شدد وزير الموارد المائية والبيئة، السيد عبد الوهاب نوري، أمس، على ضرورة عقلنة التسيير وتغيير ذهنيات إطارات القطاع، مع ابتعاد المديرين الولائيين عن الارتجال لأنهم مطالبون اليوم باحترام تدابير التقشف في استغلال أموال الدولة، مع مراعاة تنفيذ كل الدراسات الضرورية قبل إطلاق المشاريع لتفادى تأخرها وتغريم المواطن. كما كشف الوزير ل"المساء" أن الدولة خصصت أكثر من 50 مليار دولار خلال العشر سنوات الفارطة لقطاع الموارد المائية وحده، غير أن سوء التسيير أبقى أغلفة مالية ضخمة خارج الاستغلال إلى غاية اليوم، على غرار ولاية تيسمسلت التي لم تستغل 2700 مليار سنتيم مخصصة لإنجاز جملة من المشاريع لقطاعي الموارد المائية والبيئة. وأبدى الوزير أسفه الشديد حيال عزوف فلاحي ولاية تيسمسلت عن استغلال قرابة 2500 هكتار من الأراضي الفلاحية المسقية، مشيرا إلى أن الدولة وفرت كل الظروف وضمنت السقي لآلاف الهكتارات بمياه سقي نظيفة، غير أن الفلاحين لا يزالون يفضلون الاتكال على الأمطار واعتماد الطريقة التقليدية في الزارعة، وهو ما اعتبره نوري هدرا للمال العام. كما طالب الوزير القائمين على قطاع الموارد المائية بضرورة تنسيق العمل مع مصالح مديرية الفلاحة والغرف الفلاحية وكل التنظيمات التي تمثل المهنيين لتشجيعهم، سواء على استغلال هذه الأراضي أو تأجيرها لفلاحين من خارج الولاية للنهوض بقطاع الزراعة، مؤكدا أن كل اللقاءات التي تجمع بين قطاعي الفلاحية والموارد المائية يركز خلالها على مضاعفة الجهود وتوفير كل الامكانيات المادية والبشرية لضمان الأمن الغذائي. وعن سبب عزوف الفلاحين عن استغلال الأراضي المسقية التي وضعها الديوان الوطني للسقي لفلاحي حيز الخدمة، أكد السيد محمد غمراوي، مدير الديوان ل"المساء" أن كل الفلاحين ينشطون في إنتاج القمح، وعليه فإن عملية حرث الأراضي بدأت شهر أكتوبر الفارط، في حين أن الديوان سلم المساحات المسقية بين شهري جوان وجويلية، وهو ما لم يساعد الفلاحين. وقد قامت مجموعة من الفلاحين من ولاية عين الدفلى مؤخرا باستغلال 300 هكتار لزراعة البطاطا، غير أنهم قرروا في نهاية المطاف التخلي عن المشروع والعودة من عين الدفلى لأسباب يجهلها الديوان. وعلى صعيد آخر، وجه نوري انتقادات لاذعة للقائمين على قطاع الموارد المائية بالولاية بعد اتخاذ قرار إنجاز مجموعة كبيرة من الخزانات بسعة تزيد عن 15 ألف متر مكعب لصالح مجموعة سكانية لا يزيد عددها عن 100 ألف نسمة ببلدية لرجم، مشيرا إلى أن مثل هذه التصرفات "الإرتجالية" تهدد الخزينة العمومية، وكان من الأجدى استغلال هذه الأموال في مشاريع أخرى تعود بالفائدة على سكان الولاية. كما طالب نوري بالإسراع في إعداد دارسة لاستغلال المياه المخزنة عبر سد بوقارة الواقع بجنوب الولاية مع حدود ولاية تيارت، الذي يخزن اليوم 11,5 مليون متر مكعب، ليتم ضمه لمخطط الربط بين سدين دردر وكدية الرصفة بالولاية، مشيرا إلى أنه من غير المعقول ترك مثل هذه الهياكل المائية من دون استغلال بحجة أن مياهها غير نظيفة. وردا على سؤال ل"المساء" حول نقل تسيير توزيع المياه من البلديات إلى مصالح الجزائرية للمياه، أكد الوزير أن العملية لغاية اليوم، مست 70 بالمائة من البلديات عبر كامل التراب الوطني، وما تبقى هو محل دراسة من طرف المؤسسة التي تقوم بنقل التسيير حسب إمكانياتها المالية بالنظر إلى تعقد الملف عبر هذه البلديات بسبب قدم شبكات توزيع المياه، وعدم وجود مخطط توجهي للشبكة. أما فيما يخص الإشاعات الرائجة حول توزيع المياه عبر عدد من البلديات عبر قنوات مصنوعة من مادة الأميونت المحظورة، أكد نوري أن المعلومة لا أساس لها من الصحة. بالمقابل، أكد الوزير أن ترميم شبكات توزيع المياه من صلاحيات وزارة الموارد المائية التي أخذت على عاتقها هذه المهمة منذ أكثر من أربع سنوات والعملية لا تزال متواصلة. على صعيد آخر، أبدى الوزير استحسانه لتوفر الإمكانيات المائية الهامة بولاية تيسمسلت التي تضم 22 بلدية، 16 منها مزودة بمياه الشرب يوميا، وذلك من منطلق أن المياه تصب بحنفيات 170 قرية من أصل 216، في حين طالب نوري مصالح الري بالشروع في توزيع مياه سد كدية الرصفة للقطاع الفلاحي بالمنطقة من خلال تفريغ مياه السد عبر مراحل في الأودية المحيطة به.