سقط المخرج جمال قرمي في آخر أعماله المسرحية "يا شاري دالة" في أسلوب غير الأسلوب المعهود تقديمه من حيث المستوى، إذ بدا جليا تأثير المدير الفني للعمل مراد خان الذي أدى أيضا دورا في المسرحية التي كانت أقرب إلى السكاتش من العمل المسرحي يتوفّر على أبسط الأبجديات على غرار البناء الدرامي والهدم. المعروف عن الفكاهي مراد خان تحكّمه في تجارب السكاتشات التلفزيونية التي تعرض في رمضان، ويبدو أنّه لم يتمكّن من التخلّص من هذه الملكة في الأداء المسرحي والأكثر من ذلك فقد طغى أسلوبه على أسلوب المخرج جمال قرمي المعروف بالتزامه الأكاديمي في بناء عمله، فبالرغم من أنّ المسرحية تتحدّث عن موضوع مهم يتعلّق بالعاقبة للمسيء من خلال قصة جشع فتاة تزوّجت كهلا لتسلبه ثروته التي تعود في الأصل لزوجته الأولى التي تقرّر في الأخير أن تطلقه وتعيد كلّ ممتلكاتها، فكما أتى الدور على الزوجة جاء الدور على زوجها الشيخ فكلاهما وقع في الطمع، وتثير المسرحية كذلك قضية تعنيف المرأة وعدم احترامها. تبدو القصة من حيث المضمون مثيرة، وفي بعض التفاصيل جريئة، لكن الإثارة والجرأة في جزئياتها لم تقم بالدور المنوط بها في استقطاب الجمهور وشدّه في لحظات التشويق التي من المفترض أن تكون موجودة في كلّ مسرحية، غير أنّ العمل الذي كتب نصه سيد علي بوشافع انساق في مسار سردي كاد أن يكون كوميديا، فالسخرية المستعملة في العمل تمثّلت في جمل ولعب بكلمات فقط دون استحضار لأفكار ورسائل هادفة قد تلبس المسرحية حلة فكاهية حقيقية من شأنها إمتاع الجمهور. وعرضت المسرحية شرفيا، سهرة يوم الخميس المنصرم بالمسرح الوطني الجزائري، وأنتجتها التعاونية الثقافية للمسرح والفيديو "أية ملاك"، واعتمد المخرج جمال قرمي على عدد من الممثلين الموهوبين فقد برزت الممثلة لويزة نهار بشكل ملفت وأبرزت قدرتها الكبيرة في التحرّك على الخشبة إلى جانب كل من مراد خان، رضوان مرابط، آسيا عمروش وزكرياء خان. جدير بالذكر أنّ المسرحية اعتمدت على ما يسمى بالمسرح الفقير بالنظر إلى السينوغرافيا الموضوعة على الخشبة التي كانت بسيطة، فقد وضع السينوغرافي مبروك بدري ديكورا يتكوّن من ثلاثة كراسي وبعض الأكسسورات وقطعة قماش كبيرة خضراء لعبت شخصيات المسرحية أدوارها بين ثناياه، وهي حركات رسمها الكوريغرافي زهار لونيسي لدعم الفكرة وتوضيح الموضوع، وألبس السينوغرافي الممثلين أزياء ملوّنة تعكس شخصيات المسرحية على غرار شخصية وردي الذي لبس زيا باللون الوردي وهي ألوان تعكس شكل المسرحية الكوميدي. من ناحية ثانية، كانت لغة الإضاءة غائبة طيلة مدة المسرحية، أمّا المؤثرات الصوتية فقد استعان فيها المخرج بأصوات الممثلين وضربات أقدامهم، مع استغلال طفيف لموسيقى على سبيل التشويق والإضحاك لكنها لم تفلح.