عاد أمس رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف إلى باكستان بعد سبع سنوات من المنفى في معطى جديد على الساحة السياسية الباكستانية التي تشهد تململا على مقربة من الانتخابات التشريعية المقررة في بداية الأسبوع الأول من شهر جانفي المقبل· وتأتي عودة نواز شريف في ظرف خاص تمر به باكستان على خلفية فرض الرئيس برويز مشرف لحالة الطوارئ منذ الثالث نوفمبر الجاري وما أعقبها من أزمة سياسية داخلية حادة وضغوط دولية لرفعها· وكان شريف حاول في العاشر من سبتمبر الماضي العودة الى باكستان غير أن السلطات الباكستانية أجبرته على العودة إلى منفاه بالعربية السعودية· وذكرت مصادر من حزب الرابطة الإسلامية الذي يقوده شريف أمس أن عودة زعيمها جاءت بعد اتفاق عقده مع مسؤولين باكستانيين دون ذكر تفاصيل هذا الاتفاق· وكان مصدر حكومي باكستاني أعلن أن نواز شريف الذي رفض لقاء الرئيس برويز مشرف لدى زيارته المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، التقى رئيس المخابرات الباكستانية الجنرال نديم تاج ومعاونا للرئيس مشرف في الرياض وهو ما مهد الطريق الى عودته أمس، غير أن شريف عاد ليشكل ثنائي الأطر مع رئيسة الوزراء السابقة بنظير بوتو على الرئيس مشرف بما قد يخلط حساباته السياسية خلال عهدته الرئاسية الجديدة· فرغم الضغوط الداخلية والخارجية الا أن الرئيس مشرف استطاع ولدرجة كبيرة تسيير الأمور بما يخدم مصلحته بعد فرضه حالة الطوارئ وعزله لمعظم قضاة المحكمة العليا الذين كانوا يشكلون حجر عثرة أمام تطبيق قرارتهم وعين مكانهم آخرون موالين له في محاولة للإمساك بزمام الأمور· لكن وبظهور معارض بحجم شريف على الساحة السياسية فإن الرئيس مشرف سيجد نفسه في موضع حرج والأمر متوقع في حال تحالف الاول مع بوتو والمشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة لقطع الطريق أمام حزب الرئيس· وفي حال فوز المعارضة بأغلبية المقاعد فإن الرئيس مشرف سيجد صعوبة كبيرة لتمرير سياسته في ظل وجود برلمان معاد· ويبدو أن هذا الإحتمال أكثر ورودوا بعد الدعوة التي وجهتها زعيمة حزب الشعب باتجاه عزيمها السابق نواز شريف لتشكيل سياسي والتي قبلها وأعلن في عدة مناسبات دعمه لموقف المعارضة إذا ما قررت مقاطعة الانتخابات التشريعية· ولا يستبعد أن يشارك نواز شريف في هذه الانتخابات يتبع بذلك بنظير بوتو التي أعلنت أمس رسميا ترشحها لهذه الانتخابات في مقاطعة كراتشي بجنوب البلاد· وكانت بوتو أعلنت نهاية الأسبوع أنها أعطت الضوء الأخضر لأعضاء حزبها لتقديم ترشحاتهم لهذه الانتخابات رغم أنها كانت تلح على ضرورة تنظيمها خارج إطار حالة الطوارئ· وأمام هذه التطورات فإن الرئيس مشرف وبدلا من أن يواجه بوتو لوحدها التي تحولت من حليف محتمل الى خصم عنيد أصح يواجه على جبهتين بعودة شريف بما قد يضعف موقعه· ويتقاطع هذا مع الضغوط الدولية المتواصلة وفي مقدمتها الامريكية لحمل الرئيس مشرف عى رفع حالة الطوارئ وإجراء الإنتخابات في الظروف العادية ومنه العودة إلى المسار الديمقراطي· غير أن الرئيس مشرف الذي يعتبر من بين أهم حلفاء واشنطن في حربها على الارهاب وإن كان رضخ إلى بعض هذه الضغوط إلا أنه بقي متمسكا بفرض حالة الطوارئ التي اعتبرها اجراء ضروري في ظل ما تشهده البلاد من عمليات انتحارية وهجمات مسلحة.