تواصلت أمس، زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس اليوناني السيد كارولوس بابولياس، إلى الجزائر بدعوة من الرئيس بوتفليقة، بإجراء محادثات على انفراد بين الرئيسين، قبل أن تتوسع لتشمل أعضاء وفدي البلدين. جرت هذه المحادثات بحضور كل من رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، والوزير الأول عبد المالك سلال، ووزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، ووزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب. وشكلت هذه المحادثات فرصة لإعطاء دفع جديد لعلاقات الصداقة والتعاون القائمة بين الجزائر واليونان. كما تبادل رئيسا البلدين وجهات النظر حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك سيما منها الحوار الاورو-متوسطي والوضع السائد في الشرق الأوسط وفي إفريقيا. وعقب المحادثات أكد الرئيس اليوناني، أن الجزائر واليونان أعربتا عن إرادتهما في تطوير وتعزيز تعاون ثنائي "متميز" يشمل عدة مجالات. مصرحا أنها "بداية تعاون جد متميز يعكس إرادة رئيسي البلدين". وأضاف الرئيس اليوناني "نريد تعاونا وثيقا للغاية ونأمل تطويره وتعزيزه أكثر ليس على الصعيد الاقتصادي فحسب، بل على الصعيد السياسي أيضا". كما أشار إلى أن هذا التعاون "يمكن أن يكون جد مثمر" لاسيما في قطاعي المحروقات والسياحة. وأضاف أن الطرفين تطرقا أيضا إلى قطاعات الفلاحة والبناء وكذا مشاريع الري والكهرباء، واتفقا على "تنظيم لقاءات منتظمة لرؤساء المؤسسات اليونانيين والجزائريين". وقال أيضا إن الجزائر واليونان اتفقتا كذلك على تنظيم اجتماعات منتظمة للجنة المختلطة على المستوى الوزاري "التي لم تجتمع منذ عدة سنوات". وتحادث الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، من جهته مع الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس، الذي يقوم بزيارة دولة تدوم ثلاثة أيام، حيث جرت المحادثات بحضور وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، كما أقام السيد سلال بإقامة الدولة بزرالدة مأدبة غذاء على شرف الرئيس اليوناني. وكان الرئيس بابولياس، الذي كان مرفوقا بوزير الصناعة والمناجم السيد عبد السلام بوشوارب، قد ترحم قبل ذلك بمقام الشهيد على شهداء ثورة التحرير الوطني. وبعد أن استعرض تشكيلة من الحرس الجمهوري أدت له التحيّة الشرفية، وضع الرئيس اليوناني إكليلا من الزهور أمام النصب التذكاري ووقف دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء الثورة التحريرية. كما زار ضيف الجزائر المتحف الوطني للمجاهد بالجزائر العاصمة، حيث جاب رفقة وزير الصناعة والمناجم مختلف أجنحة المتحف، وتلقى في هذا الصدد شروحات حول أهم مراحل تاريخ الجزائر لاسيما حرب التحرير الوطني. وفي تصريح للصحافة عقب هذه الزيارة، أشاد الرئيس بابولياس، بكفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، مضيفا "كان كفاحا غير متساو لكنه نجح في تغيير مجرى التاريخ"، مذكّرا في هذا الصدد بأن بلده لطالما دعم كفاح الشعب الجزائري من أجل الحرية والاستقلال. وأكد الرئيس اليوناني قائلا "هم نفس هؤلاء الرجال والأبطال الذين قدمنا اليوم لتكريمهم بوضع إكليل من الزهور وبزيارة متحف المجاهد الذي يحفظ ذاكرة هذه الأعمال التاريخية والبطولية حيّة إلى الأبد". وبعد أن ذكر أن بلده كان من بين "أولى" الدول التي أقامت علاقات مع الجزائر المستقلة، أكد السيد بابولياس، أن اليونان "ستكن دوما نفس مشاعر الصداقة للشعب الجزائري" . واستطرد في هذا الصدد "لطالما عبّرنا عن دعمنا الملموس للجزائر حتى خلال فترة التسعينيات الصعبة من خلال إبقاء سفارتنا بالجزائر مفتوحة". وقد أجرى أعضاء في الحكومة محادثات مع نظرائهم اليونانيين. وبهذه المناسبة تحادث وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، مع كاتب الدولة اليوناني المكلف بالتنمية والتنافسية باناقلوتيس ميتاراكيس، بينما أجرت وزيرة تهيئة الإقليم والبيئة دليلة بوجمعة، محادثات مع وزير البيئة والطاقة والتغيرات المناخية اليوناني ايوانيس مانياتيس. كما تحادث وزير الطاقة يوسف يوسفي مع السيد مانياتيس. وخلال لقاء لرجال أعمال البلدين أكد رئيس مجلس الأعمال الجزائري اليوناني الطيب عبد القادر الزغيمي، أن المتعاملين الجزائريين يسعون إلى تطوير الشراكة مع اليونان في إطار مبدأ "رابح - رابح" بانتهاج استراتيجية تضمن تعزيز القدرات الإنتاجية للاقتصاد الوطني، وترفع من قيمة الصادرات خارج المحروقات. وأوضح الزغيمي، أن المبادلات التجارية بين البلدين لا تعكس إرادة البلدين لتعزيز تعاونهما الاقتصادي. حيث يرى أن الجزائر مهتمة بالاستفادة من الخبرات اليونانية في مجالات الاستثمار والصناعة من خلال خلق مؤسسات مشتركة وفق قاعدة 49/51 بالمائة، والتي ستمكن من تحسين تنافسية الشركات الوطنية وخلق المزيد من مناصب الشغل. وأفاد أن انتماء البلدين للفضاء المتوسطي سيسمح بتقوية الشراكة في عدة قطاعات. مبرزا أن الجزائر أصبحت حاليا وجهة للعديد من رجال الأعمال الأجانب نظرا لوضعها الاقتصادي المستقر. من جانبه أوضح رئيس الوكالة اليونانية للتجارة الخارجية والاستثمار، أريسطومونيس سينجروس، أن المؤسسات اليونانية العمومية والخاصة تسعى إلى مرافقة نظيراتها الجزائرية لإنجاز البرامج التنموية للخماسي 2015-2019. وأكد سينجروس، أن المؤسسات اليونانية نجحت في الخروج من الأزمة المالية تدريجيا والعودة إلى السوق الدولية من خلال بناء شراكات تعزز تنافسيتها وتنافسية شركائها. وحسب الأرقام المقدمة من طرف الغرفة الوطنية للتجارة والصناعة، فإن المبادلات التجارية بين البلدين قدرت بحوالي 568 مليون دولار خلال ال9 أشهر الأولى من 2014 مقابل 899 مليون دولار في 2013 و295 مليون دولار في 2009. وبلغت صادرات الجزائر نحو اليونان 364 مليون دولار في 2013، مثلت المحروقات فيها نسبة 94 بالمائة متبوعة بالمنتجات الغذائية من سكر أبيض وشمندر بنسبة 4 في المائة. وناهز حجم الواردات الجزائرية من اليونان في ذات السنة 535 مليون دولار تمثلت في المنتجات المصنعة والتجهيزات الصناعية والطاقة ومواد التشحيم والمواد الغذائية. وبخصوص الميزان التجاري فقد سجل فائضا لصالح اليونان ب175 مليون دولار في 2013.