تراجع استهلاك الحوم الحمراء والبيضاء خلال رمضان الجاري، حسبما كشفه ل«المساء" قصابون بالعاصمة، مرجعين السبب إلى غلاء الأسعار بالدرجة الأولى واهتمام شريحة واسعة بالتوفير من أجل دفعات سكنات عدل. وبالرغم من توفر أنواع اللحوم في الأسواق إلا أن القصّابين يشتكون نقص الإقبال من جهة ومنافسة الأسواق الفوضوية من جهة أخرى. بالرغم من ارتباط شهر رمضان بتحضير أشهى الأطباق التقليدية التي تحضر أساسا باللحوم الحمراء أوالبيضاء، إلا أن غلاء الأسعار قد غيّر السلوك الاستهلاكي كثيرا حسبما اتفق عليه قصّابون ينشطون بسوق "كلوزال" بالعاصمة، حيث أشاروا إلى أن الغالبية اليوم تفضل شراء اللحم المرحي بمعدل 300 إلى 400 دينار، عوض شراء كيلوغرام من لحم الخروف الذي يتعدى 1300 دينار، أو شراء معدل 400 دينار لحم غنم لتحضير الشوربة. وفند أحد القصابين الأقاويل التي تشيع بأن استهلاك اللحم يتزايد في رمضان، "بل بالعكس نسجل تراجعا كبيرا طيلة رمضان لينتعش الطلب بعده أي خلال الموسم الصيفي بفضل الرحلات والاستجمام مع تفضيل الكثيرين للمشوي في هذه الخرجات. من جهته، يؤكد قصاب آخر أن رمضان الحالي سجل أضعف نسبة إقبال على الإطلاق على اللحوم الحمراء، مشيرا إلى أنه في أحسن الأحوال يبيع خروفين في اليوم بعد أن كان المعدل قبيل عقدين يصل إلى أكثر من 35 خروفا في اليوم، بينما يباع كلحم مفروم فقط، والسبب غلاء الأسعار، فلحم البقري يباع ب900 دينار للكلغ، أما لحم الضأن فيصل إلى 1400 دج/للكلغ. ويضيف المتحدث قائلا إنه يمتهن القصابة منذ 35 سنة وأن الغلاء قد غيّر من سلوك استهلاك اللحوم لدى أغلبية الأسر، حيث أصبحت ربة الأسرة مثلا تشتري ما معدله 200 دج إلى 400 دج لحم ضأن لتحضير الشوربة بكمية تكفي يومين، وهذا ما يفسر تكدس البضاعة لدينا أحيانا فمن السادسة صباحا إلى الرابعة بعد الظهر نبيع حوالي 20 كلغ من اللحم الغنمي، أي خروفين فقط، في حين كنا نبيع قبل سنوات حوالي 12 خروفا في اليوم الواحد". ولا تعرف اللحوم الحمراء وحدها تراجعا، بل سوق اللحوم البيضاء قد تراجع أيضا، حسبما يؤكده بائع الدجاج بذات السوق، مؤكدا بقوله: "خلال رمضان الماضي كنت أبيع حوالي 80 دجاجة يوميا، هذه السنة وفي الأسبوع الثاني من الصيام في أحسن الأحوال أبيع 16 دجاجة"، ويعتقد المتحدث أن التزام شريحة واسعة من المواطنين بسكنات "عدل" قد أثرت كثيرا على السلوك الاستهلاكي وهو ما أثر على تكسد البضائع لدى التجار. من جهته، يرى بائع لحوم بيضاء آخر أن غلاء أسعار الكثير من المستلزمات وعلى رأسها الخضر والفواكه قد ألقى بظلاله على اللحوم بأنواعها،"إنها حلقة مفرغة.. باعة التجزئة يلقون باللوم على باعة الجملة، وهؤلاء يتحججون بغلاء علف الحيوانات، أوانعدام اليد العاملة في مجال الخضر والفواكه، والمستهلك يجد نفسه بين ناري الشراء أو عدمه.. لذلك نرى اليوم ربات أسر يشترين أجنحة الدجاج لتحضير الشوربة!".