دعا الخبير الاقتصادي، مصطفى مقيدش إلى ضرورة اتخاذ تدابير ناجعة لتحاشي ارتفاع نسبة التضخم في الجزائر وتثمين الآثار الإيجابية التي أحدثتها قرارات قانوني المالية التكميلي وقانون المالية العادي 2010. وقال الدكتور مقيدش في اتصال مع "المساء"، أن التحدي الذي يواجهه الاقتصاد الجزائري، اليوم، هو مراقبة نسبة التضخم التي تقارب 6 بالمائة بالشكل الذي لا يعرقل الاستثمار ويسمح بالنمو، قبل أن تتحول هذه الظاهرة، الاقتصادية إلى تهديد خطير وجدي على الاقتصاد الوطني كله وكذا على الاستقرار الاجتماعي. ويوضح محدثنا، أن الإجراءات اللازمة للحد من التضخم بعد 6 أشهر من تدابير قانون المالية التكميلي لسنة 2009، يمكن تلخيصها في ضرورة رفع الإنتاج والإنتاجية بحيث ينعكس تحسن مردود الإنتاج الوطني ايجابيا على السوق التي تشهد في الأسابيع الأخيرة، ارتفاعا في أسعار المواد بسبب انخفاض نسبة العرض بعد مراجعة سياسة الاستيراد في قانون المالية التكميلي للسنة المنقضية التي فرضتها الأزمة المالية العالمية. ويؤكد السيد مقيدش، في هذا السياق، أنه لا مفر للإقتصاد الوطني من بلوغ مردودية إنتاجية تستجيب لطلبات السوق الوطنية أولا ثم ولوج مجال الصادرات الخارجية تدريجيا، لاسيما وأن التدابير الأخيرة التي اتخذتها السلطات العمومية لصالح الاستثمار المنتج والتحفيزات المتخذة لفائدة المؤسسات الصغيرة. والمتوسطة، تدفع كلها نحو زيادة الإنتاج وتحسين الإنتاجية في القطاعين العام والخاص هلى حد سواء. وعن سؤالنا حول التدابير النقدية التي يمكن اللجوء إليها في حال استفحال ظاهرة التضخم ببلادنا، أجاب السيد مقيدش، بأن التدبير النقدي يعد أحد أدوات مراقبة التضخم والحد منه، وهو الإجراء الذي يإمكان السلطات النقدية (البنك المركزي) اللجوء إليه، لكن ذلك يقتضي الأخذ في الحسبان حجم الكتلة النقدية المتداولة في السوق، وما يقابلها من عرض للمنتوجات والجاجيات الوطنية. كما يستوجب اتخاذ مثل هذا الإجراء النقدي، مراعاة حركية الاستثمار الوطني والأجنبي بالبلاد، وتقدير متطلبات السيولة النقدية في السوق قبل اللجوء إلى سحب جزء من هذه السيولة. وعن الظرف المواتي للجوء إلى هذا الإجراء النقدي بالنسبة لواقع التضخم في الجزائر، اليوم، أوضح الخبير الاقتصادي مقيدش، أنه بامكان الجزائر أن تواصل في مراقبة نسبة هذا التضخم إلى غاية نهاي سنة 2010، بحيث تؤجل اللجوء إلى التدبير النقدي مادامت نسبته لم تتجاوز 6 بالمائة وهي نسبة غير مرتفعة مقارنة ببعض الدول البترولية على غرار روسيا وإيران اللتين تقارب بهما نسبة التضخم 10 بالمائة. وأضاف محدثنا، أنه ما دامت الظروف مواتية لتطبيق التدابير غير النقدية المشار إليها سابقا، كتحسين المردودية والإنتاج وإدخال ديناميكية فعالة على الاستثمار، فإن الأفضل إرجاء اللجوء إلى الميكانيزم النقدي بعد سنة 2010. إلى جانب ذلك، دعا السيد مقيدش إلى علاقات متوازنة بين الجزائر والسوق العربية المشتركة، بحيث أن صادراتها ضعيفة جدا أمام وارداتها مع دول هذه السوق، وهوالأمر الذي يعد متنفسا أمام الإنتاج الوطني لولوج الأسواق الخارجية وتحسين مداخيلها بالعملة الصعبة خارج قطاع المحروقات كما يجب تفعيل مراجعة سياسة الاستيراد من الاتحاد الأوروبي في إطار مراجعة اتفاق الشراكة المبرم مع الجزائر، بهدف ضبط حاجيات السوق الوطنية والتحكم في ظاهرة التضخم التي تعد مشكلا محوريا لدى اقتصاديات العالم كلها.