أكد الدكتور محمد القورصو، أن الملتقى الوطني الخاص بالأرشيف وكتابة التاريخ الجزائري المعاصر الذي نظّم بجامعة وهران مؤخرا، فرصة سانحة لإعادة بعث روح الأرشيف من جديد لاسيما وأن الطلبة والباحثين لا يتعاملون كثيرا وبشكل مباشر مع الأرشيف حين إنجاز الدراسات التاريخية بسبب عدم تمكّنهم من اللغة الفرنسية.وكشف المتحدّث أن نسبة 99.99 بالمائة من الأرشيف الجزائري سواء تعلق بأرشيف الفترة الاستعمارية أو الثورة التحريرية مكتوب باللغة الفرنسية لذا يجب على الطلبة والباحثين أن يتقنوا هذه اللغة حتى يتمكنوا من كتابة تاريخهم بشكل موضوعي ودقيق بدل من أن يكتب الغير عن تاريخهم، فالقضية حسب المتحدث تتعلق بالسيادة الوطنية وهي تقتضي الموضوعية كي تكتسب المصداقية، مشيرا أن الجزائر اليوم بحاجة إلى هذه المصداقية في جميع ميادينها، ويضيف "وبما أنّنا نتحدّث عن الجامعة فهي بحاجة إلى مصداقية علمية لاسيما فيما يتعلق بالدراسات التاريخية". كما أكد الدكتور هلايلي حنيفي، مدير مخبر الدراسات الاستشراقية بجامعة سيدي بلعباس أن الأرشيف الجزائري خلال الفترة العثمانية والاحتلال الفرنسي مكتوب بثلاث لغات أساسية تعتبر مهمّة لأي باحث، وهي الفرنسية والاسبانية والتركية، مشيرا إلى وجود كم هائل من الوثائق بإسطنبول وذلك بمركزين الأول هو مركز بتوبتا ساراي، وهو مقر الباب العالي الذي توجد به ما يقارب 200 ألف وثيقة تخص الجزائر. أما المركز الثاني فهو مركز رئاسة الوزراء بإسطنبول التركية، إذ أن هناك مئات الآلاف من وثائق الأرشيف الوطني تحتاج إلى الترجمة من قبل الباحث الجزائري من التركية إلى العربية. واستحضر بالمناسبة اسم المناضل والمؤرخ الراحل أحمد توفيق المدني، الذي كان سفيرا للجزائر في تركيا واستغل فرصة تواجده بها وقام بتصوير ما يقارب 4 آلاف وثيقة وعاد إلى الجزائر وقام بترجمة حوالي 2500 وثيقة إلى اللغة العربية بحكم إتقانه للتركية، وكل تلك الوثائق موجودة اليوم بالأرشيف الوطني وهي في متناول الباحثين. كما أكد أن هناك أنواعا من الأرشيف الجزائري ما زالت بفرنسا منها تلك المتواجدة بقصر فيرساي بباريس وتخص كل المسائل العسكرية، وأخرى متعلقة بالحالة المدنية موجودة بمدينة نانت بفرنسا، وكذلك أرشيف الأرصدة الموجود بالغرفة التجارية بمرسيليا تضم كما هائلا من الوثائق الأرشيفية الخاصة بالاقتصاد خلال الفترة العثمانية بالجزائر بين الفترة 1515 و1830، إلى جانب الأرشيف الإسباني الذي يؤرّخ لتاريخ الجزائر في عهد التواجد الإسباني بها والمتواجد بمكتبة اسكوريال بإسبانيا. من جهته طالب الدكتور حميد آيت حبوش، أستاذ بجامعة احمد بن بلة 1 بوهران وأحد منظّمي الملتقى السلطات الوصية بالعمل على استرجاع الأرشيف الوطني على الأقل العلبة المفتوحة لأن هناك علبا لازالت حسبه مغلقة لاسيما فيما يتعلق بالثورة التحريرية. للإشارة فقد عرف الملتقى الوطني الأول حول "الأرشيف في كتابة التاريخ الجزائري المعاصر" الذي أقيم بقاعة المحاضرات بجامعة وهران مشاركة أزيد من 60 أستاذا جامعيا وباحثا من مختلف ولايات الوطن، تناولوا في تدخلاتهم العديد من المحاور على غرار صعوبة الحصول على الأرشيف، وكيفية نقله وترجمته، وأهمية الأرشيف في الحفاظ على الذاكرة الجماعية الوطنية، وكيفية استغلال الأرشيف الوطني وكيفية كتابة تاريخ الجزائر من خلال البحوث في المصادر بلغات متعدّدة، وكيفية التمييز بين المواضيع أمام الكم الهائل من الأرشيف مع استغلال الأرشيف الوطني، وكذا مساهمة الأرشيف العثماني وإعادة كتابة تاريخ العلاقات بين الجزائر والدولة العثمانية وغيرها.