أعلن عمار سعداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أمس، استقالته من رئاسة الأمانة العامة للحزب، مبررا قراره الذي أصر عليه أمام أعضاء اللجنة المركزية بالأسباب الصحية، واقترح لخلافته جمال ولد عباس، الذي تمت تزكيته من قبل اللجنة أمينا عاما جديدا للحزب. سادت حالة الترقب أشغال الدورة الثالثة العادية للجنة المركزية للأفلان التي استغرقت 6 ساعات أمس، بفندق الأوراسي بالعاصمة، والسبب ارتبط بإثارة حديث حول اعتزام الأمين العام عمار سعداني، الاستقالة من على رأس الحزب، ليقطع سعداني في ختام أشغال الدورة الشك باليقين، بإعلانه صراحة تنحّيه من قيادة الأفلان، منهيا بذلك عهدته على رأس الحزب العتيد، والتي امتدت لثلاث سنوات، كانت بدايته من نفس المكان عندما زكته اللجنة المركزية في دورتها التي انعقدت في 29 أوت 2013، خلفا لعبد العزيز بلخادم، الذي سحبت منه الثقة في 31 جانفي من نفس العام. وأثير الكثير من الكلام في كواليس أشغال الدورة الثالثة للجنة المركزية، حول مساعي يكون قد قام بها بعض القياديين في الحزب من أجل حمل سعداني، على العدول عن قراره، غير أن هذا الأخير، الذي أصر على الذهاب مثلما أصر على تسيير أشغال اللجنة المركزية وفقما يقتضيه جدول أعمالها بشكل عادي وهادئ، حيث تريث إلى حين استكمال كافة النقاط المتعلقة ببرنامج الأشغال ليعلن عن استقالته الطوعية، والتي ربطها بظروف غيابه الأخير عن الساحة السياسية لأسباب صحية.. وصايا سعداني الأخيرة.. ألح الأمين العام المستقيل من على رأس الأفلان، على تبيان أن قرار مغادرته قيادة الأمانة العامة لا يرتبط بأي خلاف داخل الحزب، وذلك من خلال سؤال طرحه على أعضاء اللجنة المركزية ال494 الذين حضروا أشغال الدورة الثالثة أمس، مفاده "هل يوجد من بينكم أحد سحب منّي الثقة؟". وبعد تلقيه الجواب بالنّفي من القاعة أشار سعداني، إلى أن "في السياسة يوجد طريقان لا ثالث لهما "فإما أن تكون صادقا، شجاعا وصريحا أو تكون مارقا منافقا ولا تتصف بالوفاء"، وأكد بأنه يختار دوما الصراحة، كاشفا بأن غيابه عن الساحة لمدة 3 أو 4 أشهر في الفترة الأخيرة مرده دواعي صحية، قبل أن يضيف "واليوم أريد أن أقدم أمامكم استقالتي، والنظام الداخلي وكذا القانون الأساسي للحزب يسمحان لي بذلك". وأمام تعالي الأصوات الرافضة لذهابه، طلب سعداني، من مؤيديه في الحزب عدم الوقوف أمام قراره وجعل مصلحة الحزب فوق كل اعتبار"، موصيا إيّاهم بالجزائر وبجبهة التحرير الوطني، وبرئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة، الذي شدّد على ضرورة مواصلة دعمه ودعم جهوده وبرنامجه "الذي يضمن الأمن والاستقرار والمناعة لبلدنا والعزّة والكرامة لشعبنا". وأشار بالمناسبة إلى أن الأفلان سيظل بجانب رئيس الجمهورية في كل المواقع والمؤسسات، لا سيما في غرفتي البرلمان والمجالس المنتخبة وكذا في القاعدة الشعبية بشكل عام". إشادة بالرئيس والمجاهدين وأسرة الإعلام بخلاف خطاباته السابقة التي امتازت بالحدّة والتهجّم الصريح على الخصوم مثلما كان عليه الحال في خطابه أمام أمناء المحافظات في الخامس أكتوبر الجاري، والذي يكون هو السبب حسب الكثير من المحللين في التعجيل برحيله من على رأس الأفلان، ألقى عمار سعداني، في أشغال الدورة الثالثة للجنة المركزية خطابا هادئا أوحى للحاضرين بأن الرجل يريد أن يتدارك العثرات التي وقع فيها في الفترة الأخيرة، وحملت كلمة الأمين العام المستقيل التي ضمّنها في تقرير نشاط المكتب السياسي، إشادة كاملة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وبإنجازاته الكبيرة وفضائله التي سجلها له التاريخ خلال مختلف المراحل والحقبات التي مرت بها البلاد، وحث سعداني بالمناسبة قيادات الحزب وكذا المناضلين على ضرورة البقاء أوفياء للرئيس بوتفليقة، مهما كانت الظروف، مستنكرا في المقابل الحملات الإعلامية "المسعورة" التي تستهدف مؤسسات الدولة الدستورية وفي مقدمتها مؤسسة رئاسة الجمهورية، حيث قال في هذا الإطار "نذكّر الجميع بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، زكّاه الشعب الجزائري في 17 أفريل 2014، في انتخابات تميّزت بالمسؤولية والشفافية وجرت داخل الحدود الوطنية". كما أشاد سعداني، ببطولات شهداء الثورة التحريرية ومجاهديها، مندّدا "بالتصريحات المنبوذة التي تنعت بكل وقاحة جهاد الأبطال الجزائريين بالإرهاب"، معتبرا هذه التصريحات المرفوضة الصادرة عن المسؤولين الفرنسيين الرسميين وغير الرسميين "تدخل في سياق المناورات السياسية والسباق للرئاسة الفرنسية". وفي حين أكد أن ما اقترفه الاستعمار الفرنسي في الجزائر يعد إرهابا، استدل سعداني باحتفاظ السلطات الفرنسية برفاة جماجم المقاومين الشهداء الجزائريين في متحف الإنسان بباريس، منوّها في نفس السياق بإرادة الرئيس بوتفليقة على بذل كل المساعي والجهود لاستعادة هذه الرفاة ودفنها بكرامة في أرض الجزائر الطاهرة.. واغتنم الأمين العام المستقيل من على رأس الأفلان، فرصة إحياء أسرة الإعلام لعيدها الوطني المصادف ل22 أكتوبر، ليعرب عن عرفانه وامتنانه للجهود التي تبذلها أسرة الصحافة من أجل تكريس مبادئ الحرية والحق في التعبير والممارسة الديمقراطية ومرافقة الطبقة السياسية بشكل عام وحزب جبهة التحرير الوطني بشكل خاص. وجدد بالمناسبة الإرادة الصادقة لقيادة الحزب وسعيها من أجل بناء منظومة إعلامية تتميّز بالاحترافية والالتزام بأخلاقيات المهنة، "تعمل على إعلام المواطن بالحقائق ويكون فيها الصحفي محميا بحقوقه المهنية والاجتماعية". وبعد إلحاحه على ضرورة التحضير الجيّد للحزب لخوض غمار الانتخابات المقررة العام المقبل، والاحتفاظ بريادته للساحة السياسية أشار سعداني، إلى أن الرهانات القادمة تفرض على الحزب البقاء مجنّدا وواعيا، "لاسيما وأن جميع المنافسين يستهدفونه"، داعيا بالمناسبة الطبقة السياسية إلى الالتزام بالتنافس السياسي النزيه والإيجابي خلال هذه المواعيد الانتخابية إعلاء للممارسة الديمقراطية النّزيهة والمصلحة العليا للبلاد. جمال ولد عباس أمينا عاما للأفلان زكى أعضاء اللجنة المركزية السيّد جمال ولد عباسو أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني خلفا للسيّد عمار سعداني. وجاءت تزكية ولد عباس الذي يعتبر عضو مكتب سياسي في الحزب ويشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي، بعد اقتراحه من قبل الأمين العام المستقيل. وفي كلمته أمام أعضاء اللجنة المركزية أبرز الأمين العام الجديد الدور المتميز الذي قام به سعداني، أثناء توليه قيادة الحزب، مستشهدا بالحصيلة الايجابية والمكاسب التي حققها الأفلان في عهده، ومنها ارتفاع عدد المحافظات والقسمات وعدد المنخرطين في الحزب". وفي تصريحه للصحافة عقب اختتام أشغال الدورة الثالثة للجنة المركزية، أكد الأمين العام الجديد لحزب جبهة التحرير الوطني، أن استقالة السيّد سعداني، من منصبه كان سببها "ظروف صحية وليس ضغوطات"، مشيرا إلى أن هذا الأخير سيبقى عضوا في اللجنة المركزية. وإذ أكد بأن مهمة توحيد صفوف الحزب ستكون من أولويات عمله، دعا ولد عباس، كل المناضلين وإطارات الحزب إلى الالتفاف حوله، مؤكدا بأن أبواب الأفلان مفتوحة، وأنه مستعد للاستماع لكل الأطراف والمناضلين الذين يلتزمون ببرنامج الحزب القاضي بدعم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وبرنامجه.