ينظم مخبر وسائل التقصي وتقنيات العلاج بجامعة وهران، خلال الأيام القليلة المقبلة، يوما دراسيا وطنيا حول إشكالية المكتئب في وجود العلاج الطبي وغياب العلاج النفسي، بهدف توجيه الباحثين نحو تقديم دراسات ميدانية حول العلاجات النفسية للاكتئاب، وكذا البحث عن أهم المشاكل التي يعاني منها الشخص المصاب بهذا الداء، وهو مرض نفسي جدي، خصوصا في غياب التكفل النفسي اللازم. يعتبر الاكتئاب مرض العصر، بحيث يؤدي إلى العديد من المشاكل العاطفية والجسمية، فهو يساهم في رفع نسبة التعرض لمرض القلب والسكري والتي تعد من أكثر أسباب الوفيات في العالم. الاكتئاب مرض له أعراض نفسية وجسدية، ويتميز بالشعور المستمر بالحزن والتشاؤم والإحساس بالذنب، وفقدان الاهتمام والدافعية، واحتقار الذات في غياب هدف الحياة، والنفور من النشاطات اليومية، فهو يؤثر على مزاج الأفراد ويؤدي إلى تغيرات في طريقة التفكير والمشاعر والسلوكيات ويؤثر على حياة الأشخاص من مختلف جوانبها، ويمكن أن يدفعهم إلى إلحاق الأذى بأنفسهم أو بمحاولة الانتحار، وكلما بقي الشخص المكتئب فترة أطول دون علاج زاد وضعه الصحي والنفسي سوءا وتدهورا، وقد يتفاقم الأمر ويؤدي إلى مشاكل عائلية وأسرية ومهنية عويصة. الملاحظ في المستشفيات العقلية في الجزائر عامة، توافد الأشخاص المكتئبين على الأطباء العقليين للفحص، والحصول على الوصفات الدوائية، هذه الأخيرة التي تخفض من مخاطر اللجوء إلى الانتحار، لكن في غياب المتابعة والتكفل النفسي تبقى الحالات المكتئبة تعيش في دوامة هذا المرض دون الوصول إلى تحقيق الهدف المتمثل في الشفاء والتخفيف من الألم والمعاناة النفسية، ولعل غياب ذلك الاهتمام والمتابعة النفسية المرفقة بالعلاج الدوائي هو أكثر ما يحتاج إليه الشخص المصاب، إذ أن الدراسات أثبتت أن الاهتمام النفسي هو الأكثر فعالية في علاج العديد من الأمراض التي لها تأثيرات نفسية، لاسيما الاكتئاب منها. وكذا الفهم الأفضل لهذا المرض، يقول المختصون المنظمون لليوم الدراسي، وكيفية علاجه هو البداية للوصول إلى تحقيق صحة نفسية وجسدية سليمة، وما يتوجب الالتفات إليه هو الزيادة في خدمات الرعاية بالصحة النفسية، وإتاحتها للجميع. يرمي هذا اليوم الدراسي إلى البحث عن الأسباب التي تقف وراء غياب التكفل النفسي لإيجاد السبل والحلول الفعالة للأخذ بيد المكتئب والتركيز على جانبه النفسي وليس فقط الجسدي. كما أن التعرف على أهم المشكلات التي يعاني منها المكتئب، ستساعد على الوصول إلى تحديد تقنيات جيدة للتكفل بالمريض، وفق برامج علاجية يلعب كل من الطبيب والأخصائي النفساني دورهم على أكمل وجه فيها. ويأتي إبراز دور الأخصائي النفساني في التكفل وإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة هذا الاضطراب، إذ أكد المختصون أن العلاجين النفسي والجسدي أي البرامج النفسية والأدوية، مكملة لبعضهما البعض، إذ لا يكون كل واحد منهما فعالا دون الآخر. كما سيكون اليوم الدراسي فرصة للبحث عن تبادل الخبرات بين قطاع الصحة والجامعة للمساهمة في توعية الأخصائيين النفسانيين بأهمية تكوينهم في مجال العلاج النفسي لاضطراب الاكتئاب. سيتم خلاله تناول العديد من المحاور الأساسية للبحث عن اقتراحات جدية تعتم بهذا الاضطراب وتنظر إليه نظرة جدية، على أساس أنه مرض يمكن علاجه، ولا يجب الاستهانة به وتهميش المصابين إلى درجة يصبحون مرضى يتناولون أدوية، فقط تهدءهم دون علاجهم. سيتطرق المختصون خلال المحور الأول إلى التعريف بالاكتئاب، أسبابه وتشخيصه، وأهم المشاكل التي يعاني منها المصاب به، كما سيتم التطرق في المحاور الأخرى إلى دور الأخصائي النفسي في بناء البرامج العلاجية للمكتئب، ومختلف الصعوبات التي يواجهها الأخصائي النفسي في التكفل بالحالات المكتئبة. الجدير بالذكر أنه سيشارك في اليوم الدراسي العديد من الخبراء في المجال الطب العلاجي، إلى جانب خبراء نفسانيين ومرافقين من المصحات العقلية.