بدأت المعارك الدائرة رحاها لبسط السيطرة على مدينة عين العرب الكردية في أقصى شمال سوريا على الحدود التركية، تقلب موازين المواجهة بين قوات التحالف الدولي وتنظيم "الدولة الإسلامية" بالنظر الى الأهمية الاستراتيجية التي تكتسيها المدينة في المنحى الذي تعرفه المواجهة القادمة للقضاء على الإرهاب في سورياوالعراق. وشكل تواتر الأخبار حول تمكن مقاتلي التنظيم الإرهابي من بسط سيطرته على هذه المدينة تحولا جوهريا في موقف الحكومة التركية، التي طالب رئيسها الطيب رجب اردوغان، بضرورة القيام بتدخل عسكري بري للقضاء على مقاتلي الدول الإسلامية. وبقيت السلطات التركية حذرة في تعاطيها مع تطورات الموقف من تشكيل التحالف الدولي الذي دعت إليه الولاياتالمتحدة، بل وأبدت تحفظات على المسعى الامريكي، حيث رفضت قنبلة مواقع التنظيم الإرهابي رغم إلحاح واشنطن بحتمية مشاركة الجميع في الجهد العسكري الذي بدأته في الثامن أوت الماضي، ضد مواقع الدولة الإسلامية في العراق ولكن أنقرة غيرت موقفها فجأة بعد المعارك التي تشهدها حدودها مع سوريا قبل ثلاثة أسابيع. وقد اعترف الرئيس طيب رجب اردوغان، بنفسه أمس، أن كوباني "الاسم الكردي للمدينة السورية" توشك على السقوط بين أيدي مقاتلي الدولة الإسلامية. وتكون التقارير العسكرية حول تطورات ما يحدث على ارض المعركة هي التي جعلت الرئيس التركي، يعيد النظر في مواقفه إزاء ما يجري على حدود بلاده وفي كل المنطقة التي تشهد تحولات جذرية سوف لن تجعل تركيا في منأى عنها الى الدرجة التي أكد فيها على الحاجة الملحة لتدخل بري ضد الدولة الإسلامية، في تلميح واضح على استعداده إرسال قوات من وحداتها البرية لقتال هذا التنظيم. وبرر الرئيس التركي هذا التحول بقناعة أن إلقاء القنابل والقصف بالصواريخ لن يضع حدا للرعب الذي أصبحت تشكله ممارسات الدولة الإسلامية، وأيضا لأن الضربات الجوية لن يكون في مقدورها حسم المعركة ضد خطر المتطرفين. وجاءت تصريحات الرئيس التركي تزامنا مع حشود برية تركية على حدود مدينة ميرسيتبنار المحاذية على بعد كليومترات فقط من مدينة كوباني السورية، وفي وقت أكدت كل التقارير أن الساعات الأخيرة ستشهد سقوط هذه الأخيرة تحت سيطرة الدولة الإسلامية بعد أن تمكن مقاتلوها من بلوغ وسط المدينة والدخول في حرب شوارع ضارية مع عناصر مليشيات مسلحة كردية ولكنها لم تتمكن من الصمود أمام قوة مقاتلي الدولة الإسلامية. وشكلت هذه المواجهات الدامية أكبر إنذار بالنسبة للسلطات التركية التي بدأت تبدي مخاوف من احتمالات متزايدة لانتقال المعارك الى إقليمها وأيضا بعد أن ثار الأكراد الأتراك ضد ما أسموه بتخاذل السلطات التركية في إنقاذ ذويهم الأكراد السوريين من اضطهاد الدولة الإسلامية. وتخضع المدينة منذ قرابة ثلاثة أسابيع لحصار مطبق فرضه عناصر هذا التنظيم تخللته مواجهات دامية خلفت مقتل أكثر من 400 مسلح من الجانبين بينما اضطر الآلاف من سكانها الى مغادرتها فرارا من جحيم المواجهات. ورغم الضربات الجوية التي تنفذها طائرات أمريكية على مواقع مقاتلي الدولة الإسلامية المتواجدة على مشارف مدينة كوباني، إلا أن نتائجها العملية على ارض المعركة لم تغير شيئا في التطورات الميدانية باتجاه سقوطها بين أيدي عنصر تنظيم"داعش" الذي يسعى الى السيطرة على مناطق شاسعة على الحدود الدولية بين سورياوتركيا. والمؤكد أن تحول الموقف التركي والدعوة الصريحة التي وجهها الرئيس اردوغان، للبدء في عمليات عسكرية برية سيشكل في حد ذاته تطورا جوهريا في قدرة التحالف الدولي في تغيير المعطى الميداني للمواجهة الدولية المفتوحة ضد الدولة الإسلامية التي تحولت الى خطر دولي وفق التحذيرات الأمريكية.