كشف المحامي مروان عزي، مسؤول خلية متابعة وتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أمس، عن إجراءات جديدة في مجال المصالحة الوطنية خلال الدخول الاجتماعي القادم. وقال "متفائلون أنه مع الدخول الاجتماعي سيكون هناك جديد في ملف المصالحة الوطنية". وأكد أن التقرير النهائي والشامل لخلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، التي كان يرأسها- قبل أن تنتهي مهمتها في جوان الماضي- تم الانتهاء من إعداده وسيسلّم في الأيام القادمة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وأوضح السيد عزي، أن التقرير الذي يتحدث عن نشاط الخلية من 2006 إلى 2015، سيشمل ثلاثة محاور يتعلق الأول بالإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية، في إطار المادة 47 من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي تنص على أنه "يمكن لرئيس الجمهورية أن يتخذ أي تدبير يراه مناسبا من أجل السير الحسن لإجراءات المصالحة"، ويتعلق الثاني بالفئات التي استفادت من إجراءات المصالحة بالأرقام والاحصائيات، أما المحور الثالث فسيتضمن اقتراحات وتوصيات تتعلق بتوسيع نطاق المستفيدين من المصالحة وكذا تفعيلها ميدانيا، "إما باستخدام المادة 47" وإما عن طريق "إطار قانوني آخر مستقل". وحسب ضيف "منتدى ديكانيوز"، فإن التقرير سيتطرق إلى فئات جديدة لم تستفد من المصالحة الوطنية، منها ملف جنود التعبئة "وعددهم ضخم جدا" كما قال وهي الفئة التي تم إعادة تجنيدها في إطار مكافحة الإرهاب ويطالبون اليوم بتعويضات، إضافة إلى ملف الجنود الذين أصيبوا بعاهات أو عجز منسوب للخدمة في إطار مكافحة الإرهاب، وكذا ملف المحبوسين في إطار المحاكم الخاصة والعسكرية. المصالحة من مقومات الأمة في الدستور الجديد من جانب آخر، كشف بأن المقترحات التي قدمت من طرف رئاسة الجمهورية، بشأن تعديل الدستور كرست في ديباجته أن المصالحة الوطنية ستكون من "مقومات الأمة"، موضحا بأن ذلك لا يعني أن إجراءات المصالحة ستوضع في الدستور، وإنما "مفهومها وروحها وفلسفتها". وبالمناسبة دافع السيد عزي، عن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بشدة، وقال إنه حقق "نتائج كبيرة"، وذكر في هذا السياق أن الميثاق "ساهم مساهمة فعّالة في عودة الأمن وانحسار رقعة الإرهاب"، مشيرا إلى أنه مازال يمثل حدثا وطنيا بالنظر إلى لجوء عناصر مسلّحة إلى تسليم أنفسها في الأيام الأخيرة للاستفادة من تدابيره. وردا على منتقدي هذا المسار لاسيما الذين يقولون بأنه كرّس سياسة اللاعقاب، عاد السيد عزي، بالأذهان إلى الظروف التي تم فيها إعداد هذا الميثاق وكذا الاستفتاء الذي أعطاه التزكية الشعبية، مشيرا إلى أنه طيلة تطبيق تدابير المصالحة كانت العدالة تعمل باستمرار لمتابعة العناصر الإرهابية التي لم ترد الاستفادة من المصالحة، كما واصل الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن مكافحتها للإرهاب في الميدان بعمليات نوعية. وفي الوقت الذي أكد فيه استفادة أكثر من 15 ألف شخص من تدابير الوئام المدني والمصالحة الوطنية مجتمعين، فإن المحامي نفى وجود أي حالات "تصفية حسابات" أو "عمليات انتقام" في أي مكان بالجزائر منذ تطبيق تدابير الوئام والمصالحة. وشدّد على أن المصالحة ستتواصل وقال إنه "لا تراجع على الإطلاق عن المكاسب التي تحققت بفضلها"، مضيفا أنها "مكسب وخيار وصوت لا يعلى عليه"، وأنه لن يتم إيجاد أي بدائل لها مع الاستمرار بالموازاة في مكافحة الإرهاب "التي لم تتوقف أبدا"، ولكن لا يمكن "صد أي شخص يريد تسليم نفسه" كما أشار إليه. وحسب السيد عزي فإن هناك اقتناعا حقيقيا حاليا لدى بعض العناصر المسلّحة لتسليم نفسها، والدليل على ذلك تسليم إرهابيين لأنفسهم مؤخرا بعد 20 سنة من العمل المسلّح، داعيا الذين مازالوا يحملون السلاح إلى اللجوء إلى نفس الخيار للاستفادة من تدابير المصالحة. الوقت غير مناسب لفتح ملف المسؤوليات وانتقد من جانب آخر "بعض الأطراف الداخلية" التي قال إنها تستعمل ملفات المأساة الوطنية "للمناورة والمزايدة والتلاعب"، وأكد أنه لا يمكن استعمال ملفات المأساة كورقة أو كسجل تجاري لأغراض سياسية. واتهم هذه الأطراف التي لم يحددها، بالتنسيق مع أطراف خارجية لاستعمال ملف المفقودين كورقة ضغط وابتزاز، مهملين باقي الملفات مثل ضحايا الإرهاب أو الأطفال المولودين بالجبال. وقال إنها ترسل "تقارير" إلى سفارات وعواصم أجنبية ل«تشويه صورة الجزائر والادّعاء بأن الأجهزة الأمنية هي وراء اختطاف الأشخاص". وقال إنه تم إحصاء أكثر من 7144 عائلة مفقود إلى غاية نهاية 2014، وتم تعويض أكثر من 7100 عائلة، والبقية رفضت ذلك متمسكة بما تسميه مطلب "الحقيقة والعدالة". وجدد السيد عزي، دعوته إلى تحيين قانون المصالحة، معتبرا أنه كأي قانون ليس "قرآنا" ويجب تكييفه مع المستجدات والتطورات الحاصلة، وقال إن ميثاق السلم والمصالحة "أعطى كل ما كان يجب أن يعطيه". وتحدث عن وجود 15 فئة غير تلك التي وردت في الميثاق تستحق الاستفادة من تدابيره، مشيرا إلى أن الإرادة السياسية متوفرة للاستماع لكل الانشغالات المطروحة، مذكّرا بقرار رئيس الجمهورية، بعد تقرير رفع له سنة 2011 بتعويض النساء المغتصبات ورفع الحظر عن السفر على المستفيدين من إجراءات المصالحة. بالمقابل عبّر عن رفضه التام ل«فتح ملف المسؤوليات" وقال إن الوقت غير مناسب حاليا لذلك، وأنه "يجب ترك الأمر للزمن حتى نتمكن من مداواة كل الجرح"، مشيرا إلى أن "محاولة فتح هذا الملف سيفتح المزيد من المشاكل التي نحن في غنى عنها". مزراق لا يحق له النشاط السياسي في إطار القوانين الحالية وعن الجدل الدائر في الساحة السياسية حاليا بعد إعلان "الأمير" السابق لما يسمى "الجيش الإسلامي للانقاذ" مدني مزراق، عن نيته في إنشاء حزب سياسي، قال مروان عزي، إن قانون المصالحة واضح في مادته 26 التي تقول بوضوح إن كل من تسبّب باستعمال الدين في الفتنة التي مرت بها الجزائر، ممنوع من النشاط السياسي بصفة العموم وبصفة الجمع، كما أن المادة 4 من قانون الأحزاب تمنع المتسببين في المأساة الوطنية من النشاط السياسي. وأشار إلى أن التعبير عن النية في إنشاء حزب لا يعني أن الحزب موجود سياسيا إلا أنه شدّد على أن هذا الشخص "ممنوع من ممارسة النشاط السياسي بموجب القوانين المعمول بها الآن"، مضيفا أنه في حال "كانت هناك إرادة أخرى فيجب تغيير القوانين ويجب ايجاد إطار قانوني آخر يسمح لممارسة بعض العناصر للنشاط السياسي، وذلك إما في إطار تطبيق المادة 47 من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، أو وضع إطار قانوني آخر. ويتكلم البعض عن صيغة العفو الشامل". وإذ نفى علمه بالمعطيات المتعلقة بهذا الموضوع، فإن السيد عزي، أكد بأن الوحيد الذي يملك صلاحية القرار هو "رئيس الجمهورية"، مضيفا بأنه في حال وجود اتجاه آخر فإنه لابد من وضع "قوانين واضحة تتحدث عن الأشخاص بحد ذاتهم الممنوعين عن النشاط والمسموح لهم بالنشاط لأن العقوبات شخصية". وبشأن انتهاء مهمة خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي ترأسها لمدة 9 سنوات، قال إنها طبّقت الميثاق بنسبة 95 بالمائة، وإنها استنفذت كل الإجراءات واستمعت إلى كل الأطراف، مشيرا إلى أن "الكرة في مرمى رئيس الجمهورية، ليتخذ الإجراءات الرامية لتعزيز وتفعيل المصالحة، وبعد ذلك ستكون هناك آليات أخرى لتطبيق ما قد يتخذ من إجراءات".