تعرف المطاعم الشعبية في فصل الشتاء إقبالا كبيرا من قبل المواطنين الباحثين عن المأكولات الساخنة التي تزودهم بالدفء والطاقة ليتمكنوا من تحمل قساوة الجو البارد.. ولا يقتصر هذا الحنين على الرجال فقط، فحتى النساء العاملات وجدن ملاذهن بهذه المطاعم التي تقدم وجبات تشعرهن وكأنهن بالمنزل. نزلت «المساء» إلى أشهر الشوارع المعروفة بمطاعمها الشعبية بالعاصمة، ونقصد بذلك شارع طنجة العتيق الذي يحتضن أكثر من 30 مطعما متخصصا في المأكولات المنزلية. هناك تجلب الرائحة الطيبة للأطباق التقليدية المار ما يجعله غير قادر على مقاومة «الإغراء» فيلجأ إلى المحل ويطلب أطيب ما تم تجهيزه من أطباق لمقاومة برد الشتاء فتنزل الأسماك المقلية والدجاج المحمر.. وغيرها من المأكولات الشهية من عرشها لتحل محلها تلك الأطباق التقليدية البسيطة على غرار طبق اللوبيا، العدس، الحمص، الشوربة، الشخشوخة والدوبارة. المقبل على طلب هذا النوع من الأطباق ليس لتدفئة نفسه لما لهذه الأخيرة من خاصية السعرات الحرارية المرتفعة فقط، وإنما باحثا أيضا عن اللذة والمذاق الشهي الذي اكسب أصحاب تلك المطاعم الشعبية شهرة كبيرة بعد الخبرة التي اكتسبوها في مجال الطبخ، خاصة بعد السنوات العديدة التي مارسوا فيها هذه المهنة وسط هذا الشارع العتيق، علما أن منهم من تعلم فن الطبخ أبا عن جد. خلال تواجدنا بعين المكان، اقتربنا من بعض المحلات الشعبية واخترنا ما بدا لنا أنه أعتقها بالنظر إلى علامات الأصالة التي تعكس الطابع التقليدي فيه، حيث كان لنا خلالها حديث مع النادل جمال الذي قال لنا: «بمجرد سقوط أولى زخات المطر، نجد جميع المواطنين ينزحون من المطاعم السريعة «الفاست فود» والمختصة في بيع البطاطا المقلية، والسندوتشات، نحو محلات المأكولات التقليدية المعروفة التي تساعدهم على الشعور بدفء البيت وحنينه مثل الحساء، العدس واللوبيا. ويعلق جمال قائلا: «يوجد رابط قوي بين المواطن وبين المأكولات الشعبية، حيث اعتاد على تناول تلك المعدة من أيادي الأمهات، ففي كل فصل شتاء، ومنذ القديم تعمل ربات البيوت على اقتناء «العولة» للتنويع لأفراد العائلة على مدار الفصل بتحضير نوع من تلك الحبوب الجافة». وبمحل ثان، أرجع إبراهيم الإقبال على هذا النوع من المأكولات إلى غناها بالدهون، البروتين، الحديد والفسفور والتي تمنح الجسم الطاقة وفي هذا الخصوص قال: «اللوبيا البيضاء معروفة بغناها بالكربوهيدرات وسهولة الهضم، مما يفسر الإقبال عليها من قبل الأشخاص الذين يقومون بأعمال شاقة لارتفاع قيمتها الغذائية. اتضح لنا من خلال الجولة الاستطلاعية أن الإقبال الكبير على هذه المأكولات الشعبية لا يقتصر على الرجال فقط، بل لديها شعبية أيضا من الجنس اللطيف إذ صادفنا الآنسة دلال بالشارع رفقة زميلات عملها اللواتي يعملن بإدارة مؤسسة ميناء الجزائر، حدثتنا قائلة «إنها عندما تدق الساعة الثانية عشر تتجه مباشرة نحو الشارع لتناول وجبة الغذاء، وأردفت: «فصل الشتاء لا يليق به إلا الطعام الساخن والحار والغني بالبهارات، لأن قيمته الغذائية تمنح الجسم الدفء والشعور بالشبع، بدل تلك الساندويتشات الدسمة التي لا نفع فيها».