يُعد التياترو بتونس من أهم المؤسسات الخاصة التي قدمت الكثير لمجال المسرح في تونس، ليكون بذلك الهيكل العربي الوحيد الذي استطاع أن يصنع لنفسه مكانة هامة، خوّلت له بأن يكون مقصد الشباب المبدعين من المسرحيين، حيث يوجد حاليا 300 تلميذ يتلقون تكوينا بالتياترو الذي تديره السيدة زينب فرحة منذ سنوات، والتي استطاعت أن تقدّم للمسرح التونسي خيرة الأسماء. وحول مسارها ومسار التياترو كان ل «المساء» لقاء مع مديرة التياترو. عرّفينا على فضاء التياترو بتونس؟ ❊❊فضاء التياترو بتونس فضاء مسرحي للتكوين، وهو الفضاء الوحيد في العالم العربي المستقل. تأسس سنة 1987 من طرف الفنان توفيق الجبالي، يضم ثلاث قاعات للتكوين ورواقا خاصا وتياترو استوديو مخصصا للتكوين. ويتبع خطا فلسفيا وفنا خاصا، كما أنه فضاء مواطنة وفضاء. احتضن التياترو على مدار 30 سنة كل التجارب اليتيمة في تونس، كالرقص المعاصر ونوادي السينما، وفي نفس الوقت هو فضاء للاستقلال، فكل التجارب المسرحية مرت ولا تزال تمر عبر التياترو، والفضاء مفتوح على تجارب عديدة واقتراحات فنية. وهناك العديد من الفنانين تخرجوا من التياترو كالفنان المعروف عاطف بلحسين، الذي قدّم عدة أعمال مع توفيق الجبالي، ليقدم أول تجربة مسرحية له إلى جانب الفنانة خولة الهادف. كما لا يهتم التياترو بالجانب التجاري؛ لأننا نعتقد أن هدفنا التكوين قبل كل شيء، ثم يأتي الجانب التقني، فما يهمنا هو الإبداع وتقديم الأعمال الخارجة عن المألوف، وهو ما يبني المسيرة الفنية للفنان. ماذا قدّم التياترو بعد «ثورة» تونس كما تحبين تسميتها؟ ❊❊نحن كمسرح مستقل قدّمنا منذ «الثورة» ثلاث مسرحيات مهمة، أولها «صفر فاصل»، وهو ما كنا نُنعت به من طرف الإسلاميين بتونس سنة 2011، وتدور أحداثها بداخل مشرحة، وهناك يحدث تزوير في الانتخابات الرئيسة. وفي هذا السياق عرضنا هذه المسرحية أكثر من 150 مرة في ربوع الجمهورية، ثم قدّمنا مسرحية «التابعة» التي تعني في المخيال التونسي النحس أو الشيء غير المحبوب. وتتحدث المسرحية عن المجتمع الذي يعمل المستحيل لإنقاذ نفسه من قوى الردة. كما تبرز دور الفنان المبدع، وكيف يمكنه كسر هذه التابعة والعودة إلى القيم الأولى: «شغل، حرية، كرامة، وطنية» والتي قامت عليها الثورة التونسية. كيف يمكنك تقييم التواصل العربي مسرحيا؟ وما مستقبل المسرح العربي؟ ❊❊كل تلاق للفنانين والمسرحيين العرب جيد، ونحن في العالم العربي لا يوجد عندنا الكثير من اللقاءات المسرحية عدا لقاء مهرجان قرطاج المسرحي والمسرح التجريبي بالقاهرة. كما فقدنا الأيام المسرحية بالأردن التي أسسها الفنان نادر عمران، وهو مهرجان الفرق المستقلة المسرحية. ونسعى حاليا لإعادة هذا المهرجان. مثل هذه اللقاءات مهمة لأنها تكشف عن المواهب. ماذا تتوقعين للحياة المسرحية في تونس في ظل الانتقادات التي وجهتموها للمعهد العالي للفنون الدرامية؟ ❊❊أنا كإدارية أرى أن معظم المعاهد العربية المسرحية تُحدث قطيعة بين الحرفيين في القطاع والمدرّسين في المعاهد العليا، إذ يحمل معظمهم شهادات دكتوراه في عدة اختصاصات، كالأدب والفلسفة وعلم النفس، وهو ما لا يساعد على تكوين مبدعين في مجال المسرح والخشبة وسط هذه القطيعة مع الحرفيين. لكن هذا لا يمنع من وجود أساتذة لهم تجربة في العمل المسرحي، كالأستاذ فتحي العكالي، وهو تلميذ من تلاميذ توفيق الجبالي، ولكن لا يوجد لقاء حميمي ما بين الطلبة والهياكل المهنية، وهو ما نتأسف له، وفي هذا السياق أقول إن كل شيء يتحمله مديرو المؤسسات. بالمقابل تعرّفت خلال مدة عملي على مديرين منفتحين ووقّعنا اتفاقيات، وكانت تجربة ناجحة لصالح المبدعين الشباب. وكان السيد محمد إدريس هو أحد رموز التعاون. وقد اكتشفنا بعد 4 سنوات من التكوين، عدة أسماء فنية على غرار زهرة الزموري مخرجة مسرحية «الدوخة» خلال حفل التخرج؛ بسبب انفتاح المدير على التياترو والحرفيين.