بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، برقية تعزية إلى أسرة المجاهد محمد السعيد معزوزي الذي وافته المنية أول أمس عن عمر يناهز 92 سنة، ووري الثرى بعد ظهر أمس بمقبرة بن عكنون، بالعاصمة. وأشاد الرئيس بوتفليقة بخصال ومناقب الفقيد، الذي أفنى حياته دفاعا عن الوطن إبان ثورة التحرير المجيدة وخلال مرحلة البناء. وجاء في برقية الرئيس "ببالغ الأسى والأسف تلقيت نبأ انتقال المجاهد محمد السعيد معزوزي إلى رحمة ربه وعفوه، بعد نضال طويل خاضه بشتى الوسائل ضد المحتل وهو لما يزل في ريعان الشباب، تضطرب بين جوانحه روح التضحية، ويتراءى في عينيه بريق الأمل في عالم الحرية والاستقلال، الذي لاح له أفقه المشرق غير بعيد فاندفع نحوه في جرأة وإقدام غير مبال بما فيه من ويلات وأهوال إلى أن أعتقل وعانى ما عانى من التعذيب والقهر في غيابات السجن الذي صار فيه عميد السجناء وأقدمهم لطول ما مكث فيه". وتابع الرئيس بوتفليقة يقول "ولم يفت ذلك في ساعده أو يضعف من عزيمته، بل زاده قوة وإيمانا بتحرير وطنه، فتحرير الأوطان من ربقة الاستعمار أغلى من كل غال في الدنيا، وبناؤه أسمى من كل سام في الحياة، لذلك فما إن انتصرت الثورة وانزاح كابوس الاحتلال حتى اندفع كما فعل أول مرة، ينشط بجد واجتهاد في بناء وطنه، الذي حلم به، وفي الوصول به إلى أبعد ما يصل إليه أمله، فتفانى في عمله وأبلى فيه البلاء الحسن". وذكر رئيس الجمهورية أن الفقيد "حمل المسؤوليات الجسام وأدى المهمات النبيلة التي اضطلع بها في مختلف المجالات، خاصة عندما تولى وزارة العمل.. ولكن الدنيا لا تدوم على حال وكل ما فيها إلى زوال، ولكل أجل كتاب، وهكذا انتهى به المطاف إلى أن يسلم الروح لبارئها تاركا في دنياه عملا جليلا، ولأهله وذويه ورفاقه ذكرا جميلا، وذلك هو ما يعزيهم فيه ويخفف عنهم ألم الحزن عليه". وأعرب الرئيس بوتفليقة عن خالص عزائه، ومقاسمته لعائلة الفقيد ألم المحنة، متضرعا لله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، "وأن يجلله بوافر رضوانه ومغفرته، وأن يحله محلا يرضاه بين الصديقين من عباده وحسن أولئك رفيقا"، "كما أسأله جل وعلا أن ينزل في قلوبكم جميعا جميل الصبر والسلوان، وأن يعوضكم فيه خيرا، ويعظم لكم أجر الصابرين "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب". وختم رئيس الجمهورية برقية التعزية بالآية الكريمة "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أؤلئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون". من جهته، قدم الاتحاد العام للعمال الجزائريين تعازيه الخالصة لعائلة المرحوم ولرفاقه المجاهدين، معربا عن تعاطف كل العمال والعاملات معهم في هذه المحنة. واعتبر الاتحاد في برقية تعزية المرحوم محمد السعيد معزوزي، "رجلا مثاليا، أفدى حياته في حب وطن حر وسيد في قراراته"، مذكرا بوصية الراحل بالشباب الجزائري، "الذي دعا إلى تذكريه دوما بأنه ينتمي إلى شعب عظيم بتاريخ عظيم". واستطر الاتحاد العام للعمال الجزائريين في بيانه بأن "هذا التاريخ العظيم، كان المجاهد الفقيد واحدا من صناعه من خلال نضاله من أجل القضية الوطنية"، وذكر بأن المرحوم كلفه حب بلاده الحكم عليه بالمؤبد، "حيث قضى 17 سنة في سجون المستعمر قبل أن تحرره الجزائر في 1962". وقد وري المناضل من أجل القضية الوطنية والوزير الأسبق محمد السعيد معزوزي الذي الثرى بعد ظهر أمس بمقبرة بن عكنون بالجزائر، حيث شيعت جنازته بعد صلاة الظهر بحضور أفراد عائلته وشخصيات سياسية وتاريخية وأعضاء من الحكومة ومواطنين قدموا لتوديعه. وفي الكلمة التأبينية التي ألقاها ذكر المجاهد ورئيس الحكومة الأسبق رضا مالك بالمسار التاريخي الثري للفقيد معزوزي والتضحيات التي قدمها خدمة للوطن. ويعد الفقيد الذي كان مناضلا في حزب الشعب الجزائري منذ نعومة أظافره في منطقة القبائل البحرية بتيقزيرت من بين أعضاء النواة التي حضرت لانتفاضة 8 ماي 1945 إلى جانب عمر ومنصور بوداود واحمد زروالي وعمار حداد. وكونه كان مناضلا بارزا في الميدان فقد تم القبض عليه في سنة 1945 وحكم عليه بالسجن المؤبد من قبل المستعمر الفرنسي بحيث بقي في السجن إلى غاية استقلال الجزائر في 1962. وبعد الاستقلال تم تعيين محمد السعيد معزوزي واليا لتيزي وزو ليتقلد بعدها منصب وزير العمل ثم وزير المجاهدين. وقرر المجاهد والثوري الانسحاب من الحياة السياسية بشكل نهائي سنة 1988.