أبرز الوزير الإسباني للشؤون الخارجية والتعاون، خوسي مانويل غارسيا مارغاليو، مساء أول أمس، بمدريد، الدور الهام الذي تؤديه الجزائر لصالح الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا، في حين ذكر وزير الخارجية السيد رمطان لعمامرة، بموقف الجزائر القائم على "حل سلمي ومتفاوض حوله في ليبيا"، مما يتطلب مباشرة "حوار وطني شامل يضم كل الأطراف المتنازعة وتلك التي تؤمن في ليبيا موحدة ومستقرة وديمقراطية". جاء ذلك عقب المحادثات التي جمعت السيد لعمامرة، بنظيره الاسباني الذي أكد أن بلاده التي تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي، تتقاسم نفس نظرة الجزائر بخصوص ضمان الاستقرار في جنوب القارة الأوروبية. وأكد رئيس الدبلوماسية الإسبانية عقب لقائه مع السيد لعمامرة، عشية انعقاد الندوة الوزارية للدول الأعضاء في حوار 5+5 التي انطلقت أمس، بإسبانيا، حول موضوع الاستقرار والتنمية في ليبيا على ضرورة تنسيق جهود كلا البلدين. ووصف الوزير الإسباني اللقاء مع السيد لعمامرة "بالودي"، مبرزا العلاقات الثنائية "الجيدة" التي تربط بين البلدين. من جهته أكد السيد لعمامرة، أن المحادثات سمحت "بتعميق" وجهات نظر البلدين لا سيما ما تعلق بالوضع في ليبيا، مشيرا إلى أنه أوضح لنظيره الإسباني كل ما تقوم به الجزائر على الصعيد الثنائي ومع دول الجوار لصالح ليبيا. وذكر السيد لعمامرة، بموقف الجزائر القائم على "حل سلمي ومتفاوض حوله في ليبيا"، مما يتطلب مباشرة "حوار وطني شامل يضم كل الأطراف المتنازعة وتلك التي تؤمن في ليبيا موحدة ومستقرة وديمقراطية". وخلص السيد لعمامرة، إلى القول أن "الطرف الإسباني والعديد من الدول تشاطر هذه الأفكار"، مؤكدا أن الجزائر ستعرب عن موقفها ورأيها خلال الاجتماع واللقاءات الأخرى المرتقبة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكانت أشغال ندوة الحوار 5 +5 قد انطلقت أمس، بمشاركة وزير الشؤون الخارجية السيد رمطان لعمامرة، علما أن الاجتماع جاء بمبادرة من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الاسبانية، بهدف مناقشة "الوضع الخطير السائد في ليبيا"، إضافة إلى إعطاء دفع جهوي للجهود الدولية لصالح الاستقرار في ليبيا. وتميز حفل افتتاح الندوة بمداخلتي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الاسباني، خوسي مانويل غارسيا مارغاليو، وكذا مداخلة رئيس الدبلوماسية الليبي محمد عبد العزيز. وأكد الوزير الاسباني على ضرورة أن تشكل ليبيا "أولوية" بالنسبة لبلدان المنطقة، مشيرا إلى أنه من "المستعجل التحرك حتى لا يتدهور الوضع"، في حين حذّر الوزير الليبي بدوره من الأخطار التي يمثلها تدهور الوضع في بلده على الصعيد الأمني، معربا من جهة أخرى عن ارتياحه لتنظيم هذه الندوة والمواضيع التي يتم التطرق إليها. ويتمثل الهدف المتوخى من هذه الندوة الدولية في حمل مختلف الأطراف المتنازعة على الانتقال من مرحلة المواجهة المسلحة إلى مرحلة التفاوض والحوار الوطني بين كل الليبيين دون استثناء. للتذكير فإن حوار 5+5 يضم خمس دول من الضفة الجنوبية للمتوسط (الجزائر، ليبيا، المغرب، موريتانياوتونس)، وخمس دول من الضفة الشمالية (إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، مالطا والبرتغال)، في حين تضم مجموعة متوسط 7 كلا من إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، مالطا، البرتغال، قبرص واليونان. أما دول جوار ليبيا فتتمثل في الجزائر، تونس، التشاد، مصر، النيجر والسودان. وكان السيد رمطان لعمامرة، قد أكد خلال الندوة الصحفية التي نشطها رفقة نظيره البرتغالي، روى شانسيريل دى ماشيت، يوم الاثنين الماضي، استعداد الجزائر للاستجابة لأي طلب يتقدم به الليبيون لاستضافة لقاءات حوار لحل الأزمة التي تعصف بهذا البلد، إذا ما رأوا أن الجزائر هي المكان المناسب لجمع شملهم وإطلاق مسيرة للتوحيد في إطار المصالحة الوطنية وبناء مستقبل ليبيا. واستند لعمامرة في ذلك إلى احتضان الجزائر لتجربة الحوار المالي الأخيرة، ومختلف الحوارات التي احتضنتها عبر التاريخ لجمع شمل الأشقاء الفلسطينيين، مذكّرا بهذه المناسبة بأن موقف الجزائر واضح، كونه يدعو إلى حوار وطني وإلى مصالحة وطنية في ليبيا، مع إعطاء الفرصة للمؤسسات المنتخبة لكي تكتسب المزيد من الشرعية من خلال جمع الشمل. وكانت الجزائر التي أعلنت عدم تدخلها في الشؤون الداخلية لليبيا منذ بداية الأزمة، قد أكدت في عدة مناسبات على أن الظروف العسيرة التي تمر بها ليبيا حاليا تتطلب الاحتكام إلى القوانين والإجراءات التي من شأنها المساهمة في تهيئة الأجواء لإطلاق الحوار بين الليبيين. غير أن الجزائر ترى أن تمسكها بمبدأ عدم التدخل لا يعني عدم لا مبالاتها إزاء ما يجري في ليبيا، من منطلق المصير المشترك بين البلدين والتاريخ الحافل بالتضامن. في الوقت الذي تدعو فيه دول جوار ليبيا قبل غيرها إلى التعامل مع هذه الأزمة بشكل يجعل من الدول المجاورة طرفا فاعلا و ذا مصداقية في الحل. كما ناشدت الدول المجاورة لليبيا الالتزام بموقف عدم التدخل والامتناع عن صب الزيت على النار، من خلال الاحتكام إلى الشرعية الدولية، على ضوء القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي القاضي بالتحكيم وبرفض تمويل وتزويد الفرقاء الليبيين بالأسلحة والذخائر وقطع الغيار، قصد خلق المناخ المؤهل والمسهل لإطلاق حوار ليبي- ليبي.