يؤكد الإعلامي وأستاذ علوم الإعلام والاتصال، السيد محمد لعقاب، أن مشروع مراجعة الدستور جاء كي ضيف مكاسب جديدة للحريات بصفة عامة، سواء الفردية أو الجماعية أو الحزبية أو الإعلامية، مشيرا إلى أن هذا المشروع الذي يعزز حق المواطنين في إنشاء مؤسسات إعلامية بمختلف أشكالها، سيدفع السلطات العمومية إلى تسريع إجراءات منح التراخيص لإنشاء مؤسسات إعلامية بالنسبة لجميع الراغبين، في إطار القانون. الدكتور لعقاب اعتبر عبارة "مضمونة" التي يقصد بها حرية التعبير والصحافة في مشروع مراجعة الدستور، تعني أنه "دستوريا يجب على القوانين أن تتكيف مع الدستور، بالتالي من حق أي مواطن أن ينشئ جريدة أو إذاعة أو قناة تلفزيونية أو موقع إلكتروني طبقا للمواصفات القانونية المحددة"، كما يعني ذلك حسبه ضرورة عمل السلطات العمومية على تسريع تنصيب بعض الآليات التي تجعل الدستور محل تنفيذ، مشيرا في هذا الصدد، إلى تأخر تنصيب سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي تعتبر الهيئة التي تمنح التراخيص، ومن المفروض أن يتم تنصيبها مع صدور الدستور". وذكر الدكتور لعقاب ل"المساء"، أن منع مشروع تعديل الدستور للرقابة القبلية، يعني أنه "لا يحق لأي كان أن يقوم بمراقبة ما ينشر وما يبث قبل النشر، إلا إذا كان ذلك برخصة قضائية"، ويعتبر المتحدث أن الأهمية الكبرى لهذا الإجراء تكمن في إقراره صراحة بأن "عصر البوليس السياسي أو البوليس الإعلامي قد ولى"، لافتا في المقابل إلى أن المشروع يحمل الصحفي المسؤولية بطريقة ضمنية، "لأنه إذا كانت الرقابة القبلية غير موجودة، فإن الرقابة البعدية موجودة ويتعين على الصحفي أن يكون مسؤولا ويلتزم بأخلاق المجتمع وبقوانين البلد، ويحترم حياة الناس الخاصة ويحترم الأمن القومي وسرية التحقيقات القضائية ويتحلى بالاحترافية المطلوبة". النقطة الثالثة التي أثارها الدكتور لعقاب في تقييمه للمشروع، تتعلق بمنع الدستور من تطبيق عقوبة سلب حرية الصحفي، "حيث لا يجوز للقاضي أن يسجن الصحفي أو أن يمنعه من الكتابة، لأن هاتين العقوبتين سالبتين للحرية، والدستور يمنعهما". من المكاسب التي عززت حرية الصحفي، حسب أستاذ الإعلام والاتصال، استفادته أيضا بطريقة غير مباشرة من دسترة حرية المواطنين في مراسلاتهم على شبكات الاتصالات، "بمعنى أنه لا يجوز التصنت على المواطنين، بما فيهم الصحفيين، إلا بأمر من العدالة، وهذه مهمة جدا، لأنها تعزز حرية الصحفي". وخلص الأستاذ لعقاب إلى أنه بالنسبة للحريات بصفة عامة، سواء الفردية أو الجماعية أو الحزبية أو الإعلامية، حققت مكاسب جديدة في هذا المشروع "وهذا لا يمكن إنكاره"، مشيرا إلى ضرورة أن يفهم الجميع بأن الدستور هو خلاصة تطور المجتمع في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، "بالتالي ما يأتي به الدستور هو ما تسمح به التطورات الحاصلة داخل المجتمع، ولا يمكننا أن نطالب بهامش من الحرية على الطريقة الأمريكية، ولا أن نطالب بدستور شبيه بالدستور الياباني، لأن طبيعة المجتمع تختلف من دولة إلى أخرى"، على حد تعبير المتحدث الذي أبرز في سياق متصل، تكريس مشروع التعديل الدستوري لطابع الدولة الاجتماعي واهتمامه بالمعوزين والفئات الهشة".