أعلن وزير التجارة السيد عمارة بن يونس، أن رخص الاستيراد ستشمل 30 مادة أساسية على أكثر تقدير، تمثل الفئات التي تكلّف خزينة الدولة مبالغ ضخمة عند الاستيراد، خاصا بالذكر الإسمنت والسيارات. وكشف أن استخدام الرخص في استيراد السيارات سيسمح بتسقيف عددها ب 400 ألف سيارة سنويا، إلا أنه اعتبر أن الهدف من فرض الرخص ليس تقليص الواردات وإنما "التسيير العقلاني للتجارة الخارجية". وأوضح السيد بن يونس أن حجم استيراد السيارات انتقل من 7 ملايير دولار في السنة إلى 5ملايير دولار حاليا،إلا أنه اعتبر أن فرض المصنّعين استيراد كميات معيّنة على الوكلاء، جعل من الجزائر "مستود عاكبيرا" للسيارات. وقال إن الأمر لم يعد مقبولا، لاسيما أن الدفع يتم مسبقا، ولذا فإن الحكومة ستلجأ إلى تحديد كميات السيارات المستوردة عبر فرض رخص الاستيراد بالتنسيق بين وزارتي التجارة والصناعة. وردّا على انشغالات أعضاء الأمة التي تم طرحها أمس بمناسبة عرض ومناقشة مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 03-04 والمتعلق بالقواعد العامة المطبقة على عمليات استيراد البضائع وتصديرها، فإن الوزير شدد على أن الرخص تُعد استثناء يؤكد حرية التجارة الخارجية، وأن الرخص سيتم فرضها بعد التفاوض مع الوزارات المعنية، لاسيما وزارتا الصناعة والفلاحة. وبخصوص مقاييس وكيفيات تطبيق القانون والتي كانت محور التساؤلات العديد من أعضاء مجلس الأمة الذين عبّروا عن تخوفهم من أن تصبح هذه الرخص وسيلة للابتزاز أو تنامي ظواهر مثل البيروقراطية والرشوة والاحتكار، قال السيد بن يونس إن لجنة وزارية مشتركة تترأسها وزارة التجارة وتتكون من ممثلي وزارات المالية والصناعة والفلاحة، ستتكفل بتسليم الرخص، مشيرا إلى أن عاملين اثنين سيمثلان أهم معيارين لتقديم الرخص، وهما "الاحترافية" و«إعطاء الأولوية للمتعاملين الجزائريين". كما سجل أن الظواهر السلبية التي تحدّث عنها أعضاء مجلس الأمة، موجودة حاليا، قائلا: "إن الفساد واللوبيات والرشوة موجودة حاليا، ونحن نعمل على تطهير التجارة الخارجية". وأرجع الهجمة التي كان هدفا لها في الأسابيع الماضية، إلى عملية التطهير التي تمت مباشرتها. وبالنسبة للوزير، فإن مشكل الجزائر ليس حجم وارداتها الذي وصل إلى 58 مليار دولار، لاسيما أن هيكلة الواردات تشير كما أضاف إلى أن ثلثها عبارة عن مواد تجهيز موجهة للصناعة، وثلثها مواد أولية موجهة لنفس القطاع، والثلث الأخير مواد استهلاكية، وإنما يكمن المشكل في غياب صادرات خارج المحروقات، من شأنها تحقيق التوازن في الخزينة، معتبرا أن الأهم هو تنويع الاقتصاد الوطني وليس تقليص الواردات. وعن تناقض هذا الإجراء الجديد مع قواعد منظمة التجارة العالمية التي تأمل الجزائر في الانضمام إليها قريبا، رد وزير التجارة بالتأكيد على أن الأمر ليس كذلك، مشيرا إلى أن هذا الإجراء مسموح به من طرف المنظمة كقيد يحق للدول اللجوء إليه عند الحاجة. وبالمناسبة، تطرق لموضوع الانضمام، بالتذكير بتعليمات رئيس الجمهورية، التي قال إنها "واضحة"، والتي تدعو إلى "الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية مع مراعاة المصالح الاقتصادية للبلاد". وبالنسبة للوزير فإن أهم آفتين تعرفهما عمليات الاستيراد في الجزائر، هما "تضخيم الفواتير" و«التقليد"، وقال إن الوزارة تعمل على مكافحتهما، مشيرا إلى وضع مخبر للنوعية حيز الخدمة قريبا في مدينة سيدي عبدالله بالشراكة مع مخبر فرنسي، وتجنيد 6000 عون في رمضان وفصل الصيف من أجل محاربة ظاهرة غياب الفوترة. وحول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، كشف السيد بن يونس أن الوزير الأول كلّف مؤخرا وزارات الخارجية والطاقة والمالية والفلاحة والصناعة والتجارة، بإعداد تقييم للاتفاق، وأنه تم عقد أول اجتماع لهذا الغرض في الأيام الماضية. وكان أعضاء مجلس الأمة قد عبّروا خلال جلسة النقاش التي أعقبت عرض مشروع القانون، عن تخوفاتهم من طريقة تجسيد الإجراءات الجديدة، لاسيما رخص الاستيراد رغم تثمينهم لها كخطورة لعقلنة الاستيراد. كما طالبت جل التدخلات في الجلسة التي ترأّسها السيد عبدالقادر بن صالح رئيس المجلس، بالعمل من أجل القضاء على الممارسات الفوضوية والمافياوية التي تعرفها التجارة الداخلية والخارجية. وقال بعضهم إن هناك "انعدام رؤية واضحة" لدى الحكومة في المجال الاقتصادي، جعلها تتأرجح بين الاقتصاد الموجه والاقتصا دالحر. في هذا السياق، أجمع أغلب المتدخلين على ضرورة إعادة النظر في إجراءات الدعم الموجهة للمواد الأساسية. وطالب هؤلاء بوضوح برفع أسعارها وتوجيه الدعم للفئات المعوزة بصفة مباشرة، من أجل القضاء على التبذير الذي تشهده بعض المواد، لاسيما الخبز؛ حيث تحدّث أحدهم عن رمي 120 مليون خبزة خلال الأيام الأولى من هذاالشهر. وعن هذا الموضوع، جدد وزير التجارة التأكيد على عدم عزم الحكومة المساس بأسعار هذه المواد؛ تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية والوزير الأول. وقال إن المساس بها "غير وارد تماما في الوقت الحالي". للإشارة، فإن عملية التصويت والمصادقة على مشروع القانون ستتم اليوم بمجلس الأمة.