تسارعت الأحداث في بوركينا فاسو نهاية الأسبوع بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال جلبير ديونديري أياما قبل انتهاء المرحلة الانتقالية لما بعد انقلاب أكتوبر من العام الماضي والذي أطاح بنظام الرئيس بليز كامباوري الذي تربع على حكم هذا البلد طيلة 27 عاما. وأنهى الرجل القوي الجديد في واغادوغو سلطة سابقه الرئيس الانتقالي، ميشال كفاندو الذي لم يصمد في كرسي الرئاسة سوى لعام واحد. ولاقي الانقلاب موجة تنديد واستنكار واسعة حتمت على السلطات الانقلابية اتخاذ إجراءات لطمأنة المجموعة الدولية من خلال التسمية التي أطلقتها على نفسها "المجلس الوطني من أجل الديمقراطية" وأيضا من خلال تعهدها بإعادة السلطة إلى المدنيين متى توفرت الظروف لذلك. وفي محاولة لتأكيد مثل هذه النية، استقبل الجنرال الانقلابي وفدا رئاسيا إفريقيا بقيادة الرئيس السينغالي ماكي سال، الرئيس الحالي لمجموعة دول غرب إفريقيا رفقة الرئيس البينيني طوماس بوني ياي. وعاد الرئيسان السينغالي والبنيني إلى واغادوغو بحكم تجربتهما مع الأزمات البوركينابية، حيث قاد الرئيس ماكي سال فريق الوساطة لدول مجموعة غرب إفريقيا بعد انقلاب 24 أكتوبر 2014 بينما قاد الرئيس البينيني وساطة سياسية تحسبا للانتخابات الرئاسية التي كان من المنتظر أن تتم يوم 11 أكتوبر القادم ضمن آخر محطة من المرحلة الانتقالية. كما قام قائد الانقلابيين بمجرد اعتلائه كرسي السلطة في القصر الرئاسي بالعاصمة واغادوغو بإطلاق سراح الرئيس كفاندو وعدد من وزراء حكومته الذين اعتقلهم خلال اجتماع لمجلس الوزراء داخل القصر الرئاسي إذعانا لمطالب المجموعة الدولية التي أدانت الانقلاب وأصرت على إطلاق الطاقم الحكومي. ولكن الجنرال ديونديري أبقى الوزير الأول العقيد إسحاق زيدا الذي قاد العام الماضي الانقلاب ضد الرئيس بليز كامباوري رهن الإقامة الجبرية. وساد شوارع العاصمة واغادوغو هدوء حذر بعد انتشار قوات الأمن الرئاسي التي حاصرت المدينة ليلة الاربعاء إلى الخميس وأطلقت النار في محاولة لتفريق محتجين نزلوا إلى ساحة الثورة في قلب العاصمة واغادوغو بعد ذيوع خبر العملية الانقلابية، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات. ولضمان استمرار العمل الحكومي، أمر قائد الانقلابيين الأمناء العامين في كل الوزارات بالإشراف على تسيير شؤون وزاراتهم في نفس الوقت الذي استقبل فيه سفراء الدول المعتمدين في بلاده في محاولة لطمأنة المجموعة الدولية حول حقيقة نواياه من وراء هذا الانقلاب. ولكن شريف صاي، رئيس مجلس النواب في النظام السابق وجه نداء إلى كل السكان من أجل التجند لإفشال هذه العملية في وقت أكد فيه المحامي غاي هيرفي كام، الناطق باسم منظمات المجتمع المدني أن ما حدث لا يمكن السكوت عليه ولا التفاوض بشأنه ويتعين على الجنرال ديونديري الرحيل. وطالب مختلف النقابات والأحزاب السياسية تشكيل جبهة موحدة للمقاومة ورفض الانقلاب. وجاء إصرار فعاليات المجتمع المدني البوركينابي رغم أن الجنرال ديونديري تعهد في أول خطاب ألقاه بعد استيلائه على مقاليد السلطة بتنظيم انتخابات في أقرب الآجال لأننا كما قال ليس في نيتنا الخلود في الحكم. ويعد الجنرال ديونديري من أقرب المقربين من الرئيس المطاح به بليز كامباوري ولعب دورا محوريا في الانقلاب الذي قاده للإطاحة بالرئيس طوماس سانكارا ومقتله سنة 1987. وذكرت مصادر بوركينابية أن الجنرال قاد انقلابه بعد انتشار خبر حل قوة التدخل الرئاسي التي يقودها، والمشكلة من أكثر من 1300 رجل، وهي القوة التي شاركت في عملية الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس سانكارا، كما جاءت في نفس الوقت الذي تم فيه تسريب خبر الكشف عن مضمون تقرير حول ملابسات الإطاحة بهذا الأخير ومقتله رفقة 12 من أقرب مساعديه وهو تقرير يتهم الرئيس كامباوري باغتياله.