باتت المنطقة العربية في عين الإعصار الذي تثيره الدول الاستعمارية القديمة التي مازالت كما عهدناها تحيك المؤامرات وتختلق المبررات للتدخل في شؤون المستعمرات القديمة في محاولة لإعادة وضعها تحت الوصاية السياسية والاقتصادية وإن تطلب الأمر ضربات عسكرية وحظرا جويا وعقوبات اقتصادية. فبالأمس استغلت هذه الأنظمة الاستعمارية خيرات البلدان السطحية وطاقاتها البشرية في بناء اقتصادها وبنياتها التحتية ضاربة عرض الحائط بالحقوق الاجتماعية والإنسانية لأبناء الشعوب المستعمرة، وهاهي اليوم تسارع إلى إضعاف هذه الدول واستعمارها من جديد تحت عناوين مختلفة للحفاظ على نشاط اقتصادياتها باستغلال الثروات الباطنية هذه المرة وعلى رأسها البترول والغاز. ومن أجل هذه الغاية لا تتردد الدول الاستعمارية السابقة في إثارة الفتن العرقية والإثنية في البلدان المستهدفة وتقسيمها إلى كانتونات لا يمكنها بعدها أن تبني مجتمعا منسجما يحافظ على وحدته السياسية والترابية فتضمن بذلك مصالحها في هذه الجغرافيا العربية الشاسعة الغنية بكل أنواع الطاقة. والمتأمل فيما جرى ويجري في المنطقة العربية يدرك للوهلة الأولى حجم المؤامرة التي تحاك ضد هذه الأوطان بلدا بلدا، وللأسف الشديد يبدو أن الأدوات الداخلية في هذه الأوطان أصبحت اليد التي يحقق بها الغرب أغراضه فيها دون أن يدرك (الثائرون) أنهم يرهنون الوطن بكل أبعاده حتى وإن كانت مبررات ثوراتهم موضوعية، ذلك أن مصلحة الوطن ومستقبله فوق كل مصلحة فئوية أو حزبية مهما كان حجمها.