بلغت نفقات الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء "كناس" لتعويض عطل المرضى، قرابة 5 ملايير دينار خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، عوّضت من خلالها أزيد من 220 ألف توقّف عن العمل (عطلة مرضية). وبلغة عدد الأيام، 04 ملايين يوم، فيما عوّض الصندوق خلال سنة 2015، ما يفوق 1.2 مليون عطلة مرضية، بقيمة تزيد عن 18 مليار دينار. حسب مدير الخدمات بالصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء "كناس" السيد عبد الحفيظ جغري، فإن من ضمن 1.2 مليون توقف عن العمل بداعي المرض خلال سنة 2015، تم تعويض 860 ألف مؤمّن، موضحا أن الفارق المتبقي إما تم رفضه من قبل الصندوق بعد المراقبة الطبية، وإما لم يطلبه أصحابه لأسباب تخصهم، فيما سجل هذا النوع من العطل تراجعا خلال 2016 مقابل نفس الفترة من سنة 2015، بنسبة 2.6 بالمائة، إلا أنها ارتفعت من حيث القيمة المالية المعوّضة بسبب ارتفاع أجور الجزائريين. وأرجع ممثل "كناس" تراجع نسبة العطل المرضية إلى كون المؤمّن أصبح يحسب ألف حساب لما سيُخصم من راتبه الشهري بعد أن أصبح هذا الأخير مرتفعا مقارنة بالسنوات الماضية، وأن نسبة التعويض لا تفوق 50 بالمائة عندما يكون التوقف عن العمل يتراوح ما بين 1 و15 يوما، إلا أنه يضيف السيد جغري تبين أن بعض المؤمّنين يستفيدون من عطل مرضية، ولا يهمهم ما قد يفقدونه من أجورهم حتى إنهم لا يطلبون التعويض؛ لأنهم، بكل بساطة، لجأوا إلى العطل المرضية ليس لأن وضعهم الصحي يتطلب ذلك، وإنما لمزاولة نشاط موازٍ يضمن لهم ربحا مضاعفا لما يُخصم من أجرهم الشهري. جغري أشار في لقاء مع "المساء"، إلى أن الصندوق يسعى من خلال الضوابط المخولة له قانونا، لتحقيق تحدٍّ يضمن، من جهة، الحفاظ على التوازنات المالية لصندوق الضمان الاجتماعي، وضمان الإنصاف والحق في التعويض للمؤمّن عند تعرّضه لمرض أو حادث، وبالتالي عجزه عن العمل الذي يؤدي حتما إلى فقدان جزء من أجره الشهري. ولم يُخف المسؤول في هذا السياق، قلقه إزاء ارتفاع الأعباء على الصندوق، لاسيما بعد الرفع من أجور العمال؛ أي بداية من سنة 2008، وهو الإجراء الذي رفع، بشكل كبير، حجم التعويضات المخصصة للعطل المرضية وحوادث العمل وبعض التعويضات الأخرى التي يضمنها صندوق الضمان الاجتماعي. من بين الإجراءات التي عزّزتها مصالح الصندوق إخضاع كل العطل المرضية للرقابة الطبية حتى وإن كانت لا تتعدى ثلاثة أيام، عكس ما كان معمولا به، حيث كانت تقتصر الرقابة على العطل المرضية ذات المدى الطويل. كما تم تشديد الرقابة المنزلية التي تُعد آلية أخرى، للتأكد من مطابقة العطلة المرضية مع الوضعية الصحية للمؤمّن، وبالتالي كشف أي تلاعب أو تجاوز محتمل في هذا المجال. تعتمد الرقابة الطبية على صيغتين؛ الأولى من طرف الطبيب المراقب، الذي يستدعَى إليه المؤمّن المريض، والصيغة الثانية الرقابة في المنزل، التي تُظهر ما إذا كان المريض يحترم فترة النقاهة، وهل حالته الصحية تبرر العطلة المرضية التي استفاد منها. في هذا الجانب، كشف جغري أن مصالحه قامت خلال 2015، ب 107 زيارات منزلية، أسفرت عن تسجيل 10 آلاف مريض كانوا غائبين عن بيتهم، لم يتمكن 8500 منهم من تبرير الغياب؛ مما سمح للصندوق بتوفير 232 ألف يوم غير معوّضة؛ أي ما يمثل من 15 إلى 20 مليار دينار جنّدها الصندوق لضمان خدمات أخرى لزبائنه، جدّد مدير الخدمات ب "كناس" أن الضمان الاجتماعي مرفق اجتماعي عمومي، يحدد دوره القانون. ومهامه تتمثل في صرف الادعاءات والمراقب الطبية وأرباب العمل، وتحصيل الاشتراكات لتمويل الامتيازات، موضحا أن مراقبة الأطباء الذين يتساهلون في منح العطل المرضية، ليست من مهامه، وإنما هي مسألة احترام أخلاقيات المهنة، ومؤكدا أن المسؤولية في هذا المجال تقع على عاتق كل المجتمع والهيئات، بما فيها الضمان الاجتماعي وعمادة الأطباء الجزائريين المعنية الأولى بضمان احترام هذه الأخلاقيات.