عبّر المنشد الأردني يزن نسيبة عن إعجابه بالسماع الجزائري الذوّاق للفن الأصيل والكلمة الراقية، كما تحدّث عن آفاق الفن الملتزم في الوطن العربي وعن شؤون الموسيقى والتأليف التي تتجه يوما بعد يوم إلى الاحتراف واستغلال وسائل التكنولوجيا خاصة في التسجيل والتوزيع الموسيقي. كيف كانت وجهتك نحو عالم الإنشاد والأغنية الملتزمة؟ كان ذلك بفعل الفطرة علما أني أستمع لكل أنواع الغناء حتى العاطفية منها لكن بشرط أن تكون نظيفة وملتزمة. أنا من مواليد 1984، نشأت في أسرة ملتزمة عملت على توجيهي الوجهة الصحيحة وساعدني ذلك كثيرا فيما بعد في مشواري الفني ونما عندي الحرص على العمل الهادف والنظيف الذي أقدّمه للجمهور العربي، ولا يعني ذلك أنني بعيد عن الشباب فبالعكس فأنا أقدّم أغان بأسلوب شبابي وبإيقاع وحركة لكن بكلمة حلوة ونظيفة. والفن الملتزم أصبح رائجا اليوم لأنه مطلوب، لذلك نجد مثلا كثيرا من النجوم العرب يحرصون على أدائه، كما فعل مثلا الفنانان وائل جسار وحسين الجسمي اللذان قدّما ألبومين في الغناء الملتزم (الديني). بداياتي كانت إعجابا وتقليدا للمنشدين الكبار أمثال أبو راتب وأبو دجانة ثم عماد رامي الذي كان قدوتي إلى أن سلكت طريقي والحمد لله. حدّثنا عن تجربتك في التأليف والتوزيع الموسيقي؟ أنا موزّع ومهندس صوت ومتكوّن علميا في الموسيقى (دراسات عليا) جهّزت العديد من الألبومات لأشهر المنشدين في العالم الإسلامي ومن الساعين لنشر هذا الفن عالميا بمستوى فني راق جدا وأعمل بالتنسيق مع الكثيرين وهو أمر أعتبره حافزا وعبئا في نفس الوقت. أرى أنّ هذا الفن كان دوما قائما وموجودا لكن كان ينقصه الإطار الفني اللازم ليقدّم فيه بمعنى أنّه لا تستطيع أن تقدّم تاجا من ألماس في صينية صفيح بل يحتاج إلى تقديم في مقامه حتى يستوعبه الناس في كل مكان، وكفنانين نستهدف الجمهور غير الملتزم أيضا كي نجلب اهتمامه ونوصل له رسالتنا الإنسانية السامية. وأشير إلى أنّ دراستي لتاريخ الموسيقى بجامعة اسطنبول فتح لي آفاقا في التأليف وسمح بتكويني علميا لأساهم مع غيري في تطوير هذا الفن. في نظرك، مَن مِن المنشدين استطاع أن يطوّر هذا الفن ويخرجه من إطاره التقليدي؟ لا شك أنّه الفنان العالمي سامي يوسف الذي ساهم في تطوير هذا الفن وإيجاد قالب جديد ومتطوّر له وبالتالي كسر الجرة وفتح أمامنا آفاقا جديدة وشجّعنا للوصول إلى نقلة نوعية. سبق لك وأن تعاملت مع التراث المغاربي فهل تنوي إعادة هذه التجربة في الجزائر؟ أحاول قدر جهدي، حيث قدّمت من التراث رائعة "الله يا مولانا" ولاقت نجاحا كبيرا ويجري الاتصال حاليا مع فنانين جزائريين شباب ومنشدين لتقديم روائع من التراث الجزائري الأصيل فبلدكم به خزان لا ينضب وذو قيمة فنية أصيلة، كما أنّ الجمهور الجزائري ذوّاق للفن الراقي وللأعمال الجادة وهذا ما لمسته نتيجة تواصلي الدائم معه. كيف ترون مستقبل هذا الفن؟ مستقبل واعد وهو ما لمسناه من حفلاتنا عبر بعض الدول الإسلامية والأوروبية، حيث يتوافد الجمهور بالآلاف مما يحفّز على إكمال المشوار، كما أنّ الجيل الجديد من المنشدين منهم مثلا موسى مصطفى ومحمد حوى وغيرهما قادرون على أن يثروا مسيرة الأوائل منهم أبو راتب وأبو دجانة. كيف وجدتم الجزائر؟ لا تختلف عن الأردن وهي حاضرة دوما في قلوبنا من خلال جمهورها وتاريخ شهدائها وطبيعتها التي تتطابق وطبيعة أرض الشام فشكرا على الضيافة.