أثارت الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا واستقباله من طرف الرئيس ديمتري مدفيديف ردود فعل في إسرائيل التي تعاملت معها بعين الريبة والخوف على خلفية المعاهدات الاستراتيجية التي حكمت العلاقات الثنائية بين موسكوودمشق منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد. وتعتبر إدارات الاحتلال ان كل تقارب بين دمشقوموسكو يعني بالضرورة الحاق الضرر بها بل وتهديد أمنها بحكم المعاهدات الدفاعية القائمة بين البلدين منذ فترة الحرب الباردة. وكان من تداعيات هذه الزيارة كشف مصادر إسرائيلية أمس عن زيارة مرتقبة للوزير الأول الإسرائيلي ايهود اولمرت خلال الايام القادمة الى العاصمة الروسية بدعوى اقناع موسكو بعدم بيع اسلحة متطورة الى سوريا . وقال الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية مارك ريغف أن اولمرت أجرى أمس مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف على خلفية الجدل الدائر في إسرائيل حول صفقات أسلحة يكون الرئيس السوري قد ابرمها لتطوير ترسانة بلاده الحربية. وثارت ثائرة الحكومة الإسرائيلية بعد تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أكد استعداد بلاده بيع أسلحة متطورة لسوريا " ولكنه حرص على الإشارة إلى أنها أسلحة دفاعية ولن تحدث أي اختلال في ميزان القوى الاستراتيجي في المنطقة" . ولم تكن توضيحات رئيس الدبلوماسية الروسي عرضية ولكنها كانت بمثابة رسالة تطمين باتجاه حكومة الاحتلال لعلمه المسبق بالحملة التي يمكن ان تثيرها أي صفقة أسلحة روسية مع سوريا. ورغم تلك التطمينات إلا ان الطرف الإسرائيلي لم ير في الرد الروسي بما يشفي غليله أمام "دولة عدو" مما استدعى تنقل الوزير الأول إلى موسكو. وأثارت إسرائيل كل هذه الضجة رغم أن روسيا لم تكشف عن طبيعة الأسلحة التي تريد سوريا الحصول عليها ومدى قدرتها على تهديد الأمن الإسرائيلي. ثم إن إسرائيل أثارت كل هذا الصخب رغم انها شرعت في مفاوضات سلام غير مباشرة ممهدة لمفاوضات مباشرة مع دمشق قصد التوصل إلى اتفاق سلام بينهما. وبررت إدارة الاحتلال مخاوفها من احتمال وصول هذه الأسلحة وخاصة إذا كانت من الصورايخ المضادة للمدرعات أو مضادة للطائرات إلى أيدي حزب الله في جنوب لبنان الذي تربطه علاقات متميزة مع سوريا. وسارعت موسكو إلى التقليل من حدة المخاوف الإسرائيلية على لسان ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الفيدرالية الذي اكد إن مصالح روسيا وسوريا لا تقتصر فقط على التعاون في الميدان العسكري التقني بل تشمل عدة مجالات لا تقل أهمية. كما أكد القائم بأعمال السفير الروسي في إسرائيل اناتولي يوركوف أن بلاده ليس لديها نية لنشر نظام "اسكندر" الصاروخي المتقدم في سوريا. وقال الدبلوماسي الروسي أن موسكو ليس لديها أي مصلحة في "الإخلال بالتوازن الاستراتيجي في المنطقة" . كما سارعت مصادر سورية إلى نفي الادعاءات الإسرائيلية وأكدت زيف"ما روجت له بعض وسائل الإعلام بأن سوريا وافقت على نشر صواريخ اسكندر فوق أراضيها"، موضحا أن هذا الموضوع "لم يطرح إطلاقا" أثناء محادثات الرئيسين السوري بشار الأسد والروسي ديمتري مدفيديف.