أعلنت أمس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم عن فسخ العقد الذي يربطها مع مدرب المنتخب الوطني الصربي ميلوفان رايفاتس. القرار جاء عقب اجتماع مساء الأمس بين الطرفين إنهاء العقد فاجأ الجميع من حيث «سرعته» سواء بالنسبة لأنصار «الخضر» أو الأسرة الرياضية. المفاجأة لا ترتبط بالقرار في حد ذاته بعد الوجه الباهت للخضر أمام الكاميرون، ولكن مرتبط بدوافعه وأسبابه. ومن المنتظر أن يغادر راييفاتس الجزائر هذا اليوم. «الطلاق بالتراضي» جاء بعد انتكاسة الخضر فوق أرضهم أمام المنتخب الكاميروني، حيث «صدم» الوجه الباهت للمنتخب الجزائري كل الأنصار وغير الأنصار. إذ كان شبحا نجا من هزيمة لو احتسب الحكم الجنوب إفريقي ضربة جزاء لا غبار عليها (لمسة يد زفان) داخل منطقة العمليات لصالح الكاميرون. الجزائريون كانوا ينتظرون وجها مغايرا لما شاهدوه، بل لما عايشوه طوال 94 دقيقة. عاشوا على أعصاب مشتعلة طوال أطوار المقابلة التي باتت تطرح الكثير من التساؤلات: هل فعلا عجز «الخضر» عن انتزاع الفوز؟!. الذين تابعوا سير المقابلة لم يلتمسوا «الروح القتالية» المعهودة لدى اللاعبين الجزائريين إذ بدت أطوار المقابلة وكأنها مقابلة غير رسمية أي ودية. ستكون صدمة ثانية إذا صح ما تروج له شبكات التواصل على أن اللاعبين «رفعوا الأرجل» بسبب التشكيلة التي ضبطها المدرب ميلوفان، والتي اعتبرت سبب الأزمة أو «ثورة الكوادر» فغولي وابراهيمي ومجاني... الذين لم يقبلوا البقاء كاحتياطيين (بالنسبة لفغولي وابراهيمي وغزال). المتتبعون لمقابلة الكاميرون لم يفهموا الطريقة العشوائية التي لعب بها الخضر، ونكاد نقول أنهم لعبوا بدون خطة أصلا؟! ثم المتعارف عليه لدى خبراء كرة القدم أن الشوط الثاني هو «شوط المدرب» كما يقولون أي «الكوتشينغ» لكن ذلك لم يحدث. وتواصل الوجه الباهت للخضر حتى بات الأنصار يتمنون نهاية المقابلة تفاديا للفضيحة. رحيل المدرب الصربي يطرح أسئلة جدية أبرزها: هل كان استخدام ميلوفان متسرعا حتى لا نقول خطأ؟. ثم ما هي المقاييس التي اعتمدت؟ ومن هي الأطراف المسؤولة عن استقدام مدرب يستغني عنه بعد ثلاثة أشهر فقط؟! هذا في حد ذاته «فضيحة؟. أمس يقدّمون مشكلة اللغة. لماذا لم يدرس هذا الجانب بالأهمية اللازمة قبل إبرام العقد واستقدام المدرب؟ ناهيك عن الخسائر المالية المرتبطة بالعقد وتفاصيل الفسخ. وأيضا الصورة السلبية التي باتت تروج عن المنتخب الوطني ومسؤولي «الفاف» على أننا لا نحسن اختيار مدرب. أو بالأحرى لا نحسن التعامل مع المدربين وصرنا نربط مصيرهم بالنتائج ونتائج المقابلات فقط، ككل النوادي وفرق الرابطات الكروية الصغيرة. السؤال الثاني: استجابة الفدرالية لثورة الكوادر قد يؤسس لسابقة خطيرة في تسيير المنتخب الوطني، يعني أن يفرض كل لاعب بديل أو مجموعة لاعبين بدلاء منطقهم و«سلطتهم» في اختيار المدرب. هذا بالتأكيد يقلص، بل يلغي سلطة المدرب في اختيار التشكيلة وفي ضبط التاكتيك الأنسب أوالخطة المناسبة. ومن ثمة يصبح «خضرة فوق عشاء» كما يقول المثل الشعبي. ثم إذا كان اللاعبون المتمردون هم من «يفرضون» هذا المدرب دون الآخر، فلماذا إذن نستقدم المدرب أصلا؟! «المتمرّدون» وعدوا روراوة بالفوز في نيجيريا (!؟) كيف؟ لماذا لم يفوزوا في الجزائر أمام جمهورهم؟ هذا ما سبقت الإشارة إليه، أي ما يردده البعض على شبكات التواصل «شبهة رفع الأرجل». دون أن نصل إلى التشكيك، لا نعتقد أن الاستجابة للمتمردين من خلال التضحية بالمدربين هي الحل الأمثل لاسيما فيما يخص المنتخب الجزائري الذي تنتظره مقابلة حسم أمام نيجيريا في 12 نوفمبر القادم يعتبرها الكثيرون مقابلة الفرصة الأخيرة رغم أن عدد المقابلات المتبقية قد تكفي لقلب الموازين وإعادة التفاؤل الذي يظل مرتبطا بنتائج المقابلات الأخرى في مجموعة الموت. ما سبق يدفعنا إلى القول بأن تسريح المدرب الصربي هو بمثابة معالجة خطإ بخطإ. أي خطأ التسرع في انتدابه قبل إعفائه، إضافة إلى أن الإعفاء جاء استجابة لضغوط وتمرد بعض اللاعبين. إلاّ إذا كانت «ثورة الكوادر» بفعل فاعل أي حظيت ب«موافقة مسبقة» وهذه قضية أخرى قد تفتح تفاصيلها للنقاش في الإعلام لاحقا بالنفي أو الإثبات.