ألقى قرار العدالة الجنوب افريقية باعتقال الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، تنفيذا لقرار محكمة الجنايات الدولية باعتقاله بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، على أشغال القمة الإفريقية المنعقدة بمدينة جوهانسبورغ. وانتقل الرئيس السوداني إلى جنوب إفريقيا لحضور أشغال قمة الاتحاد الإفريقي الخامسة والعشرين، قبل أن يفاجأ بقرار قاض بإحدى المحاكم الجنوب إفريقية يطالب حكومة بلاده بمنعه من مغادرة ترابها إلى غاية إصدار المحكمة قرارا "استعجاليا" بشأنه في تلميح إلى احتمال اعتقاله وتسليمه لمحكمة الجنايات الدولية بلاهاي. وتلاحق هذه المحكمة الرئيس السوداني، بتهمتين الأولى أصدرتها سنة 2009 تخص ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، قبل أن تضيف سنة 2011 ضده تهمة الإبادة الجماعية ضد سكان هذا الإقليم الذي يعيش على وقع حرب أهلية منذ سنة 2003. وتحرك القاضي الجنوب إفريقي تنفيذا لطلب محكمة الجنايات الدولية، التي طالبت نهاية الشهر الماضي، السلطات الجنوب إفريقية باعتقال الرئيس السوداني وتسليمه لها بمجرد أن تطأ قدماه أراضيها بصفتها دولة موقّعة على معاهدة محكمة الجنايات الدولية. ودخلت بريتوريا في جدل قانوني مع محكمة لاهاي عبر سفيرها في هولندا، الذي أكد أن بلاده وجدت نفسها أمام تعهدات متناقضة، وأن القانون الخاص باعتقال المطلوبين يكتنفه كثير من الغموض، وهو ما نفته المحكمة الجنائية التي أكدت من جهتها أن القانون واضح ويتعين عليها تسليمها الرئيس السوداني. وتفاجأت الحكومة السودانية لهذه التطورات غير السارة ولكنها حاولت طمأنة الرأي العام السوداني، وأكدت أن زيارة الرئيس البشير، إلى جنوب إفريقيا تتم بشكل عاد وأنه سيعود إلى بلاده مباشرة بعد انتهاء قمة الاتحاد الإفريقي. وقال وزير الخارجية السوداني، كمال إسماعيل، إنه من الصعب إعطاء تفاصيل حول جدول أعمال زيارته ولكنه سيعود إلى الخرطوم، بمجرد انتهاء القمة مطمئنا بأن الأمور تسير بشكل عاد ولا شيء يهدد الرئيس. وقال إن ما تبثه وتنشره وسائل الإعلام مغاير تماما لحقيقة ما هو جار في جنوب إفريقيا، في إشارة إلى مشاركته في أشغال القمة. يذكر أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ألغى زيارته إلى جنوب إفريقيا بشكل مفاجئ بعد أن حركت جمعية جنوب إفريقية ورعايا مصريين مقيمين هناك دعوى قضائية مماثلة لاعتقاله بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب على خلفية الأحداث الدامية التي عرفتها مصر شهر جويلية 2013. يذكر أن الرئيس السوداني، كثيرا ما سافر إلى بلدان موقّعة على معاهدة روما لإنشاء محكمة الجنايات الدولية رغم المتابعة الجنائية التي تلاحقه، ولكنه لم يتعرض إلى ما حدث له أمس في جنوب إفريقيا.