ما زالت إلى اليوم قرية "بوعيدل" التابعة إداريا لبلدية عمال بولاية بومرداس، لا تستنفع من الهياكل القليلة الموجودة بها والتي تحولت منذ سنين إلا شبه هياكل ميتة أو إلى مساكن لأشخاص استغلوا أزمة السكن ليجعلوها مأوى لهم. هذه الوضعية حتمت على سكان المنطقة التي كانت فلاحية بامتياز مناشدة السلطات المحلية التدخل لإنقاذ ما أمكن، في وقت يؤكد سكانها أن الظروف الأمنية لم تعد تشكل عائقا أمام تنمية "بوعيدل" وإخراجها مما هي فيه. تقع قرية "بوعيدل" على بعد حوالي سبع كيلومترات فقط من بلدية عمّال مركز، بأقصى الجهة الشرقية لولاية بومرداس، وتضم إضافة للقرية التي دشنت في عهد الرئيس الراحل "هواري بومدين" قرية "بوعيدل" الأصلية، "ثلا مهدي" و"بوسماعيل" وغيرها من التجمعات السكانية، لتشكل بذلك أكبر تعداد ديموغرافي في البلدية بحوالي ثلث السكان أو أكثر. رغم التعداد السكاني تحدث المفارقة، وهي عدم وجود هياكل والموجود منها في حالة شبه سبات، أو ينتظر التدشين، أو تم تحويله لأغراض أخرى فرضتها الظروف، ومنها السكن في ظل أزمة خانقة بالمنطقة، حيث يشتكي سكان القرية وباستمرار من التأخر الكبير في تدشين دار الشباب التي أنجزت قبل سنوات في قريتهم، لكنها إلى حد الساعة بلا استغلال، رغم غياب مبررات هذا التأخر، خصوصا أن الأوضاع بالمنطقة تحسنت بشكل كبير من الجانب الأمني، والخاسر الأكبر هو الشاب الذي انتظر طويلا لإبراز قدراته، لكن ورغم بناء الهيكل في هذه القرية، يبقى الانتظار يطبع يوميات شباب لا ذنب لهم، سوى أنهم ولدوا في قرية "بوعيدل". مستوصف لا يفتح أبوابه إلا نادرا من جهة أخرى، يتواجد المستوصف في حالة شبه سبات على مدار العام، حيث يفتح حسب المزاج ويغلق كما يشاء القائمون عليه، ليكون الانتظار هنا سيد الموقف كذلك، أو الاستنجاد بالمركز الصحي الموجود بمركز البلدية أو بالبلدية المجاورة بني عمران، ولو من أجل حقنة أو تغيير ضمادات أو علاج جرح بسيط. وفي هذا السياق، يتحسر السكان على أيام مضت، حين كانت منطقتهم قبلة لسكان المناطق المجاورة من مختلف قرى عمال وبني عمران وحتى قرى شعبة العامر، حيث كانت القرية فلاحية تنتج القناطير من الحبوب والبقوليات والخضر، والشاهد على ذلك بعض الأطلال من المخازن التي كانت لوقت قريب تحفظ كنوز هذه الأرض التي غزتها الأشواك وزحفت عليها القمامة اليوم. ويؤكد السكان أن المنطقة كانت تتوفر على حمّام تحول منذ 15 سنة إلى مسكن لأحد المواطنين، لم يجد مكانا يلجأ إليه بسبب أزمة السكن الخانقة، سوى الحمام الذي توقف عن العمل بعد أن كان مقصد العشرات من سكان المناطق المجاورة. مركز بريدي حوّل إلى مسكن خاص قصة استغلال الهياكل كمسكن لم تتوقف عند الحمام، فمنذ حوالي 10 سنوات، تم تحويل المركز البريدي للقرية إلى مسكن، بعد اقتحامه من طرف أحد المواطنين، يعاني هو الآخر من أزمة سكن، لتبقى الهياكل القليلة التي شيدت على مستوى "بوعيدل" مغلقة أو مستغلة من قبل أشخاص حولوها إلى سكنات خاصة بهم. ويناشد السكان السلطات المحلية إيجاد حل لهذه الوضعية، من خلال توفير سكنات اجتماعية لهم أو منحهم إعانات لبناء مساكن ريفية، ومنه إعادة الهيكلين إلى سابق عهديهما يوم كانت "بوعيدل" قرية فلاحية بامتياز.