يبدو أن أيام الرئيس الباكستاني برويز مشرف في الحكم قد بقيت معدودة في ظل الضغوط الداخلية التي يواجهها على خلفية تزايد المعارضين لسياساته التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن ، حيث تتواصل هجمات المسلحين والتي أسفرت أمس عن مقتل خمسة جنود في هجوم انتحاري ضد قافلة عسكرية شمال غرب البلاد .. وأخطر ما يهدد أركان حكم هذا الحليف الوفي للولايات المتحدة هو أنه بات مرفوضا من طرف مؤسسات الدولة ذاتها ،وبالتحديد المؤسسة القضائية التي تتوالى في إصدار الأحكام لصالح خصومه السياسيين .. فمع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة أواخر العام الجاري ، أصدرت المحكمة العليا يوم الخميس قرارا يسمح بعودة رئيس الوزراء السابق نواز شريف إلى البلاد بعدما أمضى سبع سنوات في المنفى . وتجدر الإشارة إلى أن نواز كان قد أبعد من السلطة اثر الانقلاب الأبيض الذي نفذه ضده الرئيس مشرف عام 1999 وحكم عليه وقتها بالسجن المؤبد بتهم الخيانة والتهرب الضريبي وتحويل أموال ،ولكن بعد أن أمضى عدة أشهر في السجن عقد معه مشرف اتفاقا يتم بموجبه إلغاء الحكم الصادر ضده مقابل قبوله النفي عن البلاد لعشر سنوات .. وبالتالي ،فان سماح المحكمة العليا بعودة نواز شريف من المنفى قبل انتهاء مدة العشر سنوات يشكل ضربة قوية وتحديا أخر للرئيس برويز مشرف ، حيث كانت نفس الجهة قد أجبرته في جويلية من العام الجاري على إعادة افتخار محمد شودري إلى منصبه كرئيس للمحكمة العليا بعدما تمت إقالته بتهمة ارتكاب أخطاء مهنية وتجاوز سلطات ،ولكن المعارضة أرجعت سبب إقالة هذا القاضي إلى كونه أكثر المتحدثين عن النصوص الدستورية التي تمنع الرئيس من الترشح مجددا للانتخابات الرئاسية ومن المقرر أن يعود نواز شريف الذي يرأس حزب الرابطة الإسلامية في باكستان المنشف عن حزب مشرف إلى البلاد في غضون أسابيع ،حسبما أكد حزبه أمس الجمعة ، أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية التي ستكون حاسمة وينتظر أن تحدد مستقبل هذا البلد الذي يواجه تحديات أمنية كبيرة .. وليس من الصدفة أن تقرر رئيسة الوزراء السابقة " بنازير بوتو " هي الأخرى العودة من منفاها الذي لزمته بعد اتهامها من قبل حكومة نواز شريف بالفساد قبل موعد الانتخابات .. وهذه السيدة التي تولت رئاسة الوزراء لفترتين " 1988 1999 و1993 1997 " ، لا تخفي طموحاتها في أن تصبح أول رئيسة لباكستان ، الدولة الإسلامية ، وقد حرصت في المدة الأخيرة على الظهور بقوة في وسائل الإعلام العالمية من خلال تصريحاتها المنددة بنظام الرئيس برويز مشرف والمطالبة بترسيخ الديمقراطية والعدالة في بلادها ،وهي الشعارات التي تلعب على وترها من أجل الوصول إلى قلب وعقل المواطن الباكستاني البسيط ،وكذلك من أجل نيل رضى الإدارة الأمريكية التي لا تخفي هي الأخرى تدخلاتها المباشرة في سير العمليات الانتخابية في باكستان . وبخلاف موقفها الحذر من قرار السماح بعودة نواز شريف ، فقد أبدت واشنطن تأييدها لعودة " بنازير بوتو " التي تتولى رئاسة حزب الشعب الجمهوري ،وكشفت بعض التقارير الإخبارية عن وجود صفقة لتقاسم السلطة بين "بوتو" و "مشرف " بموافقة أمريكية ، تقضي بأن تحتل الأولى منصب رئيس الوزراء مقابل بقاء الثاني رئيسا ، وقد أقرت "بوتو" المقيمة بين لندن ودبي بوجود مفاوضات بهذا الشأن . ل// ل :