أبقى نواب برلمان طبرق على حالة الترقب قائمة في ليبيا بعد أن أجلوا جلسة كانت منتظرة لنهار أمس لتحديد موقفهم من حكومة فايز السراج، بمنح ثقتهم لها أو الاعتراض عليها. وبرر النائب خليفة الدغاري هذا التأجيل بحجة رغبة النواب في الاطلاع على برنامج الحكومة ومناقشة السير الذاتية لكل وزرائها وحضور السراج وكل الشخصيات التي اختارها لأن تكون في طاقمه إلى مقر البرلمان. ويبدو أن المجلس النيابي لم يستسغ إرسال السراج لقائمة وزراء حكومته عبر البريد الإلكتروني، وهو ما جعلهم يصرون على حضوره إلى طبرق والتواصل مباشرة مع رئاسة البرلمان ويقدم بنفسه طاقمه الوزاري. وقال النائب عبد المنعم بالكور إن النواب أجروا جلسات تشاورية لمناقشة موضوع حكومة الوفاق في مجموعات تبحث الأسماء وشكل الحكومة، بينما أكدت النائب عائشة العقوري أن جلسة أمس التي تمت بنصاب مكتمل ستستأنف اليوم بحضور فايز السراج الذي سيعرض حكومته ويوضح برنامجها على أن يواصل النواب مشاوراتهم بعدها. وتسارعت الأخبار أمس حول حظوظ هذه الحكومة في الفوز بثقة نواب برلمان طبرق بعد تصريحات مصادر برلمانية أكدت انسحاب وزراء من الحكومة، ساعات فقط بعد الإعلان عنها بقناعة أن الطاقم الوزاري لا يمثل الشعب لأنه ضم شخصيات تنتمي إلى جماعات رفضها الشارع الليبي في انتخابات عام 2014. وقال النائب طارق الجروشي إن برنامج الحكومة والسير الذاتية للوزراء المكلفين ومعايير اختيارهم لم تكن متوفرة خلال جلسة أمس، مما أدى إلى تأجيلها في نفس الوقت الذي أكد فيه أن فاخر مفتاح بوفرنة، المرشح لشغل حقيبة وزارة المالية إعتذر وقرر الانسحاب من حكومة الوفاق إلى جانب مهند يونس، وزير الدولة، المرشح لوزارة شؤون أسر الشهداء والجرحى والمفقودين. وقرر مجلس النواب الليبي تأجيل النظر في تشكيلة حكومة السراج رغم نداءات دولية ملحة من إجل الإسراع في إعطاء الضوء الأخضر لها وتمكين الوزير الأول الليبي المعين من مباشرة مهامه لتفادي أي تدخل عسكري أجنبي جديد في بلاده لوقف تقدم عناصر تنظيم "داعش" في مناطق استراتيجية في هذا البلد. وجاء موقف نواب برلمان طبرق بعد أن حقق فايز السراج نصف انتصار بتشكيله حكومة مصغرة خلال المهلة التي منحها إياه نواب برلمان طبرق في انتظار تحقيق النصر الكامل في امتحان الحصول على ثقة النواب. وضمت الحكومة المصغرة أسماء 13 وزيرا فقط وخمسة وزراء منتدبين خلافا للحكومة الأولى التي ضمت 32 وزيرا سارع البرلمان إلى رفضها في جلسة 25 جانفي الماضي بمبرر فائض عدد وزرائها. ويبقى تشكيل الحكومة الليبية في حد ذاته بمثابة إنجاز هام في هذا البلد الخاضع لتجاذبات قوى سياسية وأمنية وجهوية تريد المحافظة على امتيازاتها ضمن معادلة صعبت من مهمة السراج في تحقيق التوافق بين كل هذه الحساسيات والمصالح المتضاربة. وقال فتحي المجبري، الناطق باسم المجلس الرئاسي الليبي بعد سرد قائمة الوزراء الذين وقع عليهم الاختيار ليكونوا في أول حكومة وفاق ليبية بعد خمس سنوات من الاقتتال إن تكوين هذه الحكومة بداية نهاية النزاع في ليبيا. وقال إبراهيم الدباشي، مبعوث ليبيا الدائم لدى الأممالمتحدة إن "خطورة الوضع الداخلي" في ليبيا ونظرة دول العالم إلى هذا البلد تفرض على مجلس النواب الليبي الإسراع باعتماد حكومة الوفاق الوطني. وقال إن "مصلحة ليبيا تتطلب وجود حكومة وحدة معترف بها فورا"، على اعتبار أن كل تأخير في اعتمادها قد يكلف الليبيين أكثر من المتوقع على المستويين المحلي والدولي. وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا الألماني، مارتن كوبلر طالب أمس النواب الليبيين بعدم تفويت "هذه الفرصة السانحة" لإخراج ليبيا من حالة الفوضى التي تعرفها في نفس اتجاه موقف مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فديريكا موغريني التي اعتبرت منح الثقة لحكومة السراج سيكون بمثابة خطوة هامة لإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية.