من المنتظر أن تعرض وزيرة التربية، السيدة نورية بن غبريط على الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، بعد غد، الاقتراحات التي خرجت بها اللجنة المشتركة المكونة من وزارة التربية وشركائها الاجتماعيين ممثلين عن التعليم العالي، والمتعلقة على الخصوص بإصلاح نظام البكالوريا، على أن تفصل فيها الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري. وقد حظيت هذه الاقتراحات بإجماع كل الشركاء في المنظومة التربوية والوزير الأول السيد عبد المالك سلال الذي سبق أن أكد خلال أشغال الجلسات الوطنية للتربية المنعقدة في جويلية 2015، على ضرورة إعادة النظر في هذا الامتحان الهام شكلا ومضمونا. أفاد مصدر مقرب من الملف أنها بداية تجسيد الإصلاحات التي ستمس امتحان الباكالوريا بعد المصادقة عليها من قبل الحكومة قبل الدخول المدرسي المقبل، ستكون بمقترح إجراء الباكالوريا في 03 أيام أو يومين وستشرع الوزارة الوصية في تطبيقه بداية من السنة المقبلة (2017)، مع التركيز خلال الامتحان على المواد الأساسية لكل شعبة وتسبيق امتحانات المواد غير الأساسية، علما أن هذا الاقتراح جاء بعد أن لاحظ الخبراء إمكانية حصول التلميذ في شعبة الرياضيات مثلا، على شهادة الباكالوريا بعلامات المواد غير الأساسية بالنسبة لشعبته، وهو أمر غير معقول وغير مقبول. الخبراء الذين شاركوا في اللجنة المشتركة اقترحوا لعدم مواجهة مثل هذه الحالات، إجراء الامتحان في المواد الأساسية لكل تخصص على أن تبقى مادتا اللغة العربية والفلسفة، حسب الاقتراحات التي ستقدم للحكومة، تعني جميع الشعب، وبالتالي فالامتحان فيها إجباري على كل التلاميذ مهما كانت شعبهم. وسيتم الأخذ بعين الاعتبار المواد التي لا تدخل ضمن المواد الأساسية لكل شعبة والتي لا تدخل في برنامج امتحان شهادة الباكالوريا من خلال التقييم المستمر الذي يمتد على طول السنة الدراسية. وعليه فإنه خلال سنة 2017 سيتم اعتماد المراقبة المستمرة في السنة الثالثة ثانوي حسب الاقتراحات التي ستنظر فيها الحكومة، على أن تمتد هذه المراقبة والتقويم المستمرين ليشملا في سنة 2018 السنة الثانية ثانوي. ومن بين الاقتراحات التي ستعتمد لا محالة، حسب مصدرنا، التوجه نحو اعتماد وبصفة تدريجية المواضيع والأسئلة التي تتطلب وتعتمد أكثر على التحليل في جميع الامتحانات وعلى الخصوص امتحان شهادة الباكالوريا عوض المواضيع التي يعتمد المترشحون للإجابة عنها، على الحفظ وحشو المعلومات دون الفهم وهو الإجراء الذي من شأنه تفادي التسرع والحد من ظاهرة الدروس الخصوصية. كما أنه يعد وسيلة ناجعة لمواجهة محاولات الغش في الامتحان. وزيرة التربية نورية بن غبريط كانت قد ألحت على ضرورة أن تكون نوعية مواضيع البكالوريا معتمدة على الفهم مستقبلا كونها الوسيلة الوحيدة لمكافحة الغش، مع التزامها بالابتعاد تدريجيا عن المقاربة بالحفظ في إعداد مواضيع البكالوريا والاعتماد على فهم المواد التعليمية، إلى جانب التركيز على الأخلاق والقيم في التكوين في القطاع سواء للمؤطرين أو التلاميذ، بداية من الدخول المدرسي المقبل. وثيقة الاقتراحات التي ستعرضها وزيرة التربية على الحكومة قبل الدخول المدرسي لا تقترح من جهة أخرى اعتماد نظام الاستدراك في امتحان شهادة الباكالوريا، وأبقت على حتمية الحصول على علامة 10 من 20 للنجاح، رغبة من أصحاب الاقتراحات في تفادي الرداءة، فيما لم يتطرق مشروع إعادة إصلاح الباكالوريا لأية إعادة تنظيم الامتحان من الناحية التقنية، وهي النقطة التي توجد محل نقاش ودراسة بين وزارة التربية الوطنية ووزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال. إجماع الشركاء على تقليص مدة الامتحان واعتماد التقييم المستمر يتفق الشركاء الاجتماعيون مع الحكومة من خلال وزيرة التربية، على ضرورة تقليص عدد أيام الامتحان وطريقة تثمين العمل المتواصل للتلاميذ على أن يتم تقليص عدد أيام هذا الامتحان الهام من 5 إلى 3 أيام مع مادتين في اليوم، وأخذ بعين الاعتبار بطاقة التقييم أو ما يعرف بالبطاقة التركيبية للتلميذ للسنة الثانية ثانوي أو الامتحان في المواد غير الأساسية سنة من قبل. رئيس الاتحادية الوطنية لعمال التربية الوطنية التابعة للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية (سناباب)، السيد لغليظ بلعموري أكد على أهمية تقليص عدد أيام امتحان شهادة البكالوريا والتركيز فقط على المواد الأساسية لكل فرع، معربا عن أمله في العودة إلى نظام الإنقاذ عن طريق بطاقة التقييم، حتى لا يرغم التلميذ على حد تعبيره على عدم مغادرة مقاعد الدراسة مبكرا. وذكر بأن (السناباب) تؤكد أيضا على ضرورة إنشاء فروع جديدة، مثل العلوم الإسلامية التي كانت موجودة إلى غاية عام 2008. من جهته، أعلن رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، السيد صادق دزيري أن نقابته تؤيد مبدأ تقليص عدد أيام الامتحان إلى ثلاثة أو أربعة أيام، شريطة إقرار بطاقات تقييم تخص كل مواد السنة الثانية والثالثة ثانوي. ولاحظ قائلا؛ إنه من المهم بالنسبة لنا أن يتم الامتحان يوم الاختبار في المواد الأساسية، لكن مع المواد التي تمثل هويتنا الوطنية وهي العربية والأمازيغية والتاريخ والعلوم الإسلامية. النقابات والتحضير للدخول المدرسي... جمعيات ترفع مطالب، وأخرى "تتخندق" في رَكْب الرافضين في الوقت الذي يشكّل الدخول المدرسي هاجسا كبيرا لدى العائلات وأبنائهم المتمدرسين من حيث التكاليف والأعباء والتحضيرات المادية والنفسية، تراهن العديد من النقابات على تدشين الدخول المدرسي الجديد باحتجاجات ورفع مطالب عمال التربية، وعلى رأسها "مشكل التقاعد" الذي يشبَّه بالشجرة التي تغطي الغابة، متناسين حق التلميذ في هياكل متوفرة ومؤطرين كافين، في حين تؤكد منظمات أخرى أن الدخول سيكون عاديا؛ لأن الجميع؛ من إدارة ونقابات وجمعيات أولياء التلاميذ، سيتعاونون على إنجاح ذلك. ويظهر من خلال استقصائنا عيّنة من النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ، أنها "تجر النار إلى قرصها"، كما يقول المثل العربي، وتهتم بوضعية المؤطر أكثر من وضعية المتمدرس، ومنها إخراج ملف التقاعد وجعله في مقدمة المطالب، ولم نلمس في حديثنا مع هذه المنظمات تقارير وافية عن واقع التعليم من حيث وفرة الهياكل والمؤطرين التي تعد مربط الفرس في العملية التربوية. الكنابست: نحن غير قلقين على الدخول المدرسي أفاد مسؤول المجلس الوطني لعمال التربية والتكوين بمديرية شرق العاصمة السيد جمال شارف، بأن "كنابست" غير متخوفة ولا قلقة على الدخول المدرسي، الذي سيكون عاديا؛ لأن الجميع من إدارة ونقابات وجمعيات أولياء التلاميذ، سيتعاونون على ذلك، مستدلا في ذلك بكون الهياكل بشرق العاصمة مثلا، تنفست بعد عمليات الترحيل. لكن محدثنا يطرح مشكل التنسيق للقضاء على مشكل سد النقص في الأساتذة وتعويضه بالمتعاقدين أو المسجلين في القائمة الاحتياطية لمسابقة الأساتذة؛ لأن الهدف هو خدمة التلميذ، وألا تبقى المؤسسات التربوية شاغرة. كما طالب ممثل "كنابست" من جهة أخرى، بتأجيل تطبيق برامج الجيل الثاني من الإصلاحات، وتوسيع الاستشارة إلى فئات المجتمع ذات العلاقة، مشيرا إلى أن الكتاب الجديد الذي تم طبعه فيه جهد واجتهاد؛ لكونه سيخفف المحفظة عن تلاميذ السنة الأولى والثانية ابتدائي وكذا تلاميذ السنة الأولى متوسط، لكن تطبيقه بسرعة يعد غير مضمون النتائج، وحتى تكوين المعلمين الذين سيسهرون على تطبيق محتوى الكتب الجديدة كان في وقت غير مناسب؛ في فترة امتحانات. ولم يُخف السيد شارف أن النقص الأكبر يكمن في العمال المهنيين أعوان الصيانة، النظافة، الوقاية، الحراس، الحجّاب... وبطء تعويض المتقاعدين به. وحسبه مثلا، فإن مؤسسة تحتاج إلى 10 عمال مهنيين لا تتوفر إلا على 02، مؤكدا أن مديري المدارس والمتوسطات والثانويات يراسلون باستمرار البلديات ومديريات التربية لسد النقص لكن لا يتم استدراكه، فلا عجب حسبه إذا وجدت عاملة نظافة تقوم بمهمة الحاجب، أو تطهو الطعام أو تعمل عملا خارج إطارها. مجلس ثانويات الجزائر "كلا": نتمنى أن يكون الدخول الجديد هادئا أكد لنا أمين عام نقابة مجلس ثانويات الجزائر "كلا" السيد إيدير عاشور، أنه يتمنى أن يكون الدخول الجديد هادئا رغم أن مشكل التقاعد سيطفو على السطح، وسيغطي خلال هذا على ما دون ذلك، متمنيا أن تسرع وزارة التربية الوطنية في إيجاد حل لمشكل التقاعد كي لا يسمَّم الدخول المدرسي. واعترف مصدرنا بأنه لا يملك أدنى المعطيات عن واقع التحضيرات، سواء من حيث الهياكل أو التأطير، قائلا: "نقابتنا تتمنى أن يكون الدخول المدرسي هادئا، ولكن لا نعرف هل كل الظروف والإمكانيات مهيأة لإنجاح ذلك. لسنا ندري هل تم توظيف العدد الكافي من الأساتذة والمساعدين التربويين والمديرين المراقبين العامين، وهل تم تسليم مختلف الهياكل التربوية، وهي بالنسبة لنا علامة الاستفهام"، مستطردا أن نقابته تسير في رَكْب الجبهة الرافضة لإصلاحات الوزارة، وأن مجالس ومكاتب نقابته ستجتمع قريبا وتحدد برنامج العمل. جمعية أولياء التلاميذ: الدخول سيكون "كارثيا" وفي المقابل، تتوقع جمعية أولياء التلاميذ أن الدخول المدرسي سيكون "كارثيا"، واستدل ممثل الجمعية بالعاصمة السيد علي بن زينة على ذلك، بجملة النقائص المسجلة العام الماضي لم يتم استدراكها، مستقرئا ذلك - حسبه - من تقارير المكاتب الولائية للجمعية، التي أكدت أن معظم أشغال عملية الصيانة لم تنطلق، بمعنى أن ذلك سيتم خلال أيام دراسة التلاميذ، وبالتالي يبقى نفس الإشكال، وأن الجمعية نبهت إلى ذلك، وطلبت من الجهات الوصية القيام بأشغال الترميم خلال جويلية وأوت، وليس انتظار الدخول المدرسي. وقال بن زينة: "معظم المؤسسات التربوية الخاضعة للترميم لم تجر بها العملية؛ لم يتم استدراك النقائص المسجلة العام الماضي؛ بل تفاقمت هذه السنة". كما أضاف أن مشاريع إنجاز مؤسسات تربوية جديدة لم تكتمل. وتطرح جمعية أولياء التلاميذ مشكل منحة التضامن التي طالبت الجمعية بتوزيعها في جوان، ولم يتم الاستجابة لذلك، إلى جانب الكتاب المدرسي الجديد الذي سيوزَّع ولم يطّلع عليه أحد إلى حد الآن، مستغربا أن حتى المفتشين لم يطّلعوا عليه. نقابة موظفي المصالح الاقتصادية: منحٌ ماتزال مجمَّدة أكد لنا عبد الكريم بوسكين المنسق الوطني المكلف بالإعلام بالنقابة الوطنية لموظفي المصالح الاقتصادية، أن الدخول المدرسي هذه السنة لن يكون جيدا، لكون الكثير من المنح لاتزال مجمدة، مثل منح حقوق إطارات هذه الفئة المتمثلة في منح سنوية وشهرية، ومنها منحة تسيير الصندوق، منحة المعوزين، منحة بيع الكتب، منحة الإطعام المدرسي، وتسوية مطالب المصالح الاقتصادية، كما أن برنامج الوزارة لا يتماشى ومستوى التأطير الضعيف لمديري المؤسسات التربوية، وفي المقابل فإن أي عون اقتصادي يخطئ في الحسابات يحاسَب ويتم توقيفه. في المقابل اعترف محدثنا بأن هناك العديد من النقابات تُعد "إمّعة" تتبع البقية، ورغم أنها لا ترفع أي مطالب إلا أنها تسير وسط القافلة. الدخول المدرسي 2016 - 2017 يوم 04 سبتمبر ... كتب جديدة تعتمد على البعد القيمي الوطني تدخل إصلاحات الجيل الثاني المرتقب الشروع في تنفيذها مع الدخول المدرسي 2016-2017 مرحلتها الأولى هذه السنة (الدخول المدرسي 2016 /2017) على مستوى السنتين الأولى والثانية من الطور الابتدائي والسنة الأولى متوسط قبل أن تعمم على باقي المستويات التعليمية، باعتماد ولأول مرة كتابين موحدين الأول خاص بالمواد العلمية والثاني يجمع المواد الاجتماعية. وقد سبق هذا الإجراء الجديد عملية تكوين واسعة شملت عددا كبيرا من المفتشين والمعلمين ومختلف الطواقم التربوية. وزارة التربية الوطنية ومعها الشركاء الاجتماعيون، ترى أن برامج الجيل الثاني ستخلص المدرسة الجزائرية من الرداءة وسيعمل على تخرج جيل بمستوى عال يمكنّه من تسيير مؤسسات الدولة. وقد دافعت بن غبريط عن مضمونه وتوقيته، معترفة بأن البرنامج المدرسي الحالي لم يرق إلى المستوى المطلوب. بالإضافة إلى كتب الجيل الثاني، ستعتمد وزارة التربية خلال الدخول المدرسي (2016-2017) على مضامين جديدة للكتاب المدرسي، تعتمد على البعد القيمي الجزائري وستحوي الكتب الأدبية في اللغات الثلاث (العربية والفرنسية والأمازيغية) نصوصا وقصائد أدبية تعتمد على المنتوج الجزائري في اللغات لكتاب وأدباء جزائريين تجسيدا للبعد القيمي الوطني. تهدف الوزارة من خلال هذه الكتب الجديدة إلى تحسين المضامين التي كانت موجودة سابقا، مع إعادة النظر في البرامج التربوية، علما أنه يمكن تحقيق قفزة نوعية، لاسيما مع توفر الظروف الملائمة، خاصة تكوين الأساتذة، إلى جانب كافة الوسائل البيداغوجية والتكنولوجية، شريطة توفر عنصر استقرار القطاع من خلال تجند الجميع من أساتذة وموظفين لتحقيق ذلك. تعطي الإستراتيجية الجديدة المعتمدة من قبل الوزارة المعنية في إطار الإصلاحات، أهمية قصوى للتكوين الجيد للأستاذ الكفيل بإيصال المدرسة الجزائرية إلى الاحترافية .