أفادت السيدة مونية مسلم وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، بأن قانون تجريم العنف ضد المرأة الذي كان مجمّدا على مستوى مجلس الأمة، ستتم مناقشته خلال الدورة الخريفية الحالية، حيث سيُعرض للدراسة والمصادقة، وذلك بعد أن قرر رئيس الغرفة العليا للبرلمان رفع التجميد عن هذا المشروع الذي صادقت عليه الغرفة السفلى شهر مارس الماضي، والذي لقي رفضا من طرف بعض الأحزاب. وعبّرت السيدة مسلم عن أملها في أن يلقى هذا المشروع الاهتمام الذي يستحقه على مستوى الغرفة الأولى للبرلمان؛ لأن الهدف منه هو حماية الأسرة والمجتمع وليس المرأة فقط، داعية النساء البرلمانيات للقيام بدورهن كاملا في الدفاع عنه وتمريره؛ حمايةً للمرأة والأسرة والمجتمع الذي يتأثر بظاهرة العنف التي تقع النساء ضحيتها، والتي تؤدي، في أغلب الأحيان، إلى ظهور الآفات الاجتماعية وظهور عقد نفسية مدى الحياة عند الأطفال الذين تتعرض أمهاتهم للعنف. وذكرت الوزيرة في تصريح للصحافة على هامش اللقاء الوطني للمتدخلين المحليين لدى النساء الموجودات في وضع اجتماعي صعب، أمس بفندق الماركير بالجزائر، أنها كانت تتمنى أن يلقى هذا المشروع استجابة من طرف الطبقة المثقفة والنخبة؛ لما له من منفعة في تحصين الأسرة وحماية المجتمع من الجرائم والآفات الاجتماعية التي تنجم عن ظاهرة العنف؛ في إشارة منها إلى الجهات التي أقامت الدنيا ولم تُقعدها بسبب رفضها هذا القانون، خاصة أحزاب التيار الإسلامي، التي علّلت رفضها للمشروع بأنه "لا يتماشى مع خصوصيات وثقافة المجتمع، ويساعد على التفكك الأسري ويشجع الطلاق"، علما أن القانون يعاقب بالسجن كل زوج قام بالاعتداء الجسدي أو اللفظي على زوجته أو سبّب لها عاهة بعد تقدمها بشكوى أمام الجهات المختصة، على أن تسقط هذه العقوبة في حالة الصفح والتصالح. وفي هذا الشق، أشارت السيدة مسلم إلى أن الدين الإسلامي هو أول من منح المرأة حقوقها قبل القانون؛ بحيث حرّم كل أشكال العنف ضدها، وبالتالي فلا حجة لمن يرفض هذا القانون تحت قبّعة الدين؛ لأن الإسلام أوصى باحترام المرأة ولم يُجز ضربها أو تعنيفها. وفي ردها على سؤال يتعلق بالنقائص والثغرات الموجودة في قانون الأسرة الحالي في شقه المتعلق بحقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف، أوضحت الوزيرة أن وزارة التضامن الوطني لم تصرح بأنها تفكر في مراجعة هذا القانون كما تداولته بعض وسائل الإعلام؛ كونه من صلاحيات وزارة العدل وليس من صلاحيات وزارة التضامن الوطني، مشيرة إلى أنها وبعد خطاب رئيس الجمهورية الذي تطرق فيه لقانون الأسرة، اقترحت أن تكون هناك قراءة أخرى جديدة لنص القانون، الذي مرت عشر سنوات على تعديله؛ في خطوة لاستدراك بعض النقائص. وبخصوص ظاهرة العنف التي لاتزال المرأة الجزائرية تعاني منها، قالت الوزيرة بأنها لا تملك أرقاما حقيقية عنها؛ كون أغلب النساء لا يتقدمن بشكاوى إلى الجهات الأمنية والقضائية في حال تعرضهن للعنف بسبب الذهنيات التي لازالت تعقّد المجتمع الجزائري، غير أنها أكدت أن وزارتها تشتغل بالتنسيق مع مصالح الأمن والدرك الوطنيين، لتوجيه هؤلاء النساء اللواتي يتقدمن بشكاوى إلى خلايا المساعدة النفسانية والاجتماعية لمرافقتهن ومحاولة حل مشاكلهن. وفي هذا الخصوص أصدرت وزارة التضامن دليلا لإدماج هؤلاء النساء في الحياة الاجتماعية والمهنية، وذلك في إطار برنامج التكفل بالنساء الموجودات في وضع صعب تشرف عليه لجنة خاصة، بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للنساء، والممتد إلى غاية 2018. ويحتوي الدليل المقدم في شكل كتاب على كل المعلومات التي تحتاجها هؤلاء النساء الراغبات في الاندماج في الحياة الاجتماعية والمهنية، حيث يتطرق لطرق وشروط التكوين التي يوفرها قطاع التكوين المهني وجمعيات محو الأمية للنساء الراغبات في التعليم أو التكوين لاكتساب مهنة وشهادة تسمح لهن بولوج عالم الشغل، كما يقدم معطيات مفصلة عن العروض التي توفرها وزارة العمل، والمتمثلة في أجهزة التشغيل، وكيفية الاستفادة من قروض وكالات دعم تشغيل الشباب وصندوق التأمين عن البطالة. ودعت السيدة مسلم جمعيات المجتمع المدني للتعريف بهذا الدليل، وجعله في متناول النساء اللواتي يعانين من وضع صعب لمرافقتهن ومساعتدتهن خاصة بالمناطق النائية بالجنوب والهضاب العليا. من جهته، ثمّن سفير بلجيكابالجزائر الذي حضر هذا اللقاء، المبادرة التي وصفها بالخطوة الإيجابية لمساعدة النساء المعنّفات وضحايا العنف للخروج من مشاكلهن، وجعلهن مستقلات اقتصاديا؛ بتمكينهن من الحصول على عمل يضمن لهن العيش الكريم، مؤكدا استعداد بلاده لمساعدة الجزائر في هذا المجال؛ من خلال نقل تجربتها في ميدان التكفل بالنساء اللواتي يعشن وضعا اجتماعيا ونفسانيا صعبا.