يواجه الفلاحون خلال موسم الصيف، صعوبات كبيرة في جني المحصول تحت أشعة الشمس اللافحة، لذلك يبدأون يومهم فجر كل يوم، حيث يعملون على جني الخضر والفواكه الموسمية قرابة ساعتين من الزمن، ثم تبدأ عملية الفرز لحوالي ساعة، لينطلقوا بمحاصيلهم نحو المستهلك، حيث أن أغلب أولئك الفلاحين يحرصون على بيعها مباشرة للمستهلك.. إننا هنا نتحدث تحديدا عن فلاحين في منطقة حاج احمد بزموري. من المهن الشاقة خلال فصل الصيف، عمل الفلاحين في جني المحاصيل وإلى جانبهم بعض العمال الموسميين ممن يجدون في جني الخضر والفواكه ما يشغل أوقاتهم خلال العطل ويربحهم مبالغ مالية كلٌ يصرفها في شؤونه الخاصة. ومع الارتفاع المحسوس في درجات الحرارة والرطوبة هذه الأيام. تتضاعف صعوبات العمل بالنسبة إليهم، حيث يتطلب عملهم جهدا عضليا كبيرا، وبما أنهم يعملون في الأراضي المفتوحة فهم عرضة لكل تقلبات الطقس. "المساء" تحدثت إلى بعض أولئك الفلاحين ممن يعملون في أراضيهم الخاصة بمنطقة حاج احمد ببلدية زموري في ولاية بومرداس، والذين أكدوا صعوبة العمل تحت أشعة الشمس اللافحة، خاصة أن الأرض تعتبر مصدر رزقهم الوحيد، لذلك فهم مضطرون للعمل تحت كل الظروف. كما أنهم يعملون بشكل مضاعف، أي فلاحون وباعة في آن واحد، وهو حال من تحدثنا إليهم. قرية حاج احمد في بلدية زموري تحصي 175 فلاحا جلهم يعملون في أراضيهم، وأغلبهم من عائلة واحدة يمتهنون الفلاحة جيلا عن جيل، تجد من الفلاحين مسنين وكهولا وشبابا يرتبطون بالأرض أشد ارتباط، حيث أكد أغلب من تحدثنا إليهم أن الأرض بالنسبة لهم هي الحياة بكل معانيها، فكل خيرات الإنسان تأتيه منها، حتى أن أحدهم علق يقول: "الأرض وخدمتها ساكنة في دمي ولا أعرف لنفسي حرفة أخرى غيرها". ومن الأرض إلى المستهلك يكون هؤلاء الفلاحين همزة وصل، إذ لا يكتفون بالزراعة وجني المحصول فحسب، وإنما يصبحون باعة يعرضون بضاعتهم من خضر وفواكه موسمية على المستهلك مباشرة، فعلى طول الطريق الرئيسية بمدخل منطقة حاج احمد يصطف الباعة بشاحناتهم الصغيرة المليئة بمختلف الخضر، فيما يختار آخرون عرض الخضر والفواكه في صناديق على قارعة الطريق، وإلى جانبها الميزان وحزمة من الأكياس البلاستيكية، داعين المستهلك إلى ملء ما يريد من احتياجاته بيديه وهم يرددون على مسامعه "جنينا كل الخضر هذه الصبيحة من البحاير" (أي من الأرض)، ومن السهل جدا على هذا المستهلك التأكد من هذا الأمر، فكل الخضار تم جنيها ببعض أوراقها، مثل الكوسة (القرعة) والفلفل الأخضر (الطرشي) والفلفل الحار والطماطم، حتى العنب و«النكتارين" و«الدلاع" وغيرها..كلها ملفوفة في بعض أوراقها الخضراء، مما يوحي بأنها طازجة وتم جنيها للتو. وعن صعوبات العمل في جني المحصول الفلاحي تحت درجات حرارة ورطوبة عالية مسجلة هذا الموسم، قال إبراهيم - وهو فلاح من منطقة مندورة – إنه يستيقظ فجر كل يوم ويقصد الأرض عند الخامسة صباحا رفقة أفراد من عائلته منهم أخوه أحمد، للعمل على جني المحاصيل ومنها الطرشي والفلفل والباذنجان، حيث يمضون ساعات الصباح الأولى في جني المحصول قبل أن ترتفع الشمس وتثنيهم عن ذلك بسبب أشعتها اللافحة. فيما قال أخوه أحمد بأنهم ألِفوا هذا العمل منذ سنوات ولا يمكنهم الابتعاد عن الأرض، معترفا بأنه كان ولعدة مرات ضحية ضربات الشمس بفعل العمل المباشر تحت أشعتها اللافحة. أما عن العمل تحت أشعة الشمس فيقول المتحدث بأنهم يستعينون ب«المظلات"، ويقصد بها قبعات مصنوعة من نبتة الدوم، كما لا تفارقهم قوارير المياه الباردة التي يجلبونها معهم من منازلهم القريبة. مبينا أنهم يعملون في جني المحصول على أيام متتالية لحوالي الساعتين، ثم تبدأ عملية فرز الخضر والفواكه وفصلها عن بعض أوراقها، ووضعها في صناديق، وبعدها تحمل على الشاحنات مباشرة إلى المستهلك. ويؤكد المتحدث أنه في بعض الحالات يتم بيع المحصول بالجملة خاصة في موسم الشتاء، أما في الصيف ومع الوفرة المسجلة في شتى أنواع الخضر والفواكه، فيعمل هو شخصيا على بيع المحصول على قارعة الطريق، ويعلق بقوله؛ "اليوم الصيفي طويل، بالتالي أقسم عملي بين جني المحصول وبيعه إلى منتصف النهار، وبعدها آخذ قسطا من القيلولة، ثم أقصد الشاطئ القريب للاستجمام وهكذا". من جهته، قال فلاح كان يومها (صبيحة الجمعة) يعرض صناديق من محصول الباذنجان إنه لا يعرف لنفسه مهنة أخرى غير الفلاحة التي ورثها عن والده، موضحا أن يومه يبدأ عند الفجر بشكل يومي، ولا سبيل له لأن يغطّ في النوم فذلك معناه خسارة مزدوجة، أي خسارة المنتوج إذ لم يتم جنيه، حيث أن هناك رزنامة محددة مسبقا لجني الخضر والفواكه، حسب المربعات في كل مساحة مغروسة، أضف إلى ذلك خسارة مادية، "فإذا لم نبع الخضار لا مدخول مادي لنا"، يقول المتحدث مؤكدا أنه يعتمد على البيع المباشر للمستهلك وليس لتجار الجملة، موضحا أن هذا التعامل الأخير فيه الكثير من المشاكل. وتحدثت "المساء" أيضا إلى بائع آخر كان يومها يعرض صناديق من العنب و«النيكتارين"، قال إن العمل الذي يتطلب جهدا عضليا كله متعب وليس فقط عمل الفلاح، ولكل عمل خصوصية وعمل الفلاح يقتضي منه العمل باكرا في الحقول لأنها مفتوحة على كل تقلبات الطقس، وكما أن العمل في الشتاء متعب فإنه متعب أيضا في الصيف تحت أشعة الشمس اللافحة ودرجات الرطوبة العالية، وقال إنه يستعين بقارورات الماء البارد التي يتم وضعها لليلة كاملة في المجمد، مؤكدا أنه يسارع إلى جني أكبر كمية من المحصول الفلاحي قبل السابعة صباحا، ليقصد بعدها سوقا مفتوحة على قارعة الطريق بمنطقة حاج احمد لعرضه على المستهلك على الطريق الوطني رقم 24.