أنقذت الدكتورة نادية بوجناح المختصة في الجراحة العامة والجراحة التجميلية، ما يزيد عن 15 ألف مريض من كابوس بتر الأرجل، ويرى فيها مرضاها معجزة طبية، بفضل تقنية تبنّتها قبل 10 سنوات مضت، تعدّ الأقل تكلفة وأثبتت فعاليتها، حيث لم يتم بتر إلا نسبة 0.5 بالمائة من أقدام 7216 مريضا خلال 18 شهرا. عبر طيبة روحها ورقتها في التعامل مع المرضى، أدركنا أنّ هذه المرأة تعشق عملها، إنسانيتها تجعلها لا تنسى المحتاج، وإصرارها على قول الحقيقة رهيب لا يتقبل تضارب المصالح ولا تبحث عن الشهرة وإنّما تأمل فقط في مساعدة المرضى وتشاطر تخوّفهم من بتر القدم.. هي مثال للمرأة الجزائرية "القوية" التي تمنح كل مريض حقه حتى يتماثل للشفاء بأقل الأضرار. قاسمت شريكها الرجل مجال الطب، بلغت خطوات معتبرة رغم العراقيل التي واجهتها في عالمها، تصدتها ولا تزال الدكتورة نادية بوجناح، تستعمل تقنيتها في مساعدة مرضى السكري من خوف بتر القدم، وأثبتت فعاليتها بنسبة 99 بالمائة، وتعتمد هذه التقنية التي طورّتها الدكتورة على إعادة بعث النشاط داخل القدم المتضررة، بحقن غاز الكربون في الرجل المصابة، لتكون بذلك أوّل طبيبة في العالم تنجح في بعث النشاط من جديد في أعصاب والأوعية الدموية في الأعضاء السفلية للمرضى بفتحها وملئها بالأكسيجين، حتى يسهل شفاء الجرح المتعفّن.انتقلت "المساء" إلى عيادة الدكتورة بوجناح في بوزريعة، ووجدت مئات الأشخاص، رجال ونساء، مصطفين منذ الصباح أمام المدخل وداخل العيادة، لم تسعهم قاعات الانتظار، مشكلين طوابير في انتظار وصول دورهم للظفر بعلاج على أيدي الطبيبة وفريقها، وفي هذا تقول الدكتورة إنها تتشرّف بالعمل كطبيبة لمساعدة المرضى، لا تبحث عن مال ولا شهرة، وكدليل على ذلك تعمل بدون مقابل مع 40 بالمائة من المرضى المحتاجين، هدفها الوحيد تعميم تقنيتها على مستوى الوطن، حيث قالت "لقد أطلقت جمعية خاصة بمرضى السكري انتظر اعتمادها، حتى أنقل هذا العلاج إلى 48 ولاية، وأسهّل الأمر على المرضى الذين يتكبّدون عناء التنقّل إلى العاصمة لتلقي هذا العلاج"، ودعت بالمناسبة كلّ راغب في تمويل مشروعها للمبادرة بهذا الفعل الإنساني الذي سيكون استثمارا عظيما في خدمة المجتمع، موضّحة أنّ عدم الإصابة بمرض لا يعني أننا في منأى عنه وإننا غير معرضين للإصابة به، فتعميم هذه العيادات التي تعمل بهذه التقنيات سوف يكون مكسبا في خدمة الصحة العمومية.وأشارت المختصة إلى أنها تقوم بدورات تكوينية مجانا لكل الأطباء والممرضين الراغبين في الاطلاع على أسرار هذه التقنية، لتشجيع استعمالها وبعث الأمل لدى المرضى الذين يتخوفون من هاجس بتر القدم، موضحة أنّها لا تزال تناضل من أجل اعتماد وزارة الصحة وكذا مصالح الضمان الاجتماعي للتقنية التي تستعملها في معالجة القدم السكري التي أثبتت نجاحها بنسبة 99 بالمائة، كاشفة أنّه بفضل هذه التقنية، تم إنقاذ العديد من البتر أو القطع المحتوم، وأن التقنية المذكورة هي طريقة معروفة عالميا وظهرت بفرنسا سنة 1932، وتقوم على معالجة المريض الذي يعاني من جروح وحروق مختلفة في القدم للمصاب بداء السكري، بواسطة جهاز خاص يحتوي غاز ثاني أكسيد الكاربون، إذ يضطر المريض إلى القيام بحصتين على الأقل أسبوعيا، وتقدر تكلفة الحصة الواحدة بحوالي 3 آلاف دج، وهي مكلفة للمرضى الذين يعانون من مضاعفات المرض المزمن يوميا، هذا إلى جانب التحاليل الطبية العديدة التي لابد أن يقوم بها. وأشارت الطبيبة بوجناح إلى أن هذه التقنية تسمح للمريض بالتماثل للشفاء سريعا، لاسيما ما تعلق بالالتئام السريع للجرح، وكذا البقاء بمنزله دون الاضطرار للإقامة في المستشفى. وقالت "لدي نفس العيادة بفرنسا، يلقى المرضى خلالها امتيازات جيدة من قبل الضمان الاجتماعي إلى درجة أنّه يتم تعويض تذاكر النقل بنسبة 50 بالمائة عند التنقل للعلاج. الجدير بالذكر أن المختصة بوجناح ستشارك أواخر السنة الحالية في أحد أكبر المؤتمرات في مجال الطب، تعرض خلالها أهم التقنيات الجديدة في علاج السكري ومشاكل بتر القدم، في مدينة شيكاغو، وستكون المناسبة فرصة لعرض التجربة الجزائرية بتقييم أدائها المهني.