سمع العم حمدان قرعا على باب غرفته كان القرع شديدا فاستيقظ من نومه مفزوعا وهرع نحو الباب، وما إن فتحه حتى جحظت عيناه وقطب حاجبيه، وفتح فاه، تصوروا من كان الطارق ؟!!! لم تكن سوى حماته الجدة يمينة.. وضع العم حمدان يديه على خصره وبدأ يهز رجله اليمنى ثم اليسرى وقال لها "والآن ..ماذا تريدين ..وقت السحور لم يحن بعد ..أو أنك تبحثين عن المشاكل ؟؟" ، لم تتكلم معه حماته واكتفت بهز كتفيها وقلب شفتها السفلى، وبعد أن أدارت رأسها ذات اليمين وذات الشمال انصرفت وهي ترفع رأسها ...إلى الأعلى، ودخلت المطبخ ..وماهي الا لحظات حتى خرجت منه واتجهت نحو غرفتي احفادها وراحت تقرع باب كل غرفة ، فخرج العم حمدان من غرفته ثانية وطلب منها أن تعود لتنام الا أنها لم تفعل وراحت توقظ كل من بالبيت ..فاستيقظت ابنتها وأحفادها وكان الكل متذمرا ..فرحت الجدة ..لأنها أحست أنها انتصرت على زوج ابنتها وأنها هي الآمر والناهي ببيت ابنتها الى أن تغادره. لم يخرج العم حمدان من غرفته بل أخذ يفكر في كيفية يجعل بها حماته تعود الى بيتها، وفي أقرب الآجال.. عندما تسحر الجميع - عدا العم حمدان طبعا - خلدوا إلى النوم. وهنا خرج العم حمدان من غرفته ودخل المطبخ وراح يضرب بعض الأواني ببعضها البعض لاسيما المصنوعة من الألمنيوم ..واستمر يحدث تلك الأصوات المزعجة لكن لاأحد استيقظ خاصة الجدة التي كانت تغط في نوم عميق وتشخر، شخيرا مزعجا ...لم يتوقف العم حمدان الى أن استيقظت زوجته وابنته آسيا وابنه عمر دون بقية أفراد الأسرة ..وعندما سألته زوجته عن سبب إحداثه تلك الأصوات أجابها بأنه يفعل ذلك حتى ينتقم لنفسه من والدتها.. لكن الخالة زهور طلبت منه ألا يتعب نفسه لأنه حتى وان استمر في احداث تلك الأصوات إلى الصباح فلن تستيقظ والدتها لأنها وببساطة وقبل ان تنام تناولت منوما ... ضرب العم حمدان خديه بكلتا يديه.. وتوجه وهو يجر أذيال الخيبة والهزيمة إلى غرفته. لم يستيقظ العم حمدان إلا في وقت متأخر لأن اليوم هو يوم عطلة.. وبقي في فراشه يفكر في خطة للتخلص من (العجوز المزعجة) وعندما دخلت عليه زوجته ورأته على تلك الحال اقتربت منه وسألته عن المفاجأة التي وعدها بها فنظر اليها وقال لها بأن أمها أفسدت كل شيء فخرجت الزوجة من الغرفة دون أن تنبس ببنت شفة. في المساء خرج العم حمدان من بيته وفي طريقه رأى شجارا بين رجلين وكان الناس ملتمين حولهما، إلا أن أحدا لم يكلف نفسه عناء فك الشجار. اقترب صاحبنا من مكان الشجار ورأى الرجلين وهما يتعاركان ويتبادلان التهم بالسرقة.. وعندما سأل العم حمدان عن سبب الشجار لم يجبه أحد. فبدأ العم حمدان يزيح المتجمعين طالبا منهم الابتعاد عن طريقه وما إن وصل الى الرجلين حتى أتته لكمة قوية من أحدهما كادت أن تفقده وعيه.. إلا أنه تظاهر بالتماسك وحاول فظ الشجار ووقف بين المتشاجرين وكان من حين لآخر يتلقى بعض الضربات .. رغم ذلك حاول أن يعرف سبب الشجار فأجابه أحدهما وهو في حالة هيجان بأن الثاني قد سرق دجاجته التي تبيض .. لكن الثاني قال بأن الدجاجة دجاجته وهو من سرقها قبل أيام من أمام بيته بحكم أنهما جيران .. فأدار العم حمدان رأسه متعجبا ..ثم قال لهما "فليأكل كل واحد منكم الآخر.. تتشاجران على دجاجة ..؟! "ثم اخترق من جديد صفوف الملتمين حول الشجار وواصل طريقه... وقبيل موعد آذان المغرب بدقائق عاد صاحبنا الى بيته لتواجهه حماته بأسئلتها التي أقلقته.. ومازاد في نرفزته هو ضحكها على شكله.. فقد كان شعره منتوفا وملابسه عليها بعض الغبار كما كان خده أزرقا من شدة اللكمة التي تلقاها، وقالت له سائلة : " مابالك ؟ أنت تشبه الديك الذي نتف ريشه ".. وواصلت ضحكها الا انه لم يجبها.. في السهرة بدا صاحبنا لوقت مرتاحا وراح يسرد لأفراد أسرته قصته مع الشجار... فتعالت قهقهاتهم لاسيما قهقهات الجدة التي راحت تعلق على زوج ابنتها بقولها: "وانا أقول مابه زوج ابنتي العزيز منتوفا كالديك ؟؟ تراك يا حمدان لعبت دور البطل ورحت تفك الشجار حتى جاءت في راسك ؟" ضحك الجميع بمن فيهم صاحبنا الذي لم يستطع كتم ضحكاته أمام تعليقات حماته المضحكة" .