لقى ثلاثة حجاج جزائريين (رجل وامرأتان من باتنة)، مصرعهم وأصيب ستة آخرون من بينهم امرأة بجروح "طفيفة" في حادث تدافع حجاج بيت الله الحرام في مشعر منى أول أمس الخميس (قرب مكةالمكرمة)، والذي أدى إلى وفاة 717 حاجا وإصابة 805 آخرين في حادث هو الأكثر مأساوية في البقاع المقدسة منذ 25 سنة، والذي صنّفته السلطات السعودية في مستوى "الكارثة"، وقررت رفع درجة التأهب للتعامل مع نتائجها.. وقد نصبت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، خلية أزمة للعمل بالتنسيق التام مع خلية الأزمة التي شكلتها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، فيما يتابع الديوان الوطني للحج والعمرة، عن كثب وقرب مخلّفات الحادث المؤسف. وفور وقوع الحادث المأساوي، نصبت السلطات الجزائرية خليتي أزمة للتكفل بالجرحى من الحجاج الجزائريين على إثر وقوع الحادث الذي أصيب فيه ستة (6) جزائريين من بينهم امرأة، ونصبت كل من وزارة الشؤون الخارجية ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف، خلتي أزمة تعملان بالتنسيق لمتابعة الوضع والتكفل بالجرحى الجزائريين من الحجيج، كما يبذل ممثلو قنصلية الجزائر بجدة، وعناصر الحماية المدنية وباقي أعضاء البعثة الجزائرية للحج "قصارى جهدهم" لمساعدة ضحايا جزائريين محتملين إثر الحادث. أكدت وزارة الخارجية، أن البعثة الجزائرية "مجندة كليا بالتنسيق مع وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد محمد عيسى، المتواجد بعين المكان ومع القنصل العام للجزائر بجدة السيد عبد القادر قاسمي الحسني، والبعثة الطبية بغية تحديد هوية الحجاج الجزائريين الذين مسهم هذا الحادث المأساوي"، وكان حجاج بيت الله الحرام قد وصلوا مساء الأربعاء الماضي، إلى مزدلفة أين صلوا صلاة المغرب والعشاء جمع تأخير وأمضوا الليلة بها أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم توجهوا بعد صلاة فجر يوم الخميس، إلى مشعر منى لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي. من جهته، يتابع الديوان الوطني للحج والعمرة، عن كثب مخلّفات الحادث المؤسف الذي وقع أول أمس، على مستوى جسر الجمرات بمنى جراء التدافع الشديد الذي راح ضحيته عدد معتبر من الحجاج والجرحى، ويتابع الديوان الوضع من خلال غرفة العمليات المشكلة على مستوى مكتب شؤون الحجاج الجزائريين التي تعمل بتنسيق تام مع السلطات السعودية، كما يؤكد عدم وجود معلومات عن إصابات أخرى في صفوف الحجاج الجزائريين. وكانت السلطات السعودية قد صنّفت حادثة التدافع بين حجاج بيت الله الحرام بمشعر منى، في مستوى "الكارثة" وقررت رفع درجة التأهب للتعامل مع نتائجها، حسبما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس)، وأعلن رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي الأمير فيصل بن عبد الله بن عبد العزيز، إنه تم رفع حالة الاستعداد لحادثة التدافع، مشيرا إلى أنه تم استدعاء كافة الفرق الإسعافية المتواجدة في مكة بالإضافة لفرق الإسناد. وأكد المسؤول السعودي أنه تم استيعاب الحدث ولله الحمد من خلال نقل وعلاج النسبة الأعلى من المصابين في الحادث"، حيث تكفل الهلال الأحمر السعودي بنقل أكثر من 70 بالمائة من الحالات. وقد باشرت هيئة الهلال الأحمر السعودي، بجميع فرقها الأرضية والجوية وطواقمها المتأهبة في المشاعر المقدسة، التعامل مع حادث تدافع الحجاج في منى من خلال أكثر من 166 فرقة إسعافية متنوعة، وعلما أن 4 آلاف عنصر شاركوا في التعامل مع ضحايا الحادث إضافة إلى أكثر من 220 آلية إنقاذ وإسعاف. وقالت وزارة الداخلية السعودية، إن حادثة التدافع التي وقعت بمشعر منى، كانت نتيجة تعارض الحركة بين جموع الحجيج الذي أثرت عليهم درجة الحرارة والإعياء الذي كانوا عليه، وقال المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، اللواء منصور التركي إن "الحادثة وقعت على الطريق رقم 204، نتيجة تعارض الحركة بين الحجاج المتجهين من الشارع 204 عند تقاطعه مع الشارع 223، بالإضافة إلى ارتفاع في الكثافة مما أدى إلى تدافع وبالتالي أدى إلى تساقط عدد من الحجاج". وأضاف المسؤول السعودي أن"ارتفاع درجة الحرارة والإعياء الذي كان عليه الحجاج نتيجة الجهد الذي بذلوه في المرحلة السابقة بعد وقوفهم على صعيد عرفات، وأيضا النفرة من عرفات إلى مزدلفة ودخول منى في صباح يوم العيد، أسهم في سقوط عدد منهم"، موضحا أنه خلال الساعات المبكرة من اليوم العاشر من ذي الحجة تكون الكثافة في أعلى مستوياتها خاصة على الطرق المؤدية من مزدلفة إلى مشعر منى. من جانبه، قال وزير الصحة السعودي خالد الفالح، أن الحادث ناجم عن "التدافع والازدحام وعدم التزام بعض الحجاج بخطط التفويج والتعليمات" التي تصدرها لهم وزارة الحج السعودية، مشيرا إلى أن "الكثير من الحجاج كانوا يسيرون عكس اتجاهات السير ويخرجون قبل المواعيد المحددة التي حددتها الجهات المنظمة". وحول أسباب هذا الحادث الأليم، باشرت السلطات السعودية في إجراء تحقيق معمّق، وأمر ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، بتشكيل لجنة للتحقيق في الحادث ورفع ما يتم التوصل إليه من نتائج إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وتسجل كل سنة وفيات حجاج جراء حوادث تدافع وازدحام بمكة، ولم يتم التوصل إلى أي حل لمواجهة الظاهرة، ففي جانفي 2006 لقي 364 حاجا حتفهم في تدافع بنفس المكان، إلا أن أكبر حصيلة تم تسجيلها في البقاع المقدسة كانت في جويلية 1990، حيث توفي 1426 حاجا في أحد الأنفاق بمنى بسبب اختناقهم إثر تعطل أنظمة التهوية. للعلم بلغ إجمالي عدد الحجاج هذه السنة، مليونا و952 ألفا و817 حاجا، منهم مليون و384 ألفا و941 حاجا من خارج المملكة، و567 ألفا و876 من داخل المملكة، الغالبية العظمى منهم من المقيمين غير السعوديين، كما أن هذا العدد يشمل حجاج مدينة مكةالمكرمة. ويحظى مشعر منى بمكانة متميزة، ففيه رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمرات وفدى إسماعيل عليه السلام ليؤكد نبي الهدى، محمد صلى الله عليه وسلم هذا الفعل في حجة الوداع. وفي الحادثة، قدمت العديد من الدول تعازيها للسعودية ولأسر ضحايا حادثة التدافع التي شهدها مشعر منى بمكةالمكرمة، معربين عن "حزنهم" للحصيلة "الثقيلة" الناجمة عن الحادث. الذي أودى ب717 حالة وفاة و863 مصابا، وقدم وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، تعازيه قائلا "إنه لأمر مؤسف ما حدث في مكة (...) أتوجه بمواساتي لجميع المتأثرين بما حدث". كما أعرب وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، توباياس إلوود، عن تعازيه للضحايا وذويهم قائلا "أحزنني سماع نبأ سقوط ضحايا أثناء أداء مناسك الحج.. أتوجه بالتعازي لذويهم". نفس المواساة عبّرت عنها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، ووزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير، الذي أعرب عن أسفه لحادث التدافع، مؤكدا "مواساة الحكومة الألمانية للمملكة حكومة وشعبا ولأسر الضحايا". كما بعث الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، برقية عزاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في ضحايا حادث منى، أكد فيها أنه تلقى بحزن نبأ الحصيلة الثقيلة الناجمة عن التدافع الذي وقع في منطقة منى، أثناء تأدية مناسك الحج بمكةالمكرمة، وأنه في تلك الظروف المأساوية يعبّر الرئيس هولاند، عن خالص تعازيه وعميق حزنه لأسر الضحايا، مؤكدا تعاطف وتضامن الشعب الفرنسي معهم". وكانت الخارجية الفرنسية قد أفادت في وقت سابق بأن سفارتها بالرياض وقنصليتها العامة بجدة على تواصل مستمر مع السلطات السعودية لمساعدة الرعايا الفرنسيين عند الضرورة، وبأن ممثلين عن القنصلية الفرنسية توجهوا بالفعل إلى موقع الحادث. وبدوره قدم الرئيس الروسي فلاديمر بوتين، واجب العزاء للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في حادثة "تدافع منى" ولأسر الضحايا، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين، كما قدمت الولاياتالمتحدة على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي نيد برايس، تعازيها بعد الحادث "المروع" الذي شهدته منى، حيث قال برايس "نتقاسم معكم الحداد على ضحايا هذا الحادث المأساوي"، مضيفا أن "قلوبنا مع أسر الضحايا ومع كل الحجاج الذي يؤدون النسك هذه السنة".