لا يستبعد أن تكون فضائح الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، المتلاحقة هذه الأيام بمثابة ضربة قاضية لمساره السياسي وطموحاته في العودة إلى قصر الاليزي في انتخابات شهر ماي 2017. ويتأكد من يوم لآخر أن ساركوزي لم يتمكن من طي صفحة ماضيه السياسي المشبوه بقضايا تعاطي الرشوة وإخفاء حقائق ضريبية وتلقي مساعدات أجنبية من أجل تمويل حملته الانتخابية التي فاز بعهدة رئاسية سنة 2007. وكان توقيت تسريب معلومات حول علاقته المشبوهة بمسؤولين ليبيين في عهد النظام السابق وحصوله على أموال طائلة لتمويل حملته الانتخابية في تلك السنة مخططا له وكان بمثابة فرصة ذهبية لمنافسيه في التيار الليبرالي من أجل سحب البساط من تحت أقدامه ومنع مواصلة طموحاته الرئاسية. وشكلت هذه الفضائح موضوعا مفضلا لمختلف وسائل الإعلام الفرنسية التي أكدت جميعها أن سقطات ساركوزي المتلاحقة ستكون بمثابة أوراق انتخابية في يد منافسيه ليس فقط لدى الحزب الاشتراكي الغريم ولكن أيضا لدى "عائلته" السياسية من أحزاب التيار اليميني التي تريد منازعته قيادة الليبراليين لدحر التيار اليساري. وستكون أول جولة انتخابات داخل التيار اليميني يومي 20 و27 نوفمبر القادم لاختيار الشخصية اليمينية التي تقود هذا التيار في انتخابات الربيع القادم بمثابة محك حقيقي أمامه لرفع التحدي الذي فرضته عليه الحملة الإعلامية التي بدأت ضده. والواقع أن ساركوزي الذي راح يسبح في الوعاء الانتخابي لوسط اليمين وأقصى اليمين وحتى اليمين العنصري المتطرف ضمن خطة لاستقطاب أكبر عدد من ناخبي هذا التيار كان نفسه سببا في تشويه صورته أمام الرأي العام الفرنسي ورهن حظوظه في العودة إلى قيادة بلاده. فقد كان بإمكان الرئيس الفرنسي السابق سحب البساط من تحت أقدام الجبهة الوطنية المتطرفة بورقة الإرهاب وتنظيم "داعش" وكره الإسلام والمسلمين ورفض "البوركيني" والنقاب لإظهار درجة كرهه للمهاجرين المسلمين لو أنه لم يتودد للعقيد الليبي الراحل من أجل الحصول على أموال ضخمة لتمويل حملة انتخابية أهلته لاعتلاء الوصول إلى كرسي الرئاسة الفرنسية. وقد استغرب الناخبون الفرنسيون هذا التناقض الصارخ بين القول والفعل من رجل يطمح لأن يكون رئيسا لهم مما رجح كفة منافسيه وخاصة الوزير الأول الأسبق ألان جوبي (71 عاما) الذي رشحته نتائج عمليات سبر الآراء لأن يكون المرشح اليميني القادر على مواجهة الزحف المتواصل لزعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان وربما بلوغ كرسي الرئاسة الفرنسية في ظل التراجع الكبير في شعبية الحزب الاشتراكي في عهد الرئيس فرانسوا هولاند.