيحية وهي وحدها من يتحمل تبعات ما تقوم به من أفعال وسعيها لتحويل الصراع من سياسي إلى ديني". وأكد المسؤول الفلسطيني أن القدس بأقصاها وقيامتها لن تكون إلا عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.