بدأت تأثيرات قطع بلدان خليجية وعربية علاقاتها مع قطر تظهر منذ الأمس، حيث عرفت أسعار النفط انتعاشا طفيفا ووصل سعر برميل البرنت إلى أكثر من الخمسين دولارا قبل أن يتراجع قليلا إلى ما تحت الخمسين دولارا، بعد مخاوف يبدو أنها ذات علاقة بإمكانية وقف التعامل باتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط الخاص بخفض الإنتاج إلى غاية الثلاثي الأول من سنة 2018. التعاملات بدأت في الصباح على مستوى السوق العالمية بتسجيل ارتفاع في أسعار البرنت الذي تجاوز عتبة ال50 دولارا للبرميل، لكن سرعان ماعاود الهبوط ولو نسبيا ليصل إلى حوالي 49.40 دولارا. وكانت بلدان «أوبك» قد اتفقت مؤخرا على تمديد العمل باتفاق الجزائر، لكن ماحدث في الآونة الأخيرة من توتر في العلاقات بين قطر وكل من السعودية والإمارات –وهي من الدول الأكثر إنتاجا في المنظمة- خلط الأوراق، لاسيما بعد أن قررت أمس هاتان الدولتان مدعومتان بدول أخرى مثل مصر والبحرين قطع علاقاتها تماما مع قطر. وأجمعت وكالات الأنباء ومختلف وسائل الإعلام والمحللين على القول بأن الغموض مازال يسود التأثيرات التي ستنتج عن هذه الأزمة الدبلوماسية بين دول الخليج على أسعار النفط، باعتبار أن ذلك سيؤثر على عملية اتخاذ القرار داخلها، بالرغم من أن قطر هي بالدرجة الأولى بلد غازي وليس بترولي، إذ لاتتعدى حصتها داخل أوبك 600 ألف برميل. وبالنسبة للخبير الجزائري في مجال الطاقة، السيد مراد برور، فإن هذه الأزمة ستكون لها تداعيات سياسية لكن دون تأثير على السوق النفطية، بالنظر لكون قطر بلد غازي أكثر منه بترولي، فإنتاجه من النفط قليل وبالتالي لايملك وزنا هاما ليؤثر في قرارات أوبك التي تبقى تحت سيطرة المملكة العربية السعودية أكبر المنتجين بالمنظمة. وقال برور في تصريح ل»المساء» إن «تأثير الأزمة على السوق النفطية وعلى الأسعار لايمكن تصوره، لأن قطر ليست منتجا كبيرا للنفط بل منتجا كبيرا للغاز، لا أعتقد أن تأثير الأزمة سيكون بصفة مباشرة، وإنما قد يحدث بسبب تخوفات السوق البترولية من انقطاعات في التموين أو من اندلاع حرب في المنطقة. لكن قطر لاتملك القدرة على مواجهة عسكرية مع السعودية، كما أن المصالح الأمريكية جد حاضرة بهذا البلد، فهناك 50 ألف عسكري أمريكي في الأراضي القطرية، ولهذا لايمكن الحديث عن تطور عسكري للازمة، فأنا استبعده تماما». وعن تأثيرات هذه الأزمة على قرار «أوبك» تخفيض إنتاجها، استبعد الخبير ذلك، معتبرا أن السعودية هي أكبر وأثقل فاعل في المنظمة، لأنها هي التي تملك القدرة على رفع إنتاجها، بينما قطر هو بلد هامشي من حيث إنتاجه للنفط فهو كما قلت بلد غازي بامتياز». وفي نفس الاتجاه ذهبت تصريحات بعض المصادر بقطاع النفط السعودي، حيث ذكرت وكالة «رويترز» نقلا عنها أن الأزمة لن تؤثر تأثيرا كبيرا على صناعة القرار بأوبك، بالنظر إلى كون الخلافات السياسية بين السعودية وإيران، لم تمنع أوبك من الاتفاق، بينما أكد متعاملون أنه من السابق لأوانه قول ما إذا كان الخلاف سيؤثر أم لا. وإذا كانت الأزمة قد عصفت بمجلس التعاون الخليجي، فإن بعض المراقبين يرون أن عدم انضمام الكويت وعمان إلى البلدان المقاطعة لقطر، يعد مؤشرا لإمكانية تجاوز الأزمة، لاسيما عبر وساطة كويتية مثلما حدث في السابق. وهو ماسيقلل من تأثيرات الأزمة على قرارات أوبك، لاسيما وان هذه الدول تحتكم إلى ثلث الاحتياطات البترولية العالمية. وأغلقت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين خطوط النقل مع قطر وكذا حدودها البرية والجوية متهمة إياها بزعزعة استقرار المنطقة، وانضمت إليها كل من اليمن وجزر المالديف.