أجمع الشهود الذين تم سماعهم، أمس، من طرف رئيس محكمة الجنايات بشأن "قضية سوناطراك1" على أن "مبدأ التراضي البسيط" الذي تم تطبيقه في مختلف المشاريع منها مشروع إنجاز أنابيب الغاز بين الجزائر وسردينيا (GK3)، والدراسة الخاصة بترميم مبنى غرمول بوسط العاصمة، كان "حتمية" فرضت من طرف الوزير الرئيس المدير العام، بحجة "الاستعجال" والسير فوق "إستراتيجية المجمع" في استكمال الاستثمارات، وعدم فقدان زبائنها في السوق الدولية الشرسة. وأكد نائب المدير العام السابق لسوناطراك والمكلف بنشاطات النقل عبر الأنابيب، السيد شيكراد حسين، الذي مثل أمس كشاهد، أن لجنة دراسة العروض التقنية قد أعلنت في 2008 بعدم جدوى المناقصة المفتوحة بخصوص بعد بقاء شركتين فقط في المنافسة، وأنه بعد صدور قرار اللجنة التقنية بعدم الجدوى، قام بمراسلة الرئيس المدير العام، محمد مزيان، لإخباره بذلك، لاسيما أن التعليمة R15 لم تنص على ما يجب القيام به في هذه الحالة، مفيدا أنه كان بإمكان شركة سوناطراك في هذه المرحلة إلغاء الصفقة دون تبعات مالية في حق سونطراك غير أن الرئيس المدير العام أمر بإتمام إجراءات الصفقة مع وجود شركتين فقط في السباق، لتتم الصفقة في الأخير بصيغة التراضي البسيط مع التفاوض في الأسعار لصالح المجمع الايطالي "سايبام كونتراكتينغ الجزائر". وأضاف الشاهد أن مشروع (GK3) كان قد قسم إلى ثلاث حصص وكانت الحصة الثالثة من نصيب المجمع الايطالي "سايبام كونتراكتينغ الجزائر" رغم أسعاره المرتفعة، وأن هذا المشروع بدأ في الأول -تطبيقا للتعليمة R15- عن طريق إجراء المناقصة المفتوحة، حيث تم اختيار 11 شركة للحصتين الأولى والثانية، أما الحصة الثالثة فقد تم اختيار 6 شركات، إلا أنه لم يتقدم بالنسبة للحصة الثالثة سوى شركتين فقط، مما جعل لجنة دراسة العروض التقنية تعلن عدم جدوى المناقصة. ورد الشاهد عن سؤال طرحه دفاع الخزينة العمومية يتعلق بمصدر ميزانية شركة سوناطراك قائلا إنها تأتي من الأرباح التي تحققها الشركة من مشاريعها، موضحا أن سوناطراك لا تأخذ ميزانتها من وزارة الطاقة والمناجم ولا من الخزينة العمومية، بل هي التي تمول الخزينة العمومية، وأنها تمول مشاريعها الكبرى من رأسمالها. وقد واجه القاضي الشاهدَ شيكراد بسؤال حول معلومات أدلى بها متهمون وشهود خلال الجلسات السابقة أن الأسعار التي تم تطبيقها بشأن مشروع (GK3) كانت غير منطقية، حيث أنها تتعدى الأسعار العالمية ب63 بالمائة وتفوق الميزانية المخصصة لذلك ب108 بالمائة، حيث برر ذلك بكون الجانب الإستراتيجي لسوناطراك كثاني شركة إفريقية وسط منافسة عالمية شرسة، أكبر من الخسارة المالية. التي يمكن تعويضها. من جهة أخرى، أكدت الشاهدة العودي فضيلة (رئيسة اللجنة التقنية والتجارية لمشروع أنابيب الغاز بين الجزائر وسردينيا) أن الرئيس المدير العام السابق هو من سمح بمواصلة المناقصة المفتوحة بشركتين فقط وهما "سيبام" و«سيباك" رغم أن الوضعية تعد خرقا للتعليمة "R15"، مشيرة إلى أن محمد مزيان برّر قراره حينها بكون المشروع حساسا ومستعجلا ولا يمكن إلغاؤه، رغم أن العديد من المشاريع تم إلغاؤها بعدما رست العروض التقنية على شريكتين فقط ولم يخرج مشروع إعداد الدراسات بشان إنجاز مبنى غرمول التابع لمجمع سوناطراك بوسط العاصمة عن التعليمات الفوقية" حينما رست المناقصة الدولية المفتوحة على مكتبين قدما عرضهما منهما مكتب (إيمتاك) الإسباني، ومكتب "كاد" الجزائري، وفي هذا الإطار ذكر الشاهد بلعباس محمد مدير الإدارة والمالية بمديرية التسويق، أن المديرية طلبت من إعداد الدراسة لترميم المبنى الذي كان في وضعية غير ملائمة، سواء من حيث الإطار المعماري، أو من ناحية المشاكل المتأتية من خلافات مع المحيط، مفيدا أن المناقصة تمت ورست عدم الجدوى لأن عدد العارضين لا يتعدى اثنين، مما يحتم إلغاء المناقصة، لكن طلب منهم استكمال الإجراءات وتم منح المشروع لمكتب "كاد" الذي يواجه تهمة الزيادة في الأسعار. للإشارة، فقد تم سماع أكثر من 12 شاهدا أغلبهم أعضاء في اللجان التقنية والتجارية المكلفة بتقييم العروض وفتح الأظرفة، وتبين للقاضي أنهم كانوا مجرد أعوان لا يمتلكون سلطة القرار التي تعود أساسا إلى "أعلى الهرم".