تعيش العائلات القاطنة على مستوى القرية الفلاحية «ابن حمزة» الواقعة ببلدية بغلية في بومرداس، على وقع العديد من النقائص التي حولت المنطقة الريفية العذراء إلى مكان عزلته الطبيعة، وتناساه المنتخبون المحليون الذين قدموا العديد من الوعود خلال الانتخابات المحلية، دون أن تتجسيد على أرض الواقع. التوجه إلى أعالي قرية «ابن حمزة» المترامية الأطراف قد يكلفك قطع مسافة تزيد عن 15 كلم، عبر حافلات النقل الجماعي المتوجهة من وسط مدينة بغلية القديمة باتجاه القرى المتواجدة بالجهة العليا، كقرية «شرابة» التي لا تزال هي الأخرى صريعة الإهمال. فالطريق إلى «ابن حمزة» ليست كلها معبدة والجزء الذي شملته أشغال التزفيت لم تعد صالحة للاستعمال. شبكة الطرق بحاجة إلى تزفيت السير عبر الطريق الوعرة باتجاه القرية المنسية «بن حمزة»، كشف لنا عن الاهتراء الكبير الذي تعرفه الطريق الرئيسية التي أخذت منها الحفر العميقة مكانا كبيرا، وكثيرا ما تتحول إلى برك للمياه الضحلة خلال تساقط الأمطار. أما بقية المسالك الفلاحية التي تربط بين السكنات، فقد قام بشقّها سكان القرية، وعلى عاتق ميزانيتهم الخاصة. يؤكد بعض السكان الذين تحدثت معهم «المساء»، أن غياب شبكة الطرق جعل من المنطقة قرية فلاحية معزولة تنتج فقط بعض أنواع الكروم، فالسكان الذين يقطنون بها هم من العائلات المالكة لقطع الأراضي التي ورثتها أبا عن جد، وهو الأمر الذي حال دون توجيه مشاريع تنموية ذات منفعة عمومية، وفي مقدمتها إعادة تزفيت شبكة الطرق. الماء لا يزور القرية إلا نادرا أزمة العطش على مستوى القرية لا تتوقف فقط في فصل الصيف، بل هي معاناة حقيقية على مدار السنة، حيث كثيرا ما تجف الحنفيات على مستوى بعض المنازل التي زودت بشبكة الماء الصالح للشرب، غير أن الكثير من القاطنين بالقرية لا يزالون يتزودون بمياه الآبار التي سرعان ما تجف. وكثيرا ما ترغم العائلات على حفر مربعات في الأرض لملئها بالمياه وتستعمل في الغسل. ويقول «محمد» أحد القاطنين بالقرية، بأن مشكل المياه مطروح على مدار السنة، وكثيرا ما تعتمد العائلات على ملء الصهاريج لسد حاجة التزويد بهذه المادة الحيوية، أمام مشكلة جفاف الحنفيات التي تعود السكان عليها منذ سنوات. الغاز الطبيعي حلم الجميع القرية المعزولة طبيعيا بحكم تواجدها في مترفعات جبلية، جعل سكانها يعانون من انخفاض درجة الحرارة، لكن ما زاد الطين بلة؛ غياب الغاز الطبيعي، هذا المشروع الذي بقي حلم سكان القرية التي بقي قاطنوها يتكبدون معاناة البرودة القاسية في الشتاء، أمام النقص الفادح في قارورات غاز البوتان التي يكثر عليها الطلب في فصل الشتاء، ويرتفع ثمنها إلى أضعاف مضاعفة، حيث يصل سعر قارورة غاز البوتان في فصل الشتاء إلى 350 دينارا، وهو الأمر الذي تعاني منه كثيرا العائلات القاطنة بأعالي القرية، وغالبا ما يجبرون على استعمال الحطب للتدفئة. الفلاحة الحل الأخير للشباب شباب المنطقة، على اختلاف مستوياتهم الدراسية، لم يجدوا حلا للبطالة التي يعانون منها سوى ولوج عالم الشغل في القطاع الفلاحي، بحكم أن قرية «ابن حمزة» منطقة فلاحية بامتياز، تنتج أنواعا كثيرة من الكروم، حيث يؤكد «سعيد»، وهو حامل لشهادة جامعية، أنه اضطر إلى العمل في الحقول الفلاحية، بعد أن استحالت لديه فرص العمل في منصب إداري، مؤكدا في معرض حديثه أن النشاط الفلاحي بقي الحل الأخير لشباب قرية «ابن حمزة»، أو التوجه لميدان البناء، بعد أن شحت مناصب العمل عليهم، إلا فيما يخص فئة قليلة لا تزال تعاني وتكافح في سبيل العمل على مستوى المدينة، وسط ظروف كارثية، أمام النقص الفادح في وسائل النقل.