أبناء العالمين العربي والإسلامي اليوم، في حاجة إلى لحظة تأمل فيما يجري في هذه الرقعة الجغرافية ذات المساحة الشاسعة والكثافة السكانية الكبيرة والخيرات السطحية والباطنية الأكبر. إن حالة الدمار الذاتي التي يعيشها العالم العربي بالخصوص لا تخدم إلا الاستعمار القديم - الجديد وهي في أكثرها من صنعه وتمويله حتى وإن أظهر بعض التخوف "الوظيفي" من التنظيمات التدميرية تحت أسماء مختلفة لمسمى واحد وهو الإرهاب. إنها وسيلة الدول الاستعمارية على مر الزمان لإضعاف الشعوب بإشعال الفتن العرقية والدينية والمذهبية من أجل احتلالها احتلالا استيطانيا فيما عرف بالاستعمار القديم، ورهن سيادتها وقرارها فيما يعرف اليوم بالاستعمار الجديد بعد أن تعمد الأطراف المتنازعة داخل المجتمع الواحد باستهداف كل البنى التحتية من إدارية واقتصادية وتكون فيها سواء كانت على حق أو على غير حق حطب النار التي تأتي على الأخضر واليابس. إن النزاعات المسلحة على اتساع مساحة الجغرافيا العربية هي نزاعات عبثية تشد خيوطها القوى الاستعمارية تارة باسم الحرية الدينية وأخرى باسم حقوق الإنسان وثالثة باسم حماية حقوق الأقليات، فتثير هذه على تلك وتزود هذه وتلك بأدوات الدمار الذاتي قبل أن تنصب نفسها حكما لحل النزاعات وتسوغ لنفسها حتى حق التدخل العسكري حيث تفرض عليها مصالحها ذلك. هذه الصورة توضح - إلا لمن لا يرى - بأن هذه القوى الاستعمارية هي في نفس الوقت عدو للشعوب وعدو للأطراف المتنازعة على حد سواء ما دامت عملتها في تحقيق مصالحها هي في كل زمن "فرّق تسد". أما اليوم، فقد أصبح الإرهاب وسيلة للتدخل المباشر وغير المباشر في شؤون الدول بغض النظر عن قناعة الجميع بضرورة محاربة هذه الظاهرة التي كثيرا ما كانت ومازالت تجد الدعم من داخل حتى الدول التي تداعت لتشكيل تحالف لمحاربته بعد أن هدد مصالحها.