ترى الأستاذة عقيلة صحراوي، مختصة في علم النفس وعلوم التربية والأرطفونية أنه بالنظر إلى الانتشار الكبير لمرض الزهايمر في المجتمع الجزائري، أصبح من الضروري تهيئة الأسر للتدخل السيكولوجي لمساعدة هذه الفئة في ظل غياب مراكز متخصصة تعنى بمرافقتهم الطبية. ... فإلى وقت قريب، لم يكن مرض الزهايمر معروفا، من أجل هذا كان يهمش المريض بسبب الجهل بالأعراض من ناحية، وبالنظر إلى تداخل مختلف الاضطرابات التي تصيبه مع بعضها البعض، وحتى إن تم نقله إلى المستشفى بعد أن تضطرب حالته، لا يتم الكشف عن هذا الداء، وإنما يتم تشخيص الأعراض المعروفة التي عادة ما يصاب بها كبار السن ممثلة في اضطرابات ضغط الدم، السكري أو ارتفاع نسبة الكوليسترول. ومع انتشار المرض، ظهرت أسباب أخرى ساعدت في تهميشه نتيجة الشعور بالخجل منه كون الأعراض التي تصيب المريض خاصة في مراحله المتقدمة تفقد ذاكرته نهائيا، ويظهر تصرفات غريبة، بعضها يبعث على الشعور بالحياء.. وأمام تطور الأوضاع بسرعة تقول المختصة النفسية عقيلة لاسيما وأن الواقع يشير إلى أن هذا المرض أصبح في الآونة الأخيرة يصيب الأشخاص في حدود 50 سنة قبل دخول مرحلة الشيخوخة، أي مع بداية مرحلة الكهولة، حيث يفقدون الذاكرة اليومية ومن هنا أصبح يعتبر مرض الزهايمر مشكلة نفسية، اقتصادية، اجتماعية وصحية تتطلب إعادة النظر من جميع النواحي. من جملة النتائج التي خلفها انتشار المرض تقول المختصة النفسانية، حيرة الأسرة الجزائرية وصعوبة تعاملها مع مسنها المصاب بالمرض، بسبب غياب مؤسسات ومراكز تتكفل بمثل هذه الحالات، إلى جانب قلة الأطباء المختصين لتقديم المساعدة للمريض وأسرته، مشيرة إلى أن المسن الذي يعاني من مرض الزهايمر في مجتمعنا وفي حالات قليلة جدا يوجه إلى مختص في مرض النورولوجيا، ويمكن أن يحظى في بعض الحالات النادرة بتكفل طبي بالموازاة مع التكفل السيكولوجي، أما باقي المرضى فإنهم يعانون في صمت بمنازلهم نظرا لقلة الاهتمام بهم، وفي أحيان أخرى لا يتم حتى الانتباه إلى الأعراض الأولية التي تصيبهم والتي تلعب دورا كبيرا في علاج المرض في مراحله الأولى ومن ثمة تجنب تدهور الحالة، ومن هنا تظهر أهمية أن يولي أفراد العائلة اهتمام أكبر بمسنهم، لأن المصالح الطبية اليوم تملك بعض العلاجات التي تسمى بتنبيه وتنشيط الذاكرة والتي يعول عليها كحل أولي للحد من تفاقم المرض. وتعتقد المختصة النفسانية، بأن توعية العائلات بهذا المرض مثل الحرص على باقي الأمراض ضرورة ملحة، على الأقل لمراقبة المرض وإيقاف تقدمه، وحتى تتم حمايته من مرحلة الجنون التي تضيع معها كل قدراته العقلية وتقول: «لا نملك أرقاما واضحة حول عدد المصابين بالمرض في مراحله المتقدمة، حيث لم يتم تحيينها بعد على مستوى وزارة الصحة، من أجل هذا نؤكد في كل مرة على التوعية خاصة وأن أغلب الحالات التي تم معاينتها تأتي في مراحل متقدمة، علما أن مرض الزهايمر يمر بأربع مراحل تعد فيها المرحلة الأولى والثانية المناسبة لمساعدة المريض وإنعاش ذاكرته، بينما تعد كل من المرحلتين الثالثة والرابعة من المراحل التي يصعب فيها تقديم المساعدة، علما أن هذا المرض يعد من الأمراض التي تصيب النساء أكثر من الرجال حسب بعض التبريرات التي قدمها المهتمون بالمرض والتي تم ربطها بكون النساء ينشطن أكثر من الرجال علميا وميدانيا فينتج عن ذلك ضعف في القدرات. والمطلوب اليوم أمام تفشي مرض الزهايمر بالمجتمع، السعي جديا لإنشاء مراكز للتكفل بهذه الشريحة، إلى جانب خلق فضاء لأفراد الأسر لتمكينهم من معرفة سبل التعامل مع مريضهم، ناهيك عن تكوين متخصصين في مرض الزهايمر للمساهمة في الكشف المبكر عن هذا الداء.