نعيش هذه الأيام على وقع التحضير لإحياء شعيرة دينية عزيزة على قلوبنا وهي عيد الأضحى المبارك، ومن خلال هذه المناسبة، ارتأت"المساء" تسليط الضوء على بعض الخرافات المرتبطة ببعض أجزاء الأضحية ك "الهيدورة" والقرون.. اخترنا في جولتنا الاستطلاعية التقرب من النساء الطاعنات في السن، باعتبارهن الأكثر اطلاعا على بعض الخرافات التي كانت تمارس قديما ويجري توريثها للأجيال، كون نتائجها مضمونة، وتبين لنا من خلال ما استقيناه من خرافات أن بعضها يحمل من الطرافة ما يجعلك تصاب بنوبة ضحك، فيما يبعث البعض الآخر الانطباع بأننا نعيش في العصر الجاهلي، لأن بعضها لا يخالف العلم ويرفضه المنطق البشري الواعي فقط، وإنما يتعارض مع الدين، من بين الخرافات التي استقيناها على لسان الحاجة يمينة من سكان بلدية الأبيار، التي ما إن طرحنا عليها السؤال حول بعض المعتقدات المرتبطة بأضحية العيد، حتى قالت على الفور بأنها تذكر قديما أن والدتها كانت بمجرد أن تذبح الأضحية تقوم بإخفاء بعض دمها، حيث تضعه في مكان آمن إلى أن يجف، ومن ثمة تخفيه في علب، والحكمة من ذلك هو الاعتماد عليه في علاج بعض الأمراض أهمها التهاب اللوزتين عند الأطفال، وتشرح؛ "عندما كنا نصاب بالتهاب اللوزتين كانت والدتي تقوم بتذويب القليل من الدم في راحة اليد ثم تدهن أعلى الرقبة، أي مكان تواجد اللوزتين وسبحان الله سرعان ما يختفي المرض"، وتعلق؛ "حقيقة الطب الحديث أثبت فعاليته في علاج الأمراض، لكنني مثل والدتي أؤمن كثيرا بمثل هذه المعتقدات لأن الأضحية مباركة". وإذا كان دم الأضحية في اعتقاد الحاجة يمينة يعالج بعض الأمراض، فإن تمكين الطفل الصغير من أكل لسان الأضحية كفيل أيضا بجعل هذا الأخير ينطق بسهولة ويسر حسب الحاجة زهور التي كانت بصدد اقتناء بعض التوابل الخاصة بتحضير "البوزلوف"، حدثتنا قائلة: "فيما مضى كان أجدادنا يمنعوننا من أكل لسنان الأضحية وكانوا ينصحون بطبخ اللسان للطفل الصغير، ليتمكن من التحدث بطلاقة، وتعلق: "كل أولادي طبخت لهم لسان الأضحية وحرصت على تمكينهم من أكلهاو وعلى الرغم من أن بعضهم تحدث مكبرا إلا أن البعض الآخر عرف نوعا من التأخر، ومع هذا أنصح أحفادي اليوم بتطبيق هذا الاعتقاد". ومن أغرب الاعتقادات التي وقفنا عندها، تلك المتعلقة بصوف الأضحية في مجال التداوي، حيث كشفت لنا مواطنة عن طريقة تؤكد أنها فعالة في علاج داء الربو ومفيدة أيضا لكل من يعاني من صعوبات في التنفس، ويدور هذا الاعتقاد حول الصوف الموجود أسفل ذيل خروف الأضحية، فبعد نحره حسب محدثتنا، "يتم نتفه، ثم حرقه واستنشاق بخاره طبعا لمن يعاني من هذا المرض"، مشيرة إلى أن هذه الطريقة كانت قديما من أنجح الطرق في علاج كل ما يتعلق بالأمراض الصدرية. ومما تذكره أيضا ولا تزال تطبقه وتنصح أفراد عائلتها بضرورة التمسك به، ما يتعلق بالسكين التي يتم ذبح الأضحية بها وتشرح: "مما توارثناه عن أجدادنا أن السكين التي تذبح بها الأضحية وقبل أن توضع على الأرض يتم تمريرها على جبين البنات والحكمة في ذلك تتمثل في إبعاد النحس ويتزوجن". ... وللقرون حكاية أخرى من الطرافة في هذه المعتقدات أن قرون أضحية العيد حازت على حصة الأسد من الاعتقادات الخرافية، فكان مثلا من بين ما استقيناه على لسان بعض النساء أن قرون الأضحية بعد نحرها يتم تنظيفها وطلاؤها، ثم يجري تزيين المنزل بها، بينما اعتبرت أخريات أن القرون مباركة لأنها مرتبطة بالأضحية ومن ثمة يتم التفاؤل بها، من أجل هذا تعلق في بعض أركان المنزل، بينما تعلقها أخريات في الشرفة من منطلق أنها تجعل أبناءهن ناجحين، ولعل من أغرب ما اكتشفناه أن البعض يعتقد أن الاحتفاظ بقرون الأضحية يمكنهم من اقتناء أضحية أخرى في العيد المقبل، فيما يربط آخرون بين الحسد وإبعاد العين، حيث يعتقدون أن تجميل المنزل بالقرون يبعد العين الحسود عن كل سكانه، فيما يذهب آخرون إلى الاعتقاد بأن رمي حواف الخروف بعد تشوطه على الأطفال يحميهم أيضا من الحسد. معتقدات خرافية تفتح باب الشرك الأصغر وحول المرجعية الدينية لمثل هذه المعتقدات والخرافات المرتبطة بأضحية العيد، يرى الأستاذ موسى زروق إمام بمسجد ابن باديس "أن مثل هذه الاعتقادات تخالف ديننا الحنيف، فبالرجوع إلى الشريعة الإسلامية نجد أنها جاءت لتكريم العقل البشري وحفظه من كل ما يضره، ومن المعروف أن من الكليات الخمس هي حفظ العقل وتحديدا من هذه الخرافات والبدع والمعتقدات التي لا أساس لها من الدين ولا يقبلها العقل السليم. من نعم المولى عز وجل أن جعل العقل السليم لا يخالف الشرع، بالتالي يقول الإمام موسى؛ هذه الخرافات تفسد فرحة العيد، وفيها جانب من الشرك الأصغر، لذا من الضروري تجنبها بتركها، فمن يعتقد أن القرون تبعد الحسد وأن السكينة تساعد على الزواج فهذا يقود إلى الشرك بالله.