لا يزال المكمل الغذائي «رحمة ربي» يثير جدلا حادا بين المختصين والمرضى بعد آخر التطورات المسجلة حول صاحب هذا «الدواء المعجزة» والتي تأكد على إثرها أن مخترعه لم يكن يوما طالبا بجامعة جنيف السويسرية ولم يتخرج منها بدبلوم في الطب كما أعلن هو في العديد من المرات، وتأتي هذه المستجدات لتدخل هذا المخترع المزعوم في خانة المشتبه به بعد أن أثار الشك حول مصداقية الشهادات التي كان يلوح بها للترويج لاختراعه. ❊علي عون: لم يكن لدينا موظف أو باحث بهذا الاسم في صيدال المكلفة بالإعلام بجامعة جنيف نفت أمس، في اتصال مع تلفزيون «النهار» أن المدعو توفيق زعيبط لم يكن مسجلا بهذه الجامعة ولم يسبق أن درس بها ولو يوما واحدا، وهو التأكيد الذي ينفي نفيا قاطعا كل ما صرح به صاحب المكل الغذائي «رحمة ربي» والتي مفادها أنه درس بالجامعة في كلية الطب والبيولوجية. زعيبط من جهته رغم تراجعه واعترافه بعدم تخرجه من ذات الكلية وعدم مناقشته لأطروحة الدكتوراه بها، إلا أنه ألح وتمسك بالقول أنه درس بعض الوحدات ولفترة معينة بذات الكلية قبل أن يتخلى عن الدراسة والتحول إلى البحث الذي أدرك أن لديه قدرات كبيرة فيه على حد قوله. نفس الجواب كان قد تلقاه الدكتور سموك محمد شوقي، طبيب مختص في الجراحة العامة يوم 10 ديسمبر الجاري من جامعة جنيف (تملك المساء نسخة من نص التوضيح المرسل)، حيث أكدت له أنه لا يوجد أي شخص باسم توفيق زعيبط تخرج منها. من الجانب القانوني لهذه القضية، أكد المحامي نجيب بيطام في اتصال مع «المساء» أنه يجب الفصل بين وضعية منتج «رحمة ربي» ووضعية صاحبه لأن المشكل في القضية ليس المكمل الغذائي وإنما في صاحبه الذي تقدم في بداية ظهور هذا المنتوج وخلال الترويج له على أنه دكتور متخرج من جامعة جنيف. وأوضح المحامي أن المكمل الغذائي إذا كان قد مر على التحاليل ومنحت له الرخصة لتسويقه فهذا لا لبس عليه ولا إشكال وإنما المشكل المطروح حسب الأستاذ بيطام هو كيف تحصل هذا الشخص على الاعتماد والرخصة لتسويق هذا المنتج بالصيدليات وليس بالفضاءات التجارية الأخرى؟! السؤال المطروح والذي أتت الإجابة عليه هو أن المدعو زعيبط ليس عنده ولا مؤهل جامعي وهذا بتأكيد الجامعة السويسرية التي ادعى بأنه درس بها مطالبا في هذا السياق وزارة التجارة (كما يؤكد الأستاذ بيطام) بتقديم توضيحات ورفع اللبس بحيث إذا كان قد قدم ملفا يتوفر على المؤهلات العلمية الضرورية ونتائج التحاليل التي ذكرها صاحب هذا المنتج. فإن لا مشكل ولا مانع من تسويقه وأما إذا تبين أنه زوّر أو تحايل ففي نظر القانون يتعلق الأمر بقضية انتحال صفة الغير والنصب والاحتيال وحينها ستتحرك العدالة. الأستاذ بيطام دعا وزارة التجارة إلى توضيح الأمور في أسرع وقت عن طريق تصريح أو بيان يطلع عليه الرأي العام، تكشف فيه عن الوضعية القانونية لملفه وهل تمت دراسة ملفه كما ينبغي وهل القانون يشترط مؤهلا علميا لمنحه الاعتماد وتسويق المكمل الغذائي أو لا؟ وذلك لرفع اللبس عن هذا الجدل القائم والذي أدخل المرضى المصابين بالسكري في قلق وحيرة بعد أن تم الترويج لهذا المنتوج على أنه الدواء المعجزة الذي يشفي من السكري. وزارة الصحة تتحمل مسؤولية بعيدة نوعا ما وغير مباشرة رغم أنها مسؤولة عن حفظ الصحة العمومية، علما أن الصيدليات تابعة لهذا القطاع حسب الأستاذ بيطام الذي تساءل كيف لوزارة الصحة السماح ببيع هذا المكمل الغذائي بالصيدليات وبشكل حصري خاصة وأن هذا المنتوج تم الترويج له بأنه دواء شاف وبأن صاحبه طبيب مما بعث الطمأنينة والارتياح في نفوس المواطنين وعلى الخصوص مرضى السكري. جنان: منتج زعيبط خطر كبير على المرضى يجب محاربته بكل الطرق القانونية رئيس المجلس الجهوي لأخلاقيات الطب لمنطقة الشرق، الدكتور رشيد جنان من جهته أكد أمس، في تصريح لمراسل «المساء» بقسنطينة خالد حواس أن المكمل الغذائي لداء السكري المسمى «رحمة ربي» والذي يعتبره بمثابة خطر كبير على المرضى يجب محاربته بكل الطرق القانونية التي من شأنها أن تحمي كل الجزائريين وخاصة المرضى منهم. واعتبر أن المدعو توفيق زعيبط غش كل الجزائريين والذين تعتبر صحتهم بمثابة خط أحمر لا يمكن التلاعب بها بأي حال من الأحوال. هذا الشخص مطالب بالاعتذار لكل الجزائريين على ما قام به فيما يتعلق بحكاية دواء السكري الذي ادعى أنه اخترع والذي أصبح بعدها بمثابة مكمل وليس دواء. وكمجلس أخلاقيات مهنة الطب، لا يمكنه وضع اليد في اليد مع المعني ولن يتعامل معه بأي حال من الأحوال لأنه اتخذ طريقا بعيدا كل البعد عن مهنة الطب النبيلة والتي تعتبر إنسانية أكثر من أي شيء آخر سواء كان تجاريا أو غيره. وأكد جنان في هذا السياق على مواصلة المزيد من المجهودات من أجل حماية المهنة من كل الدخلاء والرقي بها بالشكل الذي يتم من خلالها المحافظة على هيبتها وتحسين الخدمة. وزارة الصحة: نحن أمام تركيبة غذائية وعلى المرضى التمسك بالعلاج الموصوف من قبل الطبيب وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أكدت من جهتها أن الأمر المتعلق باختراع زعيبط كان في البداية لا حدث غير أن «التهويل» الإعلامي والتهويل على مواقع التواصل الاجتماعي جعلت منه حدثا رغم وجود العشرات من المكملات الغذائية التي تباع وتستهلك في الصيدليات وخارج الصيدليات. وقال المستشار الإعلامي لوزارة الصحة السيد سليم بلقسام إن الأمور بالنسبة لوزارته واضحة حيث لسنا أمام تركيبة يمكن أن نسميها دواء بل نحن أمام تركيبة غذائية منتجة من مواد طبيعية ليست لها صفة الدواء ولا يمكن أن تستعمل كبديل للدواء، ولهذا فإن وزارة الصحة تطلب من كافة مرضى السكري ألّا يتخلوا عن العلاج الذي يصفه الطبيب و إذا أرادوا استعمال هذه التركيبة عليهم استشارة الطبيب الذي تعود إليه الكلمة الأولى والأخيرة. بلقسام جدد أنه إلى حد الساعة نحن أمام تركيبة مهما قيل وكتب. وأنه إذا رغب صاحب هذه التركيبة الدخول في نسق التجارب العلمية بغية الوصول إلى دواء فيمكن له أن يفعل ذلك من خلال الترتيبات المعروفة كالتحاليل والتجارب وغيرها لأن اختراع أي دواء ليس بالأمر السهل وفي كل بلدان العالم الدواء هو المجال الأكثر تقنينا ومراقبة كونه يؤثر مباشرة على صحة المواطن ولا يمكن أن نضع في السوق دواء دون التأكد من نجاعته وسلامته ومطابقته. فيما يخص ما قيل ويقال عن استقبال المعني بالأمر من قبل الوزير - يضيف بلقسام - فإن الوزير لم يستقبل هذا الشخص فقط وإنما استقبل العديد من الأشخاص منهم من تقدم بأفكار وأطروحات حول حلول أو علاجات جديدة ويقوم بذلك من مقامه كوزير وعليه واجب فتح الأبواب أمام كل الكفاءات والإرادات الطيبة. فيما يخص هذه القضية بالضبط، يوضح سليم بلقسام سبق للوزير أن طلب من زعيبط إن أراد أن يصبح منتجه دواء أن يتقدم إلى المخابر المخولة لإدخال تركيبته في مسار الدواء. قضية المكمل الغذائي «رحمة ربي» أو الدواء المعجزة كان قد تناولته «المساء» منذ البداية في ملف مطول ومفصل، أشركت فيه مختصين وجميع الهيئات المعنية من عمادة الأطباء والصيادلة الذين حذروا من خلاله مرضى السكري من مغبة التخلي عن العلاج سواء بالأنسولين أو الأقراص. نشر الملف في 8 ماي الماضي وترك ردود فعل مختلفة تمتد تفاعلاتها إلى اليوم. كما كشف المدير العام الأسبق لمجمع «صيدال»، علي عون في تصريح لقناة «النهار» أن مخترع المكمل الغذائي «رحمة ربي» توفيق زعيبط قام بعملية تزوير وتحايل على القانون، مؤكدا في تصريح لقناة «النهار» أن زعبيط لم يعمل بأي صفة في المجمع، مشيرا إلى أن المعني بالأمر وقع عقدا مع صيدال لمعاينة بعض التجهيزات وهو لم يكن يوما إطارا بالمجمع. وقال عون إن قضية المكمل الغذائي هي مشكلة تمس صحة المواطن خاصة مرضى السكري، مضيفا أن تسويق أي مكمل غذائي يجب أن يحتوي على ملف يوضع لدى مصالح وزارة الصحة كما تكون مراقبة على هذا الملف، داعيا الجهات المعنية إلى توقيف تسويق هذا المنتوج. عون كشف في تصريحه أن المعني بالمكمل الغذائي لم يقم بأي أبحاث على الحيوانات ولا تحاليل قبل تسويقه واستهلاكه من قبل مرضى السكري مؤكدا أن المسؤولية تقوم على عاتق وزارة الصحة قبل وزارة التجارة.