يكتسي فصل الصيف عند العائلة السكيكدية أهمية خاصة، ليس لأنه فصل للراحة والاستجمام على شاطئ البحر، بل لأنه الفصل الوحيد الذي تنتعش فيه الأعراس والأفراح، فجل العائلات بسكيكدة تفضل إقامة أفراحها في هذا الشهر الذي تستعد له طيلة السنة تقريبا، من خلال إعداد قائمة المدعوين واقتناء لوازم وحاجيات صناعة الحلويات، بما في ذلك الشروع في استئجار القاعة التي ستحتضن الأعراس وتكون بأشهر على أساس أن السكيكديين أصبحوا خلال السنوات الأخيرة يفضلون إقامة أفراحهم خارج مساكنهم لاعتبارات كثيرة، حتى وإن كانت من باب التقليد والتفاخر والتظاهر، ما أفقد أعراس سكيكدة نكهتها التي كانت تتميز بها أيام زمان. لم تعد العائلات السكيكدية تكترث بالأسعار الباهظة التي تدفعها نظير إقامة أفراحها في إحدى القاعات المخصصة للأعراس والتي تتراوح بين 80.000 دج إلى 120.000 دج، حسب طبيعة القاعة وموقعها وعدد المعزومين، ناهيك عن الخدمات التي تقدمها للزبائن. ونشير هنا إلى أن كل قاعات الأفراح المتواجدة بمدينة سكيكدة والمقدر عددها بأكثر من 10 قاعات، كلها محجوزة إلى غاية نهاية شهر أوت القادم وإلى غاية النصف الأول من شهر سبتمبر، حسبما تأكدت منه "المساء". أما العائلات متوسطة الحال، فتقام أعراسها على مستوى ساحة الحي أو ببعض القاعات الرياضية المُسيّرة من قبل البلدية، منها قاعة الرياضة بحي مرج الذيب التي يكثر الطلب عليها هي الأخرى من قبل العائلات متوسطة الدخل على اعتبار أن أسعار الكراء لا تتعدى في كثير من الأحوال ال6000 دج، مما يجعل هذه الأخيرة محجوزة إلى غاية نهاية شهر سبتمبر المقبل. أما العائلات التي لم يسعفها حظ الحجز على مستوى مختلف قاعات المدينة، فتفضل إقامة أعراسها داخل الحي بمساهمة من الجيران في واحدة من أسمى مظاهر التضامن، بوضع شققها تحت تصرف أهل العرس. في حين تبقى الفنادق حكرا على الطبقة ميسورة الحال التي تلجأ إليها عادة من باب التباهي والمفاخرة، مع الإشارة إلى أن سعر إقامة عرس على مستوى فندق سياحي بسكيكدة يفوق بكثير 180 ألف دج حسب الاتفاق الذي يتم بين المسير وأهل العريس، فكلما كانت الخدمات أوسع وأشمل كلما ارتفع سعر الاستئجار. وقد أدى تهافت العائلات السكيكدية على هذه القاعات، إلى رفع تكاليف الأعراس والأفراح التي أفرغت من محتواها بعد أن وجد فيها البعض الفرصة السانحة للثراء، رغم أن بعض تلك القاعات لا تتوفر على الشروط الضرورية والقانونية التي من شأنها السماح بتنظيم العرس في ظروف جيدة تحترم فيها السلامة والأم، ومن ذلك نذكر غياب منافذ النجدة وافتقارها للجدران العازلة للأصوات، مما يحول حياة قاطني السكنات القريبة من القاعات إلى شبه جحيم أمام صخب الموسيقى المنبعث منها والتي تستمر أحيانا إلى ما بعد منتصف الليل، ناهيك عن افتقار القاعات لدوريات المياه وغيرها من الخدمات الضرورية. وعن ظاهرة تفضيل العائلات السكيكدية، إقامة أفراحها على مستوى القاعات، فقد أرجعها البعض ممن تحدثنا معهم إلى كون تلك القاعات توفر على العائلة التعب والوقت والراحة. كما أنها تستوعب عددا مقبولا من المدعوين، بينما يرى البعض الآخر أنها عادة دخيلة أفرغت أعراس سكيكدة من محتواها بعد أن أصبحت عنوانا للتفاخر والتباهي والاختلاط. ومهما يكن من أمر. فإن ظاهرة إقامة الأعراس بسكيكدة داخل قاعات الأفراح تبقى ظاهرة مفروضة بين مرحب بها ومتحسر على أعراس أيام زمان.