سمعت الخالة زهور حركة غريبة في البيت فأيقظت العم حمدان الذي قلق منها وطلب منها أن تنام... الا أنها لم تفعل بل فتحت باب غرفتها بهدوء لكنها سرعان ما أغلقته وعادت الى العم حمدان وهي ترتعد لتوقظه من جديد، ففتح عينه اليمنى وأبقى اليسرى مغلقة فلم ير شيئا الا الظلام ... طلب منها أن تشعل الفانوس الصغير أو مصباح الغرفة فلم تفعل. قال لها ربما هو فأر ذلك الشيء الذي يخربش .. فقالت له بصوت خافت : "لا ...لا ..لقد فتحت الباب ولاحظت نور مصباح يشع بالمطبخ واللصوص هم الذين من عاداتهم السرقة على ضوء مصباح يدوي.. لقد رأيت ذلك في الأفلام والمسلسلات " ... وهنا رد عليها زوجها قائلا : "رأيت ذلك في الافلام هاه .. عجيب .. والآن وقت الحديث عن الأفلام والمسلسلات ؟ هاه ؟ والآن أنت بصدد التحضير لفيلم بوليسي.. واللص لم يجد ما يسرقه الا الأواني من المطبخ !!!؟؟" . أخذت الخالة زهور تترجى العم حمدان كي يذهب الى المطبخ ويقبض على اللص.. فنهض وهو منرفز وكان يمشي بهدوء والخالة زهور تتبعه ولم يشعلا المصابيح ..أمسكت الزوجة مكنسة بينما العم حمدان لم يمسك شيئا الا بعد ما لا حظ وجود حركة بالمطبخ ونور مصباح يدوي ينبعث منه... فحمل عصى كانت بغرفته وراح ومن ورائه الزوجة إلى المطبخ وفتح فجأة وبقوة الباب، ورفع العصا ليضرب اللص المزعوم لكنه تفاجا بعد ذلك هو وزوجته ... فاللص لم يكن سوى الجدة يمينة.. التي كانت تأكل لأنها لم تفطر الا على تمرة واحدة بعد غضبها على ابنتها التي لم تحضر لها طبق الدولمة على مائدة الافطار ولم تحضر لها أيضا "قلب اللوز" ... وقفت اللقمة في حلق الجدة عندما دخل عليها العم حمدان وزوجته بتلك الطريقة... وجحظت عيناها وكادت أن تختنق لولا أن أسرعت ابنتها وناولتها الماء لتشرب ... بدأت الجدة - وبعد أن نزلت اللقمة من حلقها - تلوم الزوجين وقالت لهما: "كأنكما في حرب ودخلتما على عدو ، سبحان الله لا تتركان الانسان يفطر براحته" وهنا قال العم حمدان: " والذي يفطر يفطر في الثانية إلا ربع صباحا .. ويفطر كاللص على نور مصباح يدوي؟! ! " ثم أخذ يضرب يدا على يد... فما كان من الجدة إلا أن طلبت من ابنتها إشعال مصباح المطبخ وراحت تكمل أكلها غير آبهة بالعم حمدان .. وبعد أن أتمت أكلها طلبت منهما مساعدتها للذهاب إلى فراشها وكان الرد سريعا من زوج ابنتها الذي قال لها : "عندما أتيت إلى المطبخ أتيت وحدك .. والآن تريدين المساعدة " ..فنظرت إليه ثم أمسكته من يده وأمسكت ابنتها ونهضت من مكانها .. وكانت كلمتها هي العليا كما يقال، حيث أخذها العم حمدان وزوجته إلى فراشها وما إن وضعاها على السرير حتى سمعا شخيرها .. فقال العم حمدان متحدثا إلى زوجته : "أمك هذه عجيبة ...هاهي بدأت تشخر ما إن وضعت في فراشها .. ولن تترك الأولاد ينامون بشخيرها المزعج " .. وهنا فتحت الجدة عينيها وقالت له : "شخيري أنا مزعج ؟؟؟ طيب يا زوج ابنتي العزيز" ثم أغمضت عينيها ثانية وعلا صوت شخيرها أكثر من الأول، فضرب العم حمدان جبينه بيده وقال في نفسه: "هم يضحك وهم يبكي" ...وذهب إلى فراشه بعد أن تناول سحوره... لقد خشي عدم تمكنه من الاستيقاظ وقت السحور إن عاد للنوم لانه كان متعبا. في مقر عمله راح العم حمدان يتحدث إلى زميله المقرب سفيان وطلب منه البحث له عن سيارة بسعر معقول، ثم خرج لتوزيع الرسائل، وفي الطريق وجد ابنه عمر مع شاب وكان شعر الشاب منتوفا وطويلا وأجعدا .. أمسك جزءا بسيطا منه من الجانب بماسكة شعر.. وكان يلبس سلاسل وخواتم كثيرة ويضع حول معصمه أكسسوارات بألوان متعددة ويرتدي قميصا ورديا ضيقا وبنطلون جينز وحذاء رياضيا فسأله العم حمدان: من هذه الشابة... فانفجر ابنه ضاحكا وقال له: هذا صديقي عادل ... بينما احمر وجه الشاب .. نظر العم حمدان إلى عادل من فوق الى تحت ومن تحت الى فوق وأخذ يدير رأسه بعد أن لوى شفته السفلى إلى الاسفل وطلب من ابنه العودة إلى البيت فورا ومضى هو ليوزع الرسائل. في السهرة أخذ صاحبنا يلوم ابنه عمر على صداقته مع عادل وهنا نطق أحمد قائلا : " عادل صديقي أنا أيضا وهو شاب ممتاز" .. فنظر العم حمدان إلى ولديه نظرة غضب قائلا لهما : "ايه شاب ممتاز .. وهو متشبه بالفتيات .. إذاً ما عليكما إلا تقليده .. وأنا أعرف بأنكما ستفعلان مثله قريبا.."ثم نظر الى عمر وقال له : "وأنت لماذا لم تحلق شعرك هاه قل ؟" فأجابه ابنه: هذه الموضة اليوم.. فقفز صاحبنا من مكانه.. واقترب من عمر وأمسكه من أذنيه... فصاح الابن من الألم لكن والده لم يتركه إلا بعد أن احمرت أذناه .. وقبل أن يذهب العم حمدان لينام طلب منه وبغضب حلق شعره.