شرعت لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان بمجلس الأمة أمس، في مراجعة النظام الداخلي للمجلس وتكييفه مع أحكام الدستور الجديد والقانون العضوي الناظم للعلاقات بين الحكومة والبرلمان، لا سيما ما تعلق منها بتقنين حقوق المعارضة السياسية وفرض القواعد الانضباطية التي تشمل بالأساس إلزام الأعضاء بحضور الجلسات وكذا تقنين منع التجوال السياسي بين الأحزاب والكتلات البرلمانية، فضلا عن أزيد من 20 إجراء آخر عدّدها رئيس المجلس عبد القادر بن صالح الذي لفت إلى أن الضرورة تستدعي الخوض في هذا العمل وعدم انتظار المجلس الشعبي الوطني المنشغل بالتحضيرات المرتبطة بالتشريعيات القادمة، في وقت عرف فيه إعداد النظام الداخلي تأخرا بعد مرور أكثر من سنة على صدور الدستور الجديد. اعتبر بن صالح خلال إشرافه على اجتماع لجنة الشؤون القانونية، تعديل النظام الداخلي لمجلس الأمة، حلقة جديدة ولبنة أساسية من أجل تتويج مسار إصلاحات كبيرة عرفتها البلاد خلال العشريتين الأخيرتين، مشيرا إلى أن تأخر إعداد هذا المشروع التمهيدي، مرده إلى الخلافات التي حصلت بين أعضاء التشكيلة المشتركة بين المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة حول بعض الأحكام التي بقيت حسبه عالقة إلى الآن.. في حين لفت إلى أن اللجنة القانونية في المجلس الشعبي الوطني التي شرعت منذ مدة في عملها، سرعان ما توقفت بسبب دخول البلاد في مرحلة الإعداد للانتخابات النيابية ل4 ماي القادم، أكد بأن مجلس الأمة كان لزاما عليه مواصلة العمل لوحده، وعدم انتظار المجلس الشعبي الوطني إلى غاية الانتهاء من ترتيب أمور البيت لديه. في سياق متصل، أشار بن صالح إلى أن مراجعة النظام الداخلي لمجلس الأمة، تقتضيه التغييرات الدستورية والقانونية الهامة، التي عرفتها البلاد «والتي تعززت بموجبها مكانة البرلمان وقوت من صلاحياته ودققت مجالات عمله». وإذ أوضح بأنه منذ صدور الدستور المعدل «كان منتظرا من مجلس الأمة مراجعة نظامه الداخلي واستبداله بنظام جديد يتطابق مع الأحكام الدستورية الجديدة ويتكيّف مع تلك التي جاء بها القانون العضوي الناظم للعلاقات بين غرفتي البرلمان والحكومة»، دعا رئيس مجلس الأمة أعضاء اللجنة القانونية والإدارية وحقوق الإنسان، التي أسندت لها مهمة إعداد النظام الداخلي للغرفة العليا، إلى اعتماد صياغة خاصة ودقيقة، مذكرا في هذا الخصوص بأن نص النظام الداخلي، يخضع وجوبا لرقابة المجلس الدستوري المسبقة مثله في ذلك مثل القانون العضوي، وذلك وفقا لأحكام الدستور الجديد. كما أكد بن صالح ضرورة مراعاة الحيطة والدقة في صياغة النظام الداخلي للمجلس، مع احترام حدود الصلاحيات وممارسة واجب الرقابة الذاتية، مشيرا إلى أن تجربة عمل المجلس طيلة 20 عاما بيّنت وجود ثغرات ونقائص عديدة «يجب تداركها ومعالجتها خلال هذه المراجعة». وعدد بن صالح نحو 23 إجراء جديدا تضمنته أحكام الدستور الجديد والقانون العضوي الناظم للعلاقات ومطلوب تقنينها في النظام الداخلي المقبل لمجلس الأمة، من أبرزها تقنين حقوق المعارضة والتزام عضو مجلس الأمة بحضور جلسات اللجان والجلسات العامة وتسجيل إجراءات الانضباط البرلماني اللازمة لذلك، وكذا تقنين منع التجوال السياسي بين الأحزاب والكتل البرلمانية في مجلس الأمة، وذلك في باب تكوين وتأسيس المجموعات البرلمانية. وستعكف اللجنة أيضا خلال عملية المراجعة على تقنين نصاب التصويت الجديد وتقنين إجراءات حل الخلاف بين الغرفتين حول حكم أو أحكام من النصوص التشريعية، علاوة على تقنين نظام التصويت على مخطط عمل الحكومة وكذا صياغة وتقنين كيفية تعامل مجلس الأمة مع بيان السياسة العامة للحكومة. كما تشمل المراجعة أيضا تقنين نظام الدورة البرلمانية الواحدة في مجلس الأمة وحق المجلس في المبادرة، وتقنين إيداع الوزير الأول لدى مكتب المجلس مشاريع القوانين المتعلقة بالتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي، فضلا عن إجراءات الأسئلة الشفوية والكتابية التي يطرحها أعضاء مجلس الأمة على أعضاء الحكومة، وصياغة إجراءات تعامل مجلس الأمة مع عرض الحكومة عن استعمال الاعتمادات السنوية، والتنصيص على مبدأ انتخاب أعضاء مجلس الأمة في تشكيلة المجلس الدستوري والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وتقنين التدابير المتعلقة بتصويت مجلس الأمة على مبادرة رئيس الجمهورية بتعديل الدستور بواسطة الاستفتاء الشعبي والإجراءات المرتبطة بتشكيل لجان التحقيق البرلماني. ولفت بن صالح في هذا الإطار إلى أنه في حال بقيت أحكام خلافية بين غرفتي البرلمان حول بعض المواضيع والأحكام، «فستتم معالجتها في حينها»، ملاحظا في هذا الصدد بأن المطابقة بين النظامين الداخليين ليست مشروطة... الدعوة إلى مشاركة قياسية في الموعد الانتخابي القادم من جانب آخر، دعا رئيس مجلس الأمة النخبة الوطنية وجميع فعاليات المجتمع إلى مضاعفة الجهد لتحفيز المواطن على المشاركة القياسية في الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في 4 ماي القادم، مؤكدا أهمية هذا الموعد الانتخابي الذي من شأنه إقامة مؤسسات منتخبة تمثيلية تستجيب لآمال الشعب الجزائري. وقال بن صالح في هذا الخصوص إنه «من الواجب اليوم والشعب الجزائري يستعد لخوض منافسة انتخابية بالغة الأهمية، دعوة الجميع إلى مضاعفة الجهد من أجل تحفيز المواطن على المشاركة القياسية في هذا الموعد الانتخابي البالغ الأهمية»، معتبرا المشاركة الشعبية الواسعة «هي وحدها الكفيلة بإقامة مؤسسات منتخبة تمثيلية ووازنة تكون في مستوى آمال الشعب الجزائري». كما أوضح بأن إصدار القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لمراقبة الانتخابات ودسترتها، تعتبر إجراءات تؤكد «بما لا مجال فيه للشك» صدق النيات والحرص الأكيد من أجل العمل على نزاهة وشفافية الانتخابات، استكمالا لدولة الحق والقانون، لافتا في نفس الصدد إلى أن المصادقة على دستور فيفري 2016 هو تكملة لسلسلة الإصلاحات العميقة التي شملت كافة القوانين التي تنظم الممارسة الديمقراطية في البلاد وتعززها، سواء تعلق الأمر بالانتخابات أو الأحزاب أو تمكين المرأة في إطار المجالس المنتخبة. وجدد بن صالح التأكيد على أن كافة التعديلات التي تندرج في إطار الإصلاحات العميقة والشاملة التي بادر إليها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أرست قواعد بناء الدولة الحديثة ووفرت وكرست أجواء المصالحة الوطنية وهيأت البلاد لولوج عالم التنمية.